... والشارع: «غالي الدّهب غالي»

  • 0
  • ض
  • ض

«بدي بيع هالإسوارة والله جاي العيد والديون مغرقتنا»، تقول أم حسن ردّاً على سؤالها عن سبب وجودها في «سوق الذهب». كانت السيدة الخمسينيّة واحدةً من قلائل صادفناهم في خلال جولتنا بين محال الصّاغة في اللاذقيّة. نسأل عن عمر السوار، فتجيب: «والله ما بتذكر. أكتر من 20 سنة. من أيّام ما كنّا نقدر نخبي القرش الأبيض لليوم الأسود». أمام واجهات المحال تمكن ملاحظة عدد من النسوة وعدد أقلّ من الشبّان، يتأملون، يتبادلون الآراء، ثم يتجاوزون المحلّ إلى المحل التالي. الصائغ أبو محمد يقول لـ«الأخبار» إنّ «حركة البيع والشراء لم تنقطع، لكنّها انخفضت كثيراً في خلال الشعور الأخيرة». يوضح الرجل أنّ الأمر لا يتعلّق فقط بالوضع الاقتصادي العام، بل يتعدّاه إلى مغادرة كثير من الحلبيين مدينة اللاذقيّة عائدين إلى مدينتهم. ووفقاً لأبو محمد، فقد أسهم الحلبيّون في سنوات وجودهم بتحريك السوق، لأن ثقافة تعاملهم مع الذهب مختلفة، إذ لا يستخدمونه للزينة فقط، بل للادّخار في الدرجة الأولى. يقول: «حتى اللي مو باين عليهم كانوا يجوا يشتروا دهب، وبكتير أحيان يجوا يبدلوا قطعة بقطعة أتقل وأغلى منها». يؤكد أبو محمد أنّه عدّل نوعية بضائعه في تلك الفترة بما يتناسب مع حاجة السوق «كانت بضاعتي أغلبها عيار 18، بس الحلبيات بيحبوا يشتروا عيار 21 أكثر، قال لأن أجور صياغتو أقل، وخسارة بيعو أخف، يعني عم يشتروا مشان يرجعوا يبيعوا، عقليّة تجار». بدوره يشير الصائغ حسن إلى أنّ أحد أبرز التغيرات التي طرأت في خلال السنوات الأخيرة هو انخفاض كمية المصوغات التي يشتريها الخاطبون. يقول: «بأيام الخير كان الواحد يشتري لخطيبتو مع محبس الخطبة طقم دهب، واللي حالو ضعيف كان يشتري إسوارة ع الأقل. بهالأيام اللي عم يشتري محبس دهب بيكون عنتر زمانو». لا يخلو الأمر من بعض الزبائن «الدسمين»، لكنّ هؤلاء وفقاً لحسن لا يكفون لتدوير عجلة السوق. يوضح الرجل أنّ معظم مبيعاته في السنوات الأخيرة هي قطعٌ من الأوزان الخفيفة «يعني حلق، سلسال مع تعليقة صغيرة، بلاك رفيع، ويوم اللي الله بيبعت زبونة تشتري طقم بحسّ حالي بدي أرقص بنص السوق». في وسط سوق الصاغة ثمّة محل لبيع الحلي المقلّدة. نقرأ على الواجهة «ذهب برازيلي، ذهب روسي، فضة ملبّسة بماء الذهب». يؤكّد صاحب المحل أن بضاعته «عالية الجودة، وتحافظ على بريقها سنوات عدّة». يقول إنّ معظم زبائنه «مراهقات، أو نسوة في مقتبل العمر». ويمكن شراء سوار أو عقد من الحلي المقلّدة بسعر خمسة آلاف ليرة، أما الخاتم أو الحلق فبسعر يراوح بين ألفٍ وثلاثة آلاف ليرة. فيما يبلغ سعر محبس الخطوبة للرجال ألف ليرة فقط. يقول البائع ضاحكاً: «هداك اليوم أجاني زبون اشترى أربعة محابس متل بعض. بدو يخطب وخطيبتو ما قبلت يشتري محبس فضة، ولاقى الحل عندي. قال إذا كل واحد بقي محافظ على حالو سنتين بيكون زبّط أمورو 8 سنين لقدّام».

0 تعليق

التعليقات