لا يخفى اسم محمد العاني، على أي شخص انخرط في تعلّم اللغة الإنكليزية في دمشق. وإن لم يعرفه المتعلّم، فهو قد سمع به بكل تأكيد، لما له من صيت طيّب. إنه المدرّس الشاب الذي أكمل عامه الخامس عشر في تدريس الإنكليزية، والترجمة الفورية، وخرّج مئات الطلاب، وأوصل بعضهم «بيده» لنيل الشهادات الدولية داخل سوريا وخارجها. ينحدرُ العاني (37 سنة) من مدينة الميادين في دير الزور لجهة أبيه، وحيّ العمارة بقلب دمشق لجهة أمّه. ويبدو أن المسافة الشاسعة بين المنطقتين، انعكست رحابة صدر كبيرة يتمتع بها أبو جلال، الذي له من الأولاد أيضاً عصام وسراج. يتحدث العاني لـ«الأخبار» عن عوامل نجاح أي مدرّس «العمل الجاد، والإخلاص، وحب الاطلاع، هذا مثلث نجاح عملية التدريس... أنا مهتمٌّ بكل ما يُكتب ويُنشر في مجال تدريس اللغة الإنكليزية، لأتعلمه أولاً، وأعلمه لطلابي لاحقاً».يبدأ العاني عمله يومياً في التاسعة صباحاً، وينتهي عند الثامنة مساءً. يصرّ العاني على تحدث العربية الفصحى حين يُجيبنا، مع أنه لا يتكلّم مع الطلاب إلا باللغة الإنكليزية، لمنحهم فرصة ممارستها. يقول بطلاقة ومخارج حروف سليمة: «لا يُمكن أن يكون هنالك تعارض بين العربية والإنكليزية. المترجم يحتاج تطوير اللغتين على مستوى راقٍ، أما التعلم عموماً، فهو قرارٌ يتخذه المتعلم، قبل الطريقة التي يتبعها المدرّس». للعاني مئات الطلاب من كلّ الأعمار، بعضهم لم يبلغ العشر سنوات، ومنهم من تجاوز الخمسين. ورغم أنه ينصح بتعلم اللغة في سنّ مبكرة، فإنه لا يخفف من حماسة أي مندفع، ويستشهد بمقولة الفيلسوف الأميركي، نعوم تشومسكي: «كل لغة هي إنسان». لدى طلّاب العاني الكثير ليقولوه لمدرّسهم. وخلال تواصلنا مع بعضهم، استفاضوا في كيل عبارات الشكر والتقدير لجهوده. تقول إحدى طالباته: «يوجد وقت قصير بين الدرس والآخر الذي يليه، عشر دقائق أو ربع ساعة، من المفترض أن يأخذ فيها المدرّس قسطاً من الراحة. لكن ذلك لم يكن يحصل مع الأستاذ محمد العاني، الذي يمضي استراحاته بالردّ على الأسئلة، وإعطاء بعض التمرينات الخاصة للطلاب... هذا المدرّس لا يستريح».