باعتبارها عالماً واسعاً ومتشعّباً فإن للفضائح موضعها في كرة القدم، وهي على نوعين، فضائح شخصية وأخرى تتعلّق بالنتائج، وفي كلتا الحالتين فإنّ شعار اللعبة «اللعب النظيف» هو المتضرّر الأكبر منها
حسن زين الدين
كرة القدم والفضائح. كل شيء بات محتملاً، فعندما تصل كل هذه الملايين مختومةً بإمضاء الشهرة والنجومية إلى جيوب اللاعبين ومسؤولي كرة القدم نصبح عندها أمام مساحة غير مقيّدة من الحرية والرفاهية، اللتين تتخطيان الخطوط الحمر بأشواط. الفضائح هنا لا تتوقف عند التلاعب بنتائج المباريات فحسب، بل تتخطى ذلك إلى الحياة الاجتماعية للّاعب ـــــ الرمز، ونعني هنا مسائل كالعلاقات الجنسية وعالم المخدرات وإلى ما هنالك من هذه الفضائح التي تكثر في عالم كعالم كرة القدم الواسع والمتشعّب. آخر الفضائح التي طالعتنا في هذا المجال هي الفضحية المتعلقة بنجمي منتخب فرنسا فرانك ريبيري لاعب بايرن ميونيخ الألماني، وكريم بنزيمة مهاجم ريال مدريد الإسباني، اللذين مارسا الجنس مع فتاة قاصر ما أدى إلى مثولهما أمام الشرطة والقضاء الفرنسيين، حيث يواجهان عقوبة يصل حكمها إلى السجن لمدة ثلاث سنوات، إضافةً إلى غرامة مالية. هنا بدأت الفضيحة. فُضح النجمان اللذان أُخذ عليهما تديّنهما، نزلت الفضيحة كالصاعقة على قلوب عشّاقهما. لوران بلان مدرب منتخب «الديوك» حاول استيعاب المشكلة حين قال إنه لن يستطيع التخلي عن نجميه، وسيسمّيهما ضمن تشكيلته المزمع أن تخوض عدة مباريات ودية. بلان حاول، لكن للفضيحة وقعها الذي يصعّب من سترها، لذا خرجت وزيرة الرياضة والصحة في البلاد روزيلين باشيلو بتصريح على قناة «يورب 1» تقول فيه إنه يبدو من الصعب بمكان أن يضم منتخب فرنسا هذين اللاعبين، وقالت باشيلو: «أحترم ما يفعله لوران بلان، لكن أكرّر ما قلته لأنني لا أتحدث بلغتين مختلفتين. إنّ هذين اللاعبين ربما بريئان، لكنهما تحت التحقيق، وهذا ما يصعّب من انضمامهما إلى منتخب فرنسا».
هذا في فرنسا، أمّا في كندا، فقد خرج الصحافي المثير للجدل ديكلين هيل ليكشف أنّ عدة أندية في دوري أبطال أوروبا قدّمت «فتيات ليل» إلى بعض الحكام الذين يديرون مباريات في البطولة الأكبر للأندية للتساهل معهم، بحسب ما تنقل صحيفة «ال موندو ديبورتيفو» الإسبانية.
هيل هذا ليس جديداً في عالم الفضائح في كرة القدم، إذ سبق أن كشف العديد منها في كتابه «الانتصارات المؤكّدة». وينقل موقع «دوتش فيله» الألماني أنّه في هذا الكتاب يغوص القارئ في دهاليز مافيا الملاعب، ويكتشف الأساليب التي يعتمدها المتلاعبون في نتائج المباريات. وعند تأليفه لهذا الكتاب، التقى هيل عدداً من الشخصيات المثيرة للجدل والمتورّطة في عمليات التلاعب. كما أنه تحدث إلى حكام ولاعبين ومحترفي مراهنات. بل رافق حسب ما ورد في كتابه بعضهم وعايش عمليات التلاعب. وعن تورط اللاعبين، كتب هيل في كتابه «أنه لا يجوز لللاعب تسجيل الهدف في مرمى فريقه، أو ارتكاب خطأ بطريقة متعمّدة ليمنح الفريق المنافس ضربة جزاء، حتى يتلاعب بنتائج المباريات، بل المفتاح الأساسي يكمن فقط في

كشف الصحافي الكندي ديكلين هيل تلاعباً في نتائج مباريات دوري أبطال أوروبا عن طريق «فتيات الليل»

التزام السلبية. بمعنى أنه لا يجوز لللاعب أن يصنع الأحداث، بل يترك الكرة تأخذ طريقها». وحسب هيل، لا تشهد المباريات المشبوهة ضربات جزاء أو بطاقات حمراء إلّا نادراً. كما أن معدل الأهداف في الدقائق الأخيرة من المباريات النظيفة عادةً ما يكون مرتفعاً، مقارنةً بالمباريات الأخرى التي يجري فيها إحراز الأهداف عند انطلاق الشوط الأول، أو في الدقائق العشر الأولى من الشوط الثاني.
وفي حوار أجراه الكاتب أخيراً مع موقع «فوكوس» الألماني، عبّر دكلين هيل عن ارتياحه لأنّ الرأي العام الأوروبي بات على علم بفضيحة التلاعبات الأخيرة، التي وُصفت بأنها أكبر فضيحة تلاعبات في تاريخ كرة القدم الأوروبية، لكونها ستكشف عن الكثير من الأشياء التي لم تُعرف بعد. وصرح هيل بأنّ الاتحاد الأوروبي لكرة القدم دعاه لمرافقة التحقيقات الجارية. وحسب الكاتب هيل «يجب استغلال هذه الفضيحة كفرصة للحدّ من هذه «الجرائم»، لكن شريطة أن تعالَج بحزم، وأن ينال المتورطون أقصى العقوبات. ولا يجوز الاكتفاء بكبش فداء لتحميله المسؤولية، كما حدث في قضية هوتسير في ألمانيا، وبينتو دا كوستا في البرتغال، وتابي في فرنسا. من جهة أخرى يعتقد هيل أن المؤسسات الرسمية كالاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) والاتحادات المحلية التابعة له عاجزة بهياكلها الحالية عن مواجهة جرائم مافيا الملاعب. وبالتالي يجب تعزيزها بطاقات متخصصة ومتميزة، إضافةً إلى تشريعات تكون أكثر صرامةً.
اذاً تكثر الفضائح في عالم كرة القدم، وهي على وجهين، فضائح في التلاعب وفضائح تطاول الحياة الشخصية للنجوم، وفي كلتا الحالتين يكون عالم كرة القدم وشعاره «اللعب النظيف» هو المتضرّر الأكبر منها!


مارادونا أشهرهم على الإطلاق

لا تبدو الفضائح على اختلافها جديدة في عالم كرة القدم. ولعل الفضيحة الأشهر في تاريخ هذه اللعبة كانت القبض على الأرجنتيني دييغو أرماندو مارادونا عام 1991 لتعاطيه المخدرات، وقد حذا حذوه زميله الآخر في المنتخب وقتذاك كلاوديو كانيجيا، إضافة
إلى الروماني أدريان موتو.