مع مرور أكثر من شهر على بدء إجراءات الحجر الصحي التي تطبّقها سلطات الولايات الهندية للحد من انتشار فيروس «كورونا»، باتت رائحة الطعام الشاميّ (مطبخ بلاد الشام) تفوح من نوافذ مطابخ الطلاب السوريين الذين يدرسون في الهند بموجب برامج المِنح للطلاب الأجانب.يستعين طالب الدراسات العليا في الاقتصاد الزراعي، عبد الكريم ضعون (26 عاماً) بوصفات منشورة على موقع «يوتيوب» لإعداد كل وجبة يريدها؛ ومن خلال البحث اليومي، اكتسب خبرة جيدة في الطبخ. يقول عبد الكريم في حديثه إلى «الأخبار»: «إنّها المرة الأولى في حياتي التي اضطرّ فيها للطبخ. مع الإغلاق الكامل للمطاعم وتوقّف خدمة التوصيل، لم يتبقَ حل آخر». ويردف ضاحكاً «حتى صرت أعلم الفرق بين الفلفل الأسود والأبيض».
تُقلّب طالبة قسم الصيدلة، آية الأخرس (20 عاماً)، العجين بين يديها مبتسمةً، إذ اكتشفت بعد محاولات عدة سبب عدم نجاحها في تحضير الفطائر. تقول آية «التزمت بتعليمات والدتي لتحضير العجينة لكنها كانت تفشل في كل مرة، حتى اكتشفت أني نسيت الخميرة!». لكنّها تعود لتفاخر بأن البرغل لم يلتصق بقعر وعاء الطهي بعد نجاحها في معايرة كمية الماء اللازمة، من المرة الأولى.
أما الطالب لؤي اليوسف (23 عاماً) فقد دفعه اختلاف النكهة بين الطعام الشاميّ والهندي (يُقدَّم في مقرّ سكنه الجامعي ثلاث وجبات يومياً) وعدم توفّر البدائل في زمن «كورونا»، إلى تعلّم الطبخ. يفتخر الآن بما وصل إليه من «خبرة» باتت محطّ إعجاب أصدقائه السوريين والهنود على حد سواء، بالقول: لم أتوقع أنّي سأجيد الطبخ في أقل من شهر... كان ينقصنا شيء يحفّزنا، لكن لم أعلم أنّه سيكون فيروس يُجبرنا على البقاء في غرفنا. كورونا آمن بقدراتنا أكثر مما آمنت بها النساء»، يردف ممازحاً.
«الطعام آخر ما أفكر به في الحجر الصحي» تقول الطالبة رهف العمر (26 عاماً) طالبة الدراسات العليا في علوم التربة؛ موضحة أن ما يشغلها هو أن «تمرّ هذه الأزمة بسلام على الجميع».
يعاني الطلاب السوريون جراء تأخّر استلام بَدَلات المعيشة ونفقات الدراسة، من إدارة برامج المِنح، وسط تعذّر استلامهم أي إعانات من أهلهم بسبب الإغلاق الكامل، فضلاً عن الانخفاض الكبير لقيمة الليرة السورية أمام الدولار الأميركي.
ومع تمديد الحجر على المؤسسات التعليمية إلى 17 حزيران، ألزمت السلطات الطلاب السوريين بالتوقيع على تعهد بالبقاء داخل غرفهم خلال فترة الحجر، الأمر الذي أنهى أمل بعضهم بالسفر من المقاطعات إلى العاصمة دلهي لاستخدام مطارها والعودة إلى سوريا في حال عودة الرحلات الجوية. وحتى من دون هذا الإجراء فإن رحلة العودة تتطلب العبور في مطارات بلدين على الأقل، قبل الوصول إلى الحدود السورية (عبر لبنان غالباً)، وهي رحلة غير متاحة في «زمن كورونا».