لا تزال المواهب العربية تسطع في ملاعب القارة العجوز في شتى أنواع الرياضات، وخصوصاً كرة القدم، ولم تعد المواهب حكراً على الرجال. إذ إنّه بعد الفرنسي زين الدين زيدان، الجزائري الأصل، فإن لويزا نسيب تسير على خطاه في نادي ليون
باريس ـ بسّام الطيارة
إذا قلنا «جزائر وكرة قدم ومرسيليا» يقفز إلى مرمى أذهاننا اسم زين الدين زيدان، وأسماء بقية أبطال الكرة القادمين من الضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط. الآن علينا أن نتعوّد سماع اسم صبية يانعة تنطبق عليها هذه المواصفات: إنها «لويزا نسيب» لولب فريق كرة القدم النسائي الفرنسي.
تقول نسيب إنها «فخورة بتشبيهها بزيدان»، فهو «لاعبها المفضّل»، إلّا أن التشبيه وملاحقة الصحافة الرياضية لها ليسا وليدَي أصولها الجزائرية ومدينة مرسيليا فقط، بل موقع «قلب الهجوم» الذي تحتله، وإن هي حملت الرقم «١٤».
سألت الصحافة ما الذي يدفع «فتاة جزائرية للانخراط في لعبة رجولية؟»، تجيب نسيب إنها كثيراً ما لعبت في الشارع مع «شباب الحي»، ولم تكن تسعى إلى الانتساب إلى نادٍ، إذ كانت تجهل أنه توجد أندية كرة قدم للجنس اللطيف، إلا أن «الذكورية لم تكن تضايقها»، وكان الشباب يحترمون لعبها، ثم تسجلت في فريق الدائرة الرابعة عشرة في مارسيليا.
تقول إن والدها كان «قلقاً» في البداية لكونها كانت تمضي وقتها مع الصِبية والشبان، لكنها كانت تتفهّم هذا القلق النابع من حرص الأهل. وانتقدت الضغوط على بعض الفتيات لأسباب وصفتها بالـ«بالية».
وتبدو لويزا نسيب أنيقة، وهي تعتني بمظهرها وتحمل في تصرفها بعض الغنج، وهو ما يخالف كثيراً الصورة التي تحملها الصحافة الرياضية للفتيات اللواتي يمارسن «رياضة خشنة» من مستوى عال، إلا أنها تؤكد رداً على سؤال، رغبتها في أن تكون «موديلاً للفتيات» لتشجيعهن على ولوج عالم الرياضة، إلا أنها لاحظت أن الرياضة التي اختارتها ليست «كمال أجسام»، وبالتالي يمكن أن تتناسب مع «رشاقة الفتيات وأناقتهن». وللرياضية نسيب رأي في هذا الموضوع، إذ إنها انتقدت صحافياً بسبب تشديده على الأناقة والنعومة، لأنّ في ذلك «انتقاصاً من قدر الفتيات»، وحصراً للتحقيق في هذا الإطار، وتساءلت «هل تتساءل عن جمال الرجال الذين يمارسون الرياضة؟». وأتبعت ذلك بسؤال آخر «هل يجب على الفتاة أن تكون جميلة حتى تصبح بطلة؟». ثم شدّدت على أنّ لباس الرياضة الذي ترتديه اللاعبات «يلائم كل متطلبات الحشمة»، إضافةً إلى أنه يحمل بعض «لمسات الأنوثة».
والمعروف أن لويزا امتهنت كرة القدم منذ عام 2007 في فريق ليون بطل فرنسا، حيث تعلن أنها «سعيدة جداً»، ولا تريد أن تكون قدوة بل تكتفي بأن تكون «لاعبة جيدة». وتنتقد غياب الاهتمام بكرة القدم النسائية في فرنسا، على عكس ألمانيا، حيث «تُلاحَق اللاعبات في الشوارع لتوقيع الأوتوغرافات»، وحيث النجاح يوفّر لهن أرباحاً طائلة مثل زملائهن الرجال. أمنيتها الآن أن تقود فريقها إلى نهائي كأس أوروبا بانتظار كأس العالم، التي تأهلت فرنسا إليها. آخر سؤال عن الهوية: هل يضايقكِ نعت «الجزائرية» والتذكير الدائم بأصولك في خضم الحديث عن الهوية الوطنية؟ الجواب: لا... أنا كما أنا.
ونسيب من مواليد مرسيليا في 23كانون الثاني 1987، وقد بدأت حياتها الرياضية في نادي «يو أس مرسيليا» ثم انتقلت الى «سلتيك مرسيليا» في الفئات العمرية، ولعبت في موسمي 2004 ـــــ 2005 و2005 ـــــ 2006 لفريق كليرفونتين وسجلت 9 أهداف في 38 مباراة، وموسم 2006 ـــــ 2007 لمونبلييه وسجلت 11 هدفاً في 20 مباراة، ومنذ 2007 ـــــ 2008 لعبت مع ليون وسجلت 23 هدفاً في 49 مباراة. وخاضت نسيب 50 مباراة دولية مع منتخب فرنسا سجلت خلالها 7 أهداف.