بين مؤيّدٍ ومعارض، قد يكون مشروع الهدف «فيفا غول» لتعشيب ملعب مجمع الرئيس فؤاد شهاب الرياضي في جونية بالعشب الصناعي مهدّداً، ما يضيف ضربةً موجعة أخرى لمنطقة تبدو كأنها لم تعرف كرة القدم مطلقاً
شربل كريم
تعيش منطقة كسروان والجوار حالة ركود كروي مخيف منذ أعوامٍ طويلة، وصلت الى أوجها بعد انكفاء نادي الاهلي صربا العريق وتقهقره الى الدرجات الدنيا، ثم كانت ضربة اخرى عبر بيع رخصة نادي الراسينغ جونية الذي كان قريباً في يوم من الايام من الوقوف في دوري الدرجة الاولى. ومنذ ذلك الحين، لا تزال المنطقة تبحث عن نفسها كروياً، إذ مع «تبخّر» الاندية بطريقة أو بأخرى اختفت مسألة ظهور لاعبين من المنطقة، وخصوصاً بعدما تحوّل الشبان الى كرة السلة، بعد الحضور القوي للاندية الكسروانية في بطولتها لسنواتٍ عدة.
الا ان احد المطلعين عن كثب على حقيقة الواقع الرياضي في كسروان يشير الى نقطةٍ مهمة جداً، وهي غياب البيئة الحاضنة لكرة القدم هناك، لا بل افتقاد ملعبٍ يمكنه ان يكون بمثابة المنزل لاولئك الراغبين في ممارسة اللعبة يومياً، إذ من المستحيل تمكّن ملعب جونية البلدي من احتضان النشاطات الكروية طوال اشهر السنة، لأن عشبه بحاجةٍ دائمة الى صيانة.
وهنا جاء الحلّ «على طبق من ذهب» بالنسبة الى القيّمين على الملعب، وذلك عندما حمل الاتحاد اللبناني لكرة القدم مشروع «فيفا غول» وكلفته نصف مليون دولار يقدّمها الاتحاد الدولي من اجل تزويد الملعب بالعشب الصناعي، تماماً كما حصل لملعب نادي الصفاء في وطى المصيطبة الذي لم يعد يعاني من مشكلة الأرضية منذ تنفيذ المشروع، وبالتالي نشطت عليه البطولات المختلفة.

شروط التعشيب

وتبدو الشروط سهلة وقابلة للتطبيق من أجل إتمام هذه الخطوة التي تحمل بأهميتها أبعاداً رياضية وكروية اكثر من مجرد تحديث ارضية ملعب كان حتى الماضي القريب حاضناً رئيساً لأبرز مباريات الدوري اللبناني.
ويتحتّم على إدارة الملعب في حال تنفيذ المشروع السماح للمنتخبات الوطنية بخوض الحصص التدريبية والمباريات في جونية من دون اي مقابل مادي طوال عشرة اعوام. ويضاف الى هذه النقطة مسألة منع اقامة اي نشاط يمكن ان يفسد ارضية الملعب، وقد أُبلغ المجلس البلدي بهذا الموضوع فأفاد بأن القرار يعود الى اللجنة الخاصة التي سبق أن وكّلها للإشراف على المجمع، وهي ستنقل الجواب الرسمي الى الاتحاد اللبناني.
وعند اللجنة لا جواب حتى الآن، إذ يوضح أمين الصندوق إسبر زوين «سندرس الموضوع برويّة مع اختصاصيين معيّنين. لقد تسلّمنا مهامنا منذ شهرين تقريباً، بينما وُضع ملف التعشيب امامنا منذ اسبوع، وقد تباحثنا فيه خلال احدى الجلسات سريعاً، لكننا لم نتخذ اي قرار لأن المسألة بحاجةٍ الى دراسة».

فوائد المشروع

واذ لم توضح اللجنة ما اذا كانت ترى في المشروع نواحي ايجابية، فانه يفترض التوقّف عند الفوائد الكثيرة، وأبرزها العائدات التي ستكون أوفر على الملعب جرّاء تمكّنه من تحمّل عدد أكبر من المباريات الرسمية او غيرها من النشاطات، علماً بأن القيّمين على ملعب جونية سبق ان أبلغوا الاتحاد اللبناني لكرة القدم عدم تمكنهم من استضافة المباريات حتى انتهاء أعمال الصيانة في 15 تشرين الثاني المقبل، اي بعد اكثر من شهرٍ على انطلاق فعاليات الدوري اللبناني للدرجة الاولى، ما سيحرم نادي الراسينغ من فرصة اللعب على الملعب الذي اعتمده ارضاً له في المراحل الست الاولى من البطولة، كذلك ستبتعد مباريات دوري الدرجة الثانية عن الملعب للسبب عينه، ما يقلّص من العائدات.
وستنسحب الفوائد الى المدارس المجاورة التي تبعد دقائق معدودة فقط عن الملعب، والمعروفة بانغماسها في النشاطات الرسمية للرياضات المختلفة (ما عدا كرة القدم)، أمثال الرسل والمركزية وعينطورة.
اذاً، اسئلة كثيرة تُطرح، وأوّلها هل «يطير» مجدداً مشروع «فيفا غول» من منطقة تحتاج اليه لحساباتٍ خاصة بعدما شاهدنا هذا السيناريو في ملعب بلدية برج حمود؟ وهل كان شبه اختفاء الاندية العريقة في «المنطقة الأرمنية» مقدّمة لعدم التفكير في السير قدماً في خطوات تطويرية ترتبط بالرياضة؟
أسئلة تبقى أجوبتها في مجالس البلديات التي من أولى واجباتها العمل على التنمية والتطوير في المناطق التي تسلّمت أماناتها. ومن الملاعب الرياضية الشعبية يكون تعزيز الوضع الاجتماعي، وخصوصاً في المناطق التي تبدو بحاجةٍ الى جمع شبانها في الملاعب بلباسٍ رياضي، لا ان تتحوّل ملاعبها الى ساحات للمهرجانات السياسية، هذا اذا بقيت هذه الملاعب وسط القرارات غير المحسوبة للبلديات التي بدأت ترى في الملاعب عبئاً على مناطقها، فأقرّت تركها لتصبح آثاراً في مكانٍ ما، أو وقّعت على هدمها كما حصل في أمكنة أخرى.


«الفيفا» سيدعم مشروعاً إضافياً

أشار عضو اللجنة العليا في اتحاد الكرة سيمون الدويهي، وهو أحد المكلّفين بمتابعة المشروع، الى أن «فيفا غول» سيحمل انعكاسات إيجابية على كرة القدم اللبنانية أبعد من منطقة جونية أو جبيل حتى، إذ إن الاتحاد الدولي للعبة سيمنح لبنان فرصة لإطلاق مشروع مماثل في منطقة اخرى بحاجةٍ الى ملعب، وهذا ما قد يزيد من عدد الأندية.