في بلدة بصاليم ــ مزهر ــ المجذوب رئيسا بلدية، الأول قضى ولايته عام 2013 ويدعى جورج مزهر ليخلفه رئيس البلدية الحالي جورج سمعان. مزهر عوني وسمعان من العائلات، تمكن احد المسؤولين في حزب الكتائب ويدعى رياض مزهر من فرضه على التيار الوطني الحر يومذاك بعدما تعهد سحب المرشحين الكتائبيين. لم يدم الحلف طويلا حتى بعدما صبغ سمعان باللون البرتقالي نظرا الى أن مجلسه مكوّن من 12 عونياً. يتواجه اليوم الريّسان ويؤلّف كل منهما لائحة في وجه الآخر. أخيراً، حاولت الرابية رأب الصدع بينهما، الا ان عونيي بصاليم رفضوا لقاء سمعان. سيتحالف جورج مزهر مع المقاول المقرب من النائب ميشال المر نسيم بو حبيب (ترأس البلدية من عام 98 حتى عام 2004) ليعيد تجربة الثلاث سنوات بثلاث سنوات، على ما تقول مصادر التيار الوطني الحر. وللمرة الأولى، يحالف طاشناق البلدة سمعان لا رجل المر، فيما تنسق القوات والعونيون لارساء تحالف مبدئي يدعم مزهر وبو حبيب. أما حزب الكتائب، فلا يتدخل حتى الساعة تاركا القرار لمحازبيه بتأييد هذه اللائحة أو تلك.
لبصاليم، أيضا، مكبّان، واحد للنفايات وآخر للردم. الأول يرحب بك على طريق المتن السريع، ستشم رائحته من دون أن تراه، بعدما ردمته البلدية بالتراب وسيّجت الأرض حوله، ولكن سيتذوق أهالي بصاليم طعمه حالما تنجز وزارة الطاقة البئر الارتوازية على بعد أمتار منه، ويفترض أن يسقي البلدة برمتها. أما المكب الثاني، ففي وادي النعصة، ويعدّ من أبرز "انجازات" المجلس البلدي الحالي. كان مشروع الرئيس بداية مدّ شبكة مجارير وشبكها ببلدة انطلياس، الا أن مشروعه تحوّل سريعا الى مكب للردم. "طلبنا ايضاحات في المجلس البلدي عن الموضوع، سائلين عن طبيعة الردم، ولماذا وضع في الوادي، وهل جرى تقاضي الأموال على "النقلة"، فلم يأتنا أي جواب رسمي واضح من الريّس سمعان"، يقول عضو في البلدية. والمشروع لم يمرّ على المجلس في الأصل. اشارة هنا الى أن الرّيس كان ينوي في البداية دمج المكبين: نفايات فردم، ردم فنفايات، الا أن النسوة قطعن الطريق امام الكميونات يومها وحضرت وسائل الاعلام لتغطية الأمر، فاندثر الحلم.
يخوض التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية والمر الانتخابات معاً

ثاني "انجازات" الرئيس والمجلس البلدي، اسقاط حديقة الافراز المجاورة لأحد العقارات عبر قرار مجلس بلدي من ملكية خاصة الى ملكية عامة. أي ان الحديقة تحوّلت إلى طريق عام. ويقول احد الأعضاء: تبين لاحقا أن اسقاط الحديقة لم يفد سوى "الرئيس وشريكه رجل الأعمال جوزيف الملاح، اذ تمكنا من توفير طريق مرور منها الى العقار الذي اشترياه ويمتد على مساحة نحو 7 آلاف متر. ومع فتح طريق مرور للعقار بات سعره يقارب السبعة ملايين دولار". وكما في كل القرارات التي يوقّعها أعضاء المجلس البلدي، ثم يتنصلون منها، يحضر التبرير هنا أيضاً. يقول أحد الأعضاء: "اعتقدنا أن الموافقة على هذا القرار تفيد البلدة عموما وتوفر لها متنفّساً".
انجازات سمعان، ومجلسه، لا تعد ولا تحصى، وثالثها، تلزيم الحديقة العامة لبلدة بصاليم بالتراضي (بموافقة المجلس لا بقرار من الريس وحده)، لأحد أبناء البلدة، لأن "حالتو المادية تعبانة". لم تجد البلدية أي طريقة لمساعدة الأخير سوى عبر تلزيمه ملكاً عاماً، سعر منقوشة "الزعتر بلبنة" فيه 4 آلاف ليرة. واللافت هنا أن الرئيس ومجلسه أصدرا نحو 17 قرارا لتأهيل الحديقة تفوق قيمة الواحد منها العشرين مليوناً، بالتراضي أيضا ومن دون اجراء اي مناقصة (يقول أكثر من عضو إن التلزيمات كانت تُعهد لشخص واحد). برغم ذلك، لا تزال أرض الحديقة مفروشة بالبحص، وفيها غرفتان وحمامان. وهنا أيضاً يبرر أعضاء المجلس موافقتهم على هذه القرارات بأنها "هفوة، فالرئيس كان يطيل الوقت بين كل قرار والثاني بطريقة لم ينتبه اليها المجلس"! هفوة إضافية فاتت المجلس أيضا هي تلزيم فتح مطعم في الحديقة العامة مجانا ومن دون تقاضي أي أجر! وهو ما اكتشفه المجلس متأخرا بعد مرور نحو 9 أشهر، كما يزعم أعضاؤه، فطالب بعضهم بتصحيح الوضع وتقاضي ايجار ــ ولو رمزيا ــ من المستثمر يكون بمثابة هبة لأن تأجير الحديقة العامة ممنوع.
يهوى "الريّس" العمل الخيري لذلك لا يطاوعه قلبه بتقاضي أي أجر من المستثمرين في أملاك البلدية. على هذا الأساس"وهب" قطعة أرض تملكها البلدية محاذية لمستشفى الشرق الأوسط في بصاليم بمساحة نحو 1200 متر، الى أحد الأشخاص (يدعى ن. خ.) ليقيم عليها موقفاً للعموم. الأرض جرى ردمها لتصبح مسطحة، لا تتقاضى البلدية أي أجر أيضا لقاءها، رغم أن قاصدي المستشفى يدفعون 3000 ليرة لبنانية لركن كل سيارة فيها. مرة أخرى، يبرّر أعضاء المجلس "الهفوة" بأنهم لم يتنبهوا لما حصل إلا متأخرين، مؤكدين أن ذلك لم يتم بقرار بلدي على حدّ قولهم. طلبوا من سمعان تصحيح الوضع، فعُقِدَت اتفاقية قانونية مع المستثمر يدفع بموجبها ايجاراً "منعا للهدر"! رئيس البلدية جورج سمعان رفض في اتصال مع "الأخبار" الردّ على الاتهامات وأقفل الخط مباشرة.
فجّر ما سبق الوضعَ في المجلس البلدي، وانقلب 9 أعضاء من أصل 12 ضده، انما لم يسائلوا الريّس ولا حاسبوه. فغالبيتهم وقّعت القرارات المشكو منها. كما انهم تخوفوا قبل أشهر من عدم حصول الانتخابات البلدية اذا استقالوا، فتُسلَّم البلدية في هذه الحالة الى القائمقام. سمعان (رئيس البلدية) مرتاح حالياً. يعمل بهدوء لتشكيل لائحته بدعم من جوزيف الملاح، صاحب المولدات الكهربائية التي تمد بصاليم بالكهرباء (وعدد من بلدات المتن الشمالي وجونية). والملاح ليس ابن البلدة ولكن أعماله ومولداته تعد لاعبا رئيسيا في المعركة البلدية. اذ بفضله سينال سمعان اصوات الطاشناق (انتخب 160 ناخبا عام 2010) بعدما حسم الحزب أمره بدعم اللائحة التي يدعمها الملاح، مقابل نائب رئيس أرمني ومختار وعضو (نُقل عضو من بصاليم التي كانت تنتخب تسعة الى مزهر والمجذوب، فباتت المعادلة: 8 لبصاليم و4 لمزهر والمجذوب). أما مركز مولدات الملاح، فليس الا ملعب نادي "الانترانيك"، وهو "راعي" النادي. ويقول أحد الأهالي إن "فاتورة الكهرباء في بصاليم أغلى بعشرة دولارات عن بلدة بقنايا برغم استعمالهم لخط الكهرباء نفسه". وكان سمعان قد حاول سابقا قبيل ترشحه الى الانتخابات البلدية تشغيل مولد كهرباء بنفسه لتوزيع الكهرباء، الا أنه "انكسر" بسرعة. وهو ما دفع رئيس البلدية السابقة جورج مزهر، بحسب عونيي البلدة الى التحالف مع نسيم بو حبيب وخوض الانتخابات البلدية في وجه حليفه السابق.




"حلفاء الأمس" يتكتلون في وجه "الريّس"


جرت العادة أن يخوض آل مزهر وآل بو حبيب الانتخابات معا منذ عام 1998، حين فاز نسيم بو حبيب بالرئاسة وشقيق جورج سمعان بمنصب نائب الرئيس. وخلال عام 2004، تمكّن بو حبيب من الفوز مجددا بالرئاسة، فيما خلف جورج مزهر أخاه كنائب رئيس. غير أن عدم تحالف النائبين ميشال المر وميشال عون في بصاليم بلديا عام 2010 أدّى الى عدم ترشح مزهر على لائحة بو حبيب بل في وجهه. أما في عام 2016، فقرر التيار الوطني الحر مدّ يديه الى المر بعدما "لوّعه" حلفه مع سمعان. وذلك أفسح المجال أمام توسط رياض مزهر، الكتائبي الذي سبق له أن عقد الحلف سابقا بين سمعان ومزهر، للجمع بين الأخير وبوحبيب. وعقد الاجتماع الأول بين حلفاء الأمس في منزله، ليستكمل باجتماع ثان عقد أمس بحضور رياض ومنسقي التيار (طوني أيوب) والقوات (جورج هيكل) والمختار الياس بو حبيب ومختار مزهر- المجذوب الاسبق سامي أبو حبيب. وجرى الاتفاق على توحيد الصفوف وخوض الانتخابات معا في وجه سمعان. وكان سمعان، بحسب المصادر، قد عرض على بوحبيب عبر أحد المرشحين على لائحته، الانسحاب لمصلحته اذا ما تحالف معه بلديا وفك حلفه مع مزهر، وتسليمه الرئاسة لست سنوات. الا أن بوحبيب رفض العرض ودعا سمعان الى الانضمام الى حلفه مع مزهر والتيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، وبالصيغة نفسها: 3 سنوات لبو حبيب، و3 لمزهر.