رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية هو تقريبا الطرف الأكثر جذرية في مواقفه السياسية داخل فريق الثامن من آذار. وهو لا يكتفي بأن يكون حليفاً لحزب الله، إنما يؤدي في مُعظم الأوقات دور المدافع الأبرز عن سياسة «الحزب». وفي أوجّ المعارضة الاقليمية والدولية لنظام الرئيس السوري بشار الأسد، واصل ابن زغرتا الاعتزاز بصداقته بالأسد.
وفي المقابل، برغم الخلاف بين النائب ميشال عون وقائد الجيش جان قهوجي، الا أن علاقة «المردة» مع الأخير ما زالت «وطيدة». ويتبنى البيك هنا مبدأ رئيس المجلس النيابي نبيه بري بتفضيل قهوجي على الفراغ في المؤسسة العسكرية. ويشير المرديون في هذا السياق إلى أن التموضع السياسي لا يفترض أن يحول دون حبك علاقات سياسية وشخصية مع «الخصوم». وعند التمعن بعلاقات المردة مع قوى 14 آذار يتبين التالي: قبل فرنجية مصافحة رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الذي يجمعه به ثقل التاريخ وذكريات دموية. وبرغم توقف التواصل عند حدود «اللجنة المشتركة التي شكلناها منذ قرابة السنتين»، تمكن الطرفان من تهدئة الشارع ومحاصرة كل التوتر بين المجموعتين. أما مع الكتائب اللبنانية، فقد بدأ الأمر بتلبية فرنجية دعوة آل الجميل لزيارته بكفيا. ويقول أحد المسؤولين: «العلاقة الشخصية جيدة جدا، بدأ الأمر مع الرئيس أمين الجميل الحريص على المُحافظة عليها، واستكمل مع نجله سامي». لهذا الأخير موقع «مُميز» لدى كوادر «المردة»، فهو «سعى الى تفعيل التواصل برغم الاختلاف في السياسة. حين يتكلم سامي عن الوضع المسيحي لا ينطلق من منطق 8 و14 آذار، ونحن نُقدر أنه ينظر الى فرنجية كضمانة مسيحية». التعامل مع حزب الكتائب وقيادته الجديدة هو على قاعدة «يفتح لنا آفاقا فهولا يملك فكرا إلغائياً. التمايز بينه وبين 14 آذار ووضعه النقاط على الحروف في علاقته مع تيار المستقبل أمر يستحق الاحترام». أما بالنسبة للحزب الاشتراكي ورئيسه وليد جنبلاط، فالعلاقة الجيدة «تعود بالأساس الى الصداقة بين طوني وتيمور جنبلاط»، فهما تمكنا من كسر الجليد بين والديهما، وأدى الأمر الى لقائهما في بنشعي منذ قرابة سنة. في ظل تأكيد المصادر أن فرنجية دائم الترداد أن «العلاقة مع جنبلاط لن يسودها أبداً الاستقرار». أما علاقة المردة بتيار المستقبل، فتحافظ على استقرارها منذ بضع سنوات، وثمة قنوات اتصال جدية تتحرك عند الضرورة، في ظل الغياب الكامل للتصعيد السياسي أو التشنج الشخصيّ.
بالانتقال إلى قوى 8 آذار، العلاقة جيدة جداً بحزب الله: «الاحترام متبادل ومراعاة الحزب لخصوصية العماد ميشال عون لا تزعجنا، فالأحداث بينت أن فريقنا لا ينظر الينا كطرف ثانوي». أما مع حركة أمل، فالعلاقة «كتير منيحة ولا مرة اختلفنا أو انقطع التواصل». وقد تعززت ديناميكية التواصل بعيد «تواصل طوني فرنجية على نحو شبه اليومي مع الوزير علي حسن خليل والمجموعة المقربة من الرئيس نبيه بري». ويلاحظ حرص المردة على مراعاة حزبَي البعث والسوري القومي الاجتماعي والنائب طلال ارسلان برغم «تهميش» فريقهم لهم في محطات كثيرة. أما الحديث عن علاقة المردة والتيار الوطني الحر، فتستدعي من المرديين ارتداء قفازات بيضاء مجدداً: «الحلف معهم كان مميزا لدرجة أننا اندمجنا في المهرجانات والاعتصامات والرأي العام»، كما أننا «حريصون على التعاون السياسي ونريد له أن يستمر». والشُكر الأكبر للتيار الوطني الحر لأنه «تمكن من اقناع المسيحيين في جبل لبنان بمنطق العروبة والمشرقية وهي السياسة التي آمنا بها وأهرقنا الدماء بسببها». هذا الحلف «لا يُمكنه الا أن يكون مدماكا أساسيا لحماية لبنان من الخطر التكفيري»، ولكن المُشكلة هي «في أننا تياران وعلى الرأي العام أن يفصل بيننا حتى لا يظهر أي اختلاف بوجهات النظر وكأنه خلاف.... الملاحظات التي نُقدمها هي من أجل تحسين العلاقة لا نسفها». ويشير المرديون إلى توتر العلاقة بسبب عدم تنسيق الطرفين في الخطوات السياسية، وتراجع العلاقة الشخصية بين فرنجية والوزير جبران باسيل، «الا أننا لن نختلف في السياسة». وفي ظل اقتراب باسيل من تسلم رئاسة التيار، يقول المرديون إنهم يرون أن «الجنرال هو التيار، لكن في حال تسلم باسيل الرئاسة، فسنتعامل معه كرئيس لهذا الحزب طبعاً».
تنطلق مصادر «المردة» من تحديد العلاقات مع القوى السياسية للحديث عن التصور للمرحلة المُقبلة: «المنطقة ستشهد تسوية، إما أن نكون شركاء فيها أو أغبياء وجب رجمهم». يُفاخر تيار آل فرنجية بأن «التاريخ أثبت أن خياراتنا السياسية هي الصائبة، والأيام المُقبلة ستؤكد ذلك أيضا». يبقى أن تُظهر الايام اذا كانت العلاقات الجيدة، نسبيا، مع الجميع، و«صوابية الخيارات»، سيكون لها تأثير في حظوظ فرنجية الرئاسية أم لا.