سيسجل التاريخ يوم الثاني من كانون الأول 2010 في السجلات العربية الذهبيّة حين حمل رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» السويسري جوزيف بلاتر مغلّفاً وأخرج منه اسم «قطر» معلناً فوز الدولة العربية الصغيرة بشرف استضافة نهائيات كأس العالم لكرة القدم عام 2022 بوصفها أول دولة عربية وشرق أوسطية تقطف هذا الإنجاز.
وطغى هذا الأمر على كل الأحداث الرياضية العربية في سنة شحيحة بالإنجازات ولعل أبرزها تتويج منتخب مصر الكروي بكأس الأمم الأفريقية للمرة الثالثة على التوالي والسابعة في تاريخه ليغطي هذان الحدثان النكبات الرياضية من المحيط الى الخليج.

قطر قبلة العالم 2022

حققت قطر حلماً راود العرب لأكثر من ثلاثة عقود من الزمن وحظيت باستضافة مونديال 2022 بعدما قدّمت ملفاً فاق الخيال لتنال الفوز بهذا التنظيم. وسخّرت الإمارة الخليجية الصغيرة كل إمكاناتها المادية والاقتصادية والسياسية والرياضية للظفر بهذا الاستثناء في ظلّ منافسة أكثر من شرسة من دولتين أكبر مساحة وإمكانات هما الولايات المتحدة وأوستراليا الى جانب اليابان وكوريا الجنوبية، لكن تصويت المجلس التنفيذي لـ«الفيفا» حسم الموقف بـ14 صوتاً مقابل 8 للولايات المتحدة في الجولة الأخيرة، في وقت بات فيه تنظيم الحدث الرياضي يتطلّب كل المقومات البشرية والمادية على وجه الخصوص. ويعود الفضل في هذا الحدث الى نجل أمير قطر الشيخ محمد بن حمد آل ثاني رئيس الملف القطري الذي بذل مع فريق عمله المتخصص وسفراء الملف جهوداً هائلة من خلال جولات على كل أصقاع الأرض لتحقيق الحلم الأغلى. وكانت ملامح هذا الإنجاز الإصرار والعزيمة والمجد. وتخطط قطر لإنشاء 11 ملعباً من طراز نادر وحديث ولائق باستضافة الحدث بعد نحو 11 سنة، إضافة الى تعزيز البنية التحتية للدولة من خلال بناء شبكة سكك حديدية ومطار جديد وميناء بحري وثلاث مدن جديدة وتعزيز شبكة الطرق.

إنجاز كروي وحيد

حققت مصر الإنجاز الكروي العربي اليتيم بتتويجها بطلة لكأس الأمم الأفريقية للمرة الثالثة على التوالي والسابعة في تاريخها (رقم قياسي) بفوزها في المباراة النهائية على غانا 1ـــــ0 في العاصمة الأنغولية لواندا مستضيفة البطولة التي تعرضت لانتكاسة بانسحاب منتخب توغو منها بعد الاعتداء الذي طاول بعثتها في إحدى المدن الحدودية مع أنغولا ومقتل 3 أشخاص. وغطى هذا التتويج على إخفاق المنتخب المصري بالتأهل لنهائيات كأس العالم في جنوب أفريقيا. وكشفت البطولة القارية عن ولادة نجم جديد هو محمد ناجي جدو (الصورة 1) هدّاف البطولة بست إصابات، وردّت مصر في الدور نصف النهائي اعتبارها أمام الجزائر إذ فازت برباعية نظيفة.
وخيّب «ثعالب الصحراء» آمال العرب في نهائيات كأس العالم في جنوب أفريقيا، وقد عادت الى المشاركة في نهائياتها لأول مرة بعد 24 عاماً. وحقق منتخب «الخضر» نتائج لم تكن في مستوى الآمال والتطلعات، حيث لم يسجل ولو هدفاً واحداً خلال مشاركته في المونديال الأفريقي الذي ودّعه من الدور الأول بعد خسارته أمام سلوفينيا والولايات المتحدة 0ـــــ1، وتعادله وإنكلترا 0ـــــ0.
وعلى صعيد الأندية، ظهر التفوق القاري للنوادي العربية في البطولتين الرديفتين في آسيا وأفريقيا، فتوّج الاتحاد الحلبي السوري بطلاً لكأس الاتحاد الآسيوي بفوزه في المباراة النهائية على القادسية الكويتي بركلات الترجيح 4ـــــ2 معززاً سيطرة العرب على هذه البطولة منذ انطلاقتها، وفي مسابقة دوري أبطال آسيا للمحترفين بقي اللقب في حوزة نوادي «الشرق الأقصى» بتتويج نادي سيونغنام الكوري الجنوبي بطلاً على حساب ذوب آهن الإيراني بفوزه في المباراة النهائية 3ـــــ1، علماً أن الهلال والشباب السعوديين خرجا من الدور نصف النهائي للبطولة.
وفي دوري أبطال أفريقيا، احتفظ مازيمبي الكونغولي باللقب على حساب الترجّي التونسي بفوزه في مجموع مباراتي الدور النهائي 6ـــــ1 بواقع 5ـــــ0 ذهاباً في لوبومباشي وتعادل 1ـــــ1 إياباً في رادس. وخرج فريقا شبيبة القبائل الجزائري والأهلي المصري من الدور نصف النهائي.
وفي كأس الاتحاد الأفريقي، فجّر الفتح الرباطي المغربي مفاجأة من العيار الثقيل بتتويجه بلقب البطولة إثر تفوقه في الدور النهائي على الصفاقسي التونسي فتعادلا 0ـــــ0 ذهاباً في الرباط وفاز الفتح 3ـــــ2 في صفاقس. وأعاد هذا التتويج الكرة المغربية الى الواجهة القارية بعد 5 سنوات عجاف.

عودة الكويت خليجياً

وشهد عام 2010 عودة منتخب الكويت الى منصّات التتويج الخليجية بفوزه بلقب «خليجي 20» التي استضافتها اليمن في مدينة عدن وسط ظروف أمنية صعبة. وتغلب «الأزرق» (الصورة 2) في المباراة النهائية على السعودي 1ـــــ0، كما بلغت كل من العراق والإمارات الدور نصف النهائي.
وكان الكويتي قد توج بطلاً لغرب آسيا أيضاً بتغلبه على الإيراني 2ـــــ1 في نهائي البطولة التي استضافتها عوضاً عن لبنان الذي غاب عنها لأول مرة.
وفي مسابقات السيدات فازت الأردن بلقب بطلة العرب بفوز سيداتها في المباراة النهائية على مصر 1ـــــ0.
وكان أبرز الأمور التي تحققت في 2010 الاتفاق في الاتحاد العربي على إعادة مسابقة دورة أبطال العرب في 2011 بعد توقف لمدة موسم واحد وفق تصور جديد يشهد مشاركة أندية عربية قوية ولا يتعارض مع برنامج مسابقات الاتحاد الأفريقي والآسيوي وباسم جديد هو «كأس الاتحاد العربي للأندية».

نكبة سلويّّة

شاركت ثلاثة منتخبات عربية في نهائيات كأس العالم لكرة السلة في تركيا، لكن لم يستطع أحد منها تجاوز الدور الأول، فحقق لبنان فوزاً وحيداً في مستهل مبارياته على كندا 81ـــــ71 ثم خسر أربع مباريات متتالية رغم الآمال الكبيرة التي عُلّقت عليه، وعاندت الخبرة الأردن وحالت دون تحقيقه أي فوز في البطولة، وكذلك تونس فخسرا جميع مبارياتهما.
وعلى صعيد البطولات القارية، أحرز لبنان لقب بطولة النخبة الآسيوية «ستانكوفيتش» بفوزه في نهائي البطولة التي استضافها على اليابان 97ـــــ59. وخسر الريان القطري أمام مهرام الإيراني في نهائي بطولة آسيا للأندية، وفاز الرياضي اللبناني بلقب بطولة الأندية العربية بفوزه على مواطنه المتحد في النهائي في مدينة الاسكندرية المصرية، وفاز الأمل الرياضي التونسي بلقب السيدات بفوزه في النهائي على الجزيرة المصري في الرباط.
وأحرز منتخب مصر لقب كأس العرب الـ20 بفوزه في المباراة النهائية على نظيره اللبناني 60ـــــ57 في بيروت.

البحرين والسدّ في اليد

خطف منتخب البحرين لكرة اليد بطاقة التأهل لبطولة العالم في السويد في العام الجديد بحلوله وصيفاً لبطل آسيا خلف الكوري الجنوبي بخسارته في النهائي 25ـــــ32 في البطولة التي استضافها لبنان والتي خرج فيها السعودي خالي الوفاض. وحقق السد اللبناني لقب بطل آسيا بفوزه في المباراة النهائية على مضر السعودي 33ـــــ28.

... وخيبة غوانغزو

انتظرت الرياضات العربية في آسيا منافسات دورة الألعاب الآسيوية «آسياد غوانغزو» للخروج من قمقم النتائج السلبية، إلا أن الأموال الكثيرة التي صرفت لتأهيل الرياضيين والتجنيس ذهبت أدراج الرياح حيث حصد الرياضيون العرب 21 ميدالية ذهبية من أصل نحو 500 ميدالية كان النصيب الأكبر فيها للسعودية والبحرين بـ5 ميداليات لكل منهما.

هيمنة وقرصنة

على الصعيد الإعلامي الرياضي العربي حققت قناة الجزيرة القطرية صفقة خيالية بعد شرائها القنوات الرياضية لشبكة راديو وتلفزيون العرب وحقوقها الحصرية في نقل أبرز الأحداث الرياضية وخصوصاً نهائيات كأس العالم التي استضافتها جنوب أفريقيا، لكن نقل الجزيرة للمونديال تعرض لقرصنة تشويش قام بها «مجهول» ولا تزال القضية في أروقة القضاء العربي.
عام انقضى بخيباته وأفراحه وبحلوه ومرّه، وكرة المسؤولية تبقى في ملعب المسؤولين والرياضيين أنفسهم في تحقيق إنجازات عربية في 2011 مع تخطيط سليم ومنهجية رياضية عربية واضحة.


أبرز شخصيات عام 2010

شهدت سنة 2010 بروز شخصيات هامة على المستوى الرياضي العربي، لعل أبرزها رئيس لجنة ملف قطر محمد بن حمد آل ثاني. كذلك برز المدرب الجزائري رابح سعدان (الصورة) بعدما قاد «الخضر» في المونديال، والمدرب المصري حسن شحاتة بتتويجه مع بلاده بلقب أمم أفريقيا للمرة الثالثة والسباح التونسي أسامة الملولي الفائز بثلاث ميداليات في بطولة العالم.