بعد الإخفاق في المونديال الأخير، ها هي الأمور تنقلب رأساً على عقب في كل من فرنسا وكوريا الشمالية. لكل أسلوبه في التعامل مع الموقف. هنا محاسبة وهناك شماتة. هنا ثورة وهناك «محاكمة»...

حسن زين الدين
إنها فترة المحاكمات بعد بطولة كأس العالم. محاكمات في البلدان التي لقيت مصير الخيبة والذل في المونديال الأفريقي الأخير.
لنبدأ من فرنسا، حيث إن المتابع للصحف اليومية الفرنسية يستطيع ان يلمس مدى الاهتمام الذي توليه هذه الأخيرة في الفترة الحالية لترددات الخروج الفرنسي المذلّ من المونديال، إذ في مكان هي تتابع كل الأخبار المتعلقة بالمنتخب ومدربه الحالي لوران بلان إضافة الى التحقيقات التي تجريها اللجنة الاتحادية مع اللاعبين بشأن ما حدث في المعسكر الفرنسي من انقسامات أثناء بطولة كأس العالم. وفي مكانٍ آخر فإن هذه الصحف أمثال «لو موند» و«لو فيغارو» و«ليبراسيون» وغيرها تحاول إظهار التفوق الفرنسي - ولو كان فردياً - في رياضات أخرى من أجل التخفيف من وطأة الهزيمة المدوية لبطل العالم السابق.
لوران بلان لم يشذّ عن القاعدة. فالرجل يحاول، وهو يحاول بما أمكن أن يعطي نظرة تدريبية جديدة غير تلك التي زرعها سلفه ريمون دومينيك، إذ إن أول قرارات «الرئيس»، كما يلقّب، كان استبعاده لـ23 لاعباً من التشكيلة التي شاركت في المونديال، وهي خطوة تحمل من الجرأة ما لا يمكن تخيّله، إذ بجرّة قلم واحدة يحاول بلان إعادة الاعتبار إلى الكرة الفرنسية، كأنه يمحي حقبة سيّئة من حقبات الكرة الفرنسية بضربةٍ قاضية واحدة. إلا ان بلان لم يكتفِ بذلك، بل يحاول النسج على منوال جديد لم نعتده في عهد دومينيك، وهو زيادة في صلاحيات المدرب، حيث إنه اجتمع قبل أيام بجميع مدربي الفرق الفرنسية المشاركة في البطولة المحلية، وذلك من أجل ان يضعوه في أجواء ما يدور في فرقهم ويوميات اللاعبين أولاً بأول، لكي يكون على اطلاع عن كثب عليها، وخصوصاً بعد الفضيحة الجنسية المدوية لنجمي المنتخب فرانك ريبيري لاعب بايرن ميونيخ الألماني وكريم بنزيما لاعب ريال مدريد الاسباني، وهذا ما لم يكن يفعله دومينيك الذي كان على خلاف تام مع النسبة الأكبر من أوساط الكرة الفرنسية، وكان الرجل في شبه عزلة، ما أثّر تأثيراً كبيراً على النتائج في المونديال، وحتى على الانقسامات داخل الفريق.
خطوة بلان هذه لقيت ترحيباً من الاتحاد الفرنسي للعبة ومن مدربي الدرجة الأولى، حيث قال مدرب أوسير جان فرنانديز: «لوران بلان شرح لنا ما يتمناه لمدربي الدرجة الأولى. أعتقد بأن الأمور ستجري على ما يرام. أمنية الجميع هي أن يتطور منتخب فرنسا، فهذه صورة الكرة الفرنسية. إذاً نحن جميعاً متفقون على أن نكون الى جانبه».
هذا في فرنسا.
أما في كوريا الشمالية، بلاد «الثورة الحمراء»، فكان الوضع مشابهاً، لكنّ الطريقة كانت مختلفة. فهناك لا مزاح في مثل هذه المسائل، فإما تكون وإما لا تكون.
هكذا فقد مَثُل اللاعبون والمدرب أمام «محكمة» شعبية لمدة 6 ساعات ضمّت رسميين وصحافيين وطلاب مدارس، بعد «الإخفاق الإيديولوجي» كما سمّي هناك للمنتخب الوطني في نهائيات كأس العالم في جنوب أفريقيا، حيث كان التهكّم هو السمة الطاغية على هذه «المحاكمة»، وأكثر من ذلك فإن راديو «آسيا الحرّة» نقل أن اللاعبين ألقوا بالتهمة على مدرب المنتخب كيم جونغ هون، وحمّلوه مسؤولية الإخفاق، ما حدا بالسلطات إلى تجريد هذا الأخير من امتيازاته!


المسؤولية على المدرب

مَثَل أول من أمس اللاعبان الفرنسيان وليام غالاس (الصورة) وباتريس إيفرا امام اللجنة الاتحادية التي تحقق في الانقسامات التي حدثت في المنتخب الوطني خلال المشاركة في كأس العالم في جنوب أفريقيا، وبحسب صحيفة «لو باريزيان» فقد حمّل اللاعبان المسؤولية للمدرب ريمون دومينيك.