لا يحتاج الأمين العام المساعد للاتحاد الآسيوي لكرة السلة، هاكوب خاجيريان، أكثر من سؤال صغير: «هل أنت راضٍ عن التنظيم في كأس ستانكوفيتش؟» حتى يطلق ما في صدره من أسىً نتيجة التنظيم السيئ للبطولة الذي قد يؤدي إلى «تطيير» استضافة كأس آسيا 2011
عبد القادر سعد
احتفل اللبنانيون طويلاً بإحرازهم لقب كأس ستانكوفيتش لكرة السلة التي استضافها لبنان على مدى 9 أيام. لكنّ أموراً أخرى ظهرت لتبدو الأمور كمن «يلحس المبرد»؛ إذ إن إحراز اللقب كان جيداً، لكن الثمن كان غالياً، وهو سمعة لبنان على صعيد التنظيم.
54 دقيقة لم تكن كافية للأمين العام المساعد للاتحاد الآسيوي هاكوب خاجيريان كي يعدد المشاكل التي رافقت تنظيم البطولة والتي وضعت استضافة لبنان لكأس آسيا 2011 «على كفّ عفريت» كما قال.
يطلق خاجيريان تنهيدة طويلة لدى سؤاله عن مدى رضاه عن التنظيم اللبناني لكأس ستانكوفيتش. فهو يحتار من أين يبدأ. هل من الملعب أم من الإقامة، أم من الأمور اللوجستية، أم من المسافة الطويلة التي كان على الفرق أن تقطعها، أم من الغياب الاتحادي بالمعنى الحقيقي لا الشكلي.
خاجيريان يرى أن الحديث بصراحة وواقعية مطلوب بعد البطولة، لا قبلها أو خلالها لعدم إعطاء طابع سلبي للناس، لكن بعدها لا بد من وضع النقاط على الحروف. فالاتحاد الدولي وضع مع الاتحادات القارية برنامجاً جديداً لإقامة بطولاتها من ناحية التسويق والترويج، وطُوِّرت الأمور من عام إلى آخر، وآخرها الموقع الإلكتروني والتحديث المعلوماتي بلغات متعددة، إضافة إلى الإحصاءات ومتابعة المباريات مباشرة. لكن بطولة ستانكوفيتش أعادتنا تسع سنوات إلى الوراء، مع غياب الترويج والتسويق للبطولة، وما وضع من إعلانات كان بطريقة متخلّفة لا تليق بالحدث؛ فالترويج ليس للبطولة، بل لمنتخب لبنان الذي سيشارك في المونديال أواخر الشهر الجاري.
ومن الناحية التنظيمية، يورد خاجيريان غيضاً من فيض من التقصير الحاصل؛ فهناك منتخبات وصلت ولم تجد من ينتظرها في المطار، كالمنتخب الكازاخستاني الذي وصل عند الثالثة والنصف صباحاً لينتظر ساعات قبل أن يصل إلى الفندق عند الساعة السابعة صباحاً. ولم يكن حال المنتخب الياباني الذي افترش لاعبوه بهو فندق الكومودور لثلاث ساعات قبل أن يحصلوا على غرفهم.

ما حصل أشبه بـ«Fiasco»

أما بالنسبة إلى ملعب غزير الذي استضاف البطولة، «فاعتراضنا كان من اليوم الأول. وهو ما حوّره البعض إلى أسباب شخصية وفئوية. فبطولة آسيا لا يمكن تنظيمها إلا على ملعب المدينة الرياضية الوحيد المؤهل لاستضافة مثل هذا الحدث، ويقال على ملعب الجمهور أيضاً، لكنني لم أشاهده». ويضيف خاجيريان: «ملعب المدينة الرياضية كان جاهزاً ويحتاج إلى صيانة لبعض المكيفات. كذلك، رئيس مجلس الإدارة رياض الشيخة وضع مكاتبه بتصرف الاتحاد الآسيوي، لكن صُرفت أموال طائلة (أضعاف تكلفة المدينة الرياضية) لتكييف ملعب غزير، وهو ما لم ينجح، ما أدى إلى «Fiasco»، أي إلى فشل ذريع وكارثة في المباراة النهائية؛ إذ تحولت إلى مباراة تزلّج على الجليد. واحتج الفريق الياباني الذي يعتمد على السرعة، إلى درجة أن المدرب الياباني عدّها غير عادلة لجميع اللاعبين، وخصوصاً اللاعبين اللبنانيين الذين ينتظرهم استحقاق كبير، فيما لاعبوه هو سيعودون إلى بيوتهم».
ويرى الأمين العام المساعد خاجيريان أن هذه البطولة شهدت سابقة لم تحصل في تاريخ البطولات العالمية والقارية، هي أن بعض الفرق احتاجت إلى ساعتين للوصول إلى الملعب، ما أدى إلى «كسر» أصول تنظيم البطولات القارية، وهذا سيكون موضع بحث على طاولة الاتحاد الآسيوي، علماً بأن شكاوى كثيرة وصلت من الدول المشاركة حتى قبل انطلاق البطولة، وهو ما بُحث في اجتماع ضم 24 عضواً من الاتحاد الآسيوي يوم السبت 7 الجاري، وهؤلاء الأعضاء ذاقوا الأمرّين نتيجة زحمة السير، إذ استغرق مشوارهم من فندق الكومودور ـــــ الحمراء إلى ملعب غزير ساعتين كاملتين، أضف إلى ذلك أنه وجب الطلب من الفرق مغادرة الفندق قبل ثلاث ساعات إلا ربعاً من موعد المباراة و«هي المدة نفسها التي تستغرقها الرحلة من الدوحة إلى بيروت جواً».
ويشير خاجيريان إلى أن حضور الاتحاد الفعلي لم يكن صحيحاً بالمفهوم التنظيمي، إذ إن وجود رئيس الاتحاد جورج بركات والأمين العام غسان فارس وعضو الاتحاد فادي تابت لم يكن كافياً؛ فالمسألة ليست بمتابعة الكهرباء أو توفير المياه، فهذه من مسؤولية أي ناطور في الملعب، أما أعضاء الاتحاد فمسؤوليتهم أكبر من ذلك بكثير.
فحين استُقدمت كأس ستانكوفيتش ورُبطت بكأس آسيا 2011، شُنّت حرب على هاكوب خاجيريان «اللبناني» الذي عدّه بعض أعضاء الجمعية العمومية في الاتحاد الآسيوي أنه «هرّب» البطولة في الظل إلى لبنان، أضف إلى ذلك «هجوم بعض الصحافة على المشاركة المدفوعة في المونديال، رغم أن الأموال التي دُفعت ما كانت لتتوافر في ظروف أخرى. ورئيس الاتحاد السابق بيار كاخيا كان له الفضل الأكبر، وتمتع بالجرأة الكبيرة للمطالبة بالتنظيم، رغم المخاطرة الكبيرة في حسابات الربح والخسارة، وتعرّض لهجوم كبير من أطراف اتهموه بوضع الاتحاد تحت أعباء مالية؛ فهؤلاء الأطراف كانوا سعداء بالأمس بتنظيم كأس ستانكوفيتش في لبنان. «علماً بأن كاخيا كان يجب ان يكون حاضراً في البطولة، شأنه شأن رؤساء الاتحاد السابقين الذين جرى تجاهلهم، وهو ما يسجّل على الاتحاد الحالي الذي يجب أن يستغل المناسبات الكبرى ليبرهن على وحدة عائلة كرة السلة».

تأثير الخلافات الداخلية

ويرى خاجيريان أن ما حصل من خلافات داخلية وعدم استقرار الاتحاد أثّر على التنظيم، وهو ما حذّر منه الاتحاد الآسيوي، الذي عدّه البعض تدخلاً في الشؤون الداخلية للاتحاد اللبناني، فيما حصل تدخل كبير من مراجع غير سلّوية، ومدحه البعض.
وعن الانطباع الذي خرج به رؤساء الوفود وأعضاء الاتحاد الآسيوي والمسؤولون عن الأمور الفنية، يجيب الأمين العام المساعد بكلمة واحدة: «سيئ»، وهو ما يؤسفه؛ لكونه لبنانياً ويعرف التبعات التي ستقع على مثل هذا الانطباع على كرة السلة اللبنانية مستقبلاً، مع عدم معرفة كيفية حسر الخسائر التي قد تفوق «قدرتي الشخصية، وأبلغت بذلك المدير العام لوزارة الشباب والرياضة زيد خيامي وحتى مراجع عليا أخرى وضعتها مع رئيس الاتحاد الآسيوي بالفشل الذي حصل والذي أعاد اللعبة إلى عام 1960، وخصوصاً على صعيد الترويج والتسويق الغائب؛ فالرياضة أصبحت صناعة، والترويج قبل البطولة وبعدها أهم من خوض المباريات».
ويتابع خاجيريان الحديث عن مسألة نقل المباريات إلى غزير، الذي كان لحسابات انتخابية وفئوية، وكان مرفوضاً من الاتحاد الآسيوي الذي «حُشر في الزاوية»، وخصوصاً على صعيد الإقامة التي كان من المفترض أن تكون في فندق «كاونتري لودج» وفندق في أدما، لكن قبل 6 أيام من البطولة «أُبلغنا بعدم إمكان توفير غرف في فنادق أدما، وبالتالي يجب العودة إلى فندق الكومودور. ولأن هاكوب خاجيريان لبناني، فهذا لا يعني أنه يستطيع قبول أي شيء يصدر عن الاتحاد اللبناني للعبة، فهناك أصول يجب احترامها».
ويعطي خاجيريان مثلاً عن بطولة آسيا 2011 للسيدات التي ستقام في اليابان والتي بدأ الإعداد لها قبل سنة لا قبل عشرة أيام، وهو لا يقبل بمقولة أن التغيير الاتحادي أثّر على الاستعداد، إذ إن طباخي هذا التغيير كان يجب أن يتنبهوا لمصلحة اللعبة، علماً

انطباع رؤساء الوفود وأعضاء الاتحاد الآسيوي كان «سيئاً»

انتظر لاعبو المنتخب الياباني 3 ساعات في البهو قبل الحصول على غرفهم


بأنهم أبلغوا مرات بأن ما سيحصل سيوصلهم إلى الحالة التي وصلوا إليها، وهذا ليس من باب التنبؤ، بل من خلال خبرة طويلة. وعضو الاتحاد فادي تابت الذي كان أكثر المتحمسين للاستضافة اعترف بأن الاتحاد غير قادر على الالتزام بمعايير الاتحاد الآسيوي، وخصوصاً أن العمل يجب أن يبدأ قبل 11 شهراً، فيما الجميع تلهّى قبل 3 أشهر بإسقاط الاتحاد بدلاً من العمل على توفير التنظيم الجيد، وهذا ما قد يؤدي إلى «تطيير» كأس آسيا 2011 التي «أصبحت على كفّ عفريت».
الصينيون جاهزون لاستضافة آسيا 2011 وقدموا مغريات للاتحاد الآسيوي، كعدم تقاضي مبلغ الـ300 ألف دولار الذي يقدم من الاتحاد الآسيوي دعماً للبلد المضيف، إضافة إلى شراء الحقوق الإعلانية التي على أساسها منحت الاستضافة للبنان، وتنظيم بطولة الناشئات أو الناشئين دون الـ16 عاماً على حسابهم الخاص. وتكمن أهمية استضافة كأس آسيا 2011 في أنها مؤهلة إلى أولمبياد لندن 2012 حيث سيمثل قارة آسيا بلد واحد، وطبعاً الأفضلية للبلد المضيف، «وهذا هو الهدف الرئيس الذي سعى إليه الرئيس السابق بيار كاخيا في البداية، لا كأس ستانكوفيتش 2010» يقول خاجيريان.
وعن المستقبل، لا يخفي خاجيريان الوضع اللبناني الحرِج وهو ما أبلغه لمرجع كبير، مع إمكان الحاجة إلى مساهمة الدولة وتقديم ضمانات للاتحاد الآسيوي كي يعيد تأكيد تنظيم البطولة في لبنان، ويضيف: «في رأيي الشخصي، غياب لبنان عن تنظيم الأحداث الكبيرة أثّر على قدرة اللبنانيين على مواكبة التطور وتنمية خبراتهم، وبالتالي يحتاج المسؤولون إلى مزيد من الجهد كي يلحقوا بالدول الأخرى».
أما على الصعيد الفني، فقد عبّر خاجيريان عن رضاه عن المستوى العام، وخصوصاً أن معظم المنتخبات عمدت إلى تجربة لاعبين جدد، ما يؤسس لجيل جديد من اللاعبين. أما عن حظوظ منتخبات آسيا في المونديال، فلا يخفي خاجيريان أن الحظوظ بالتأهل ضئيلة، مع أفضلية للمنتخب الصيني.


زيارة رئاسية

زار وفد من الاتحاد اللبناني لكرة السلة برئاسة رئيس الاتحاد جورج بركات وأعضاء الاتحاد رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان في مقر إقامته الصيفي في قصر بيت الدين. ورافق الوفد الجهازان الإداري والفني وأفراد منتخب لبنان للرجال الذي أحرز لقب مسابقة كأس ستانكوفيتش التي نظّمها الاتحاد اللبناني على ملعب نادي غزير برعاية رئيس الجمهورية. بداية، شكر بركات رئيس الجمهورية على رعايته للمسابقة وحضوره المباراة النهائية وتشجيعه المنتخب الوطني، مضيفاً أن حضور الرئيس أعطى دفعاً معنوياً للاعبين اللبنانيين. وفي كلمته، هنأ الرئيس سليمان المنتخب الوطني على إنجازه الآسيوي الكبير، مشيراً إلى أن الوحدة بين جميع أطياف الشعب اللبناني تقود إلى النجاح، وأن منتخب لبنان يُمثّل الوطن بأسره. وتمنى سليمان التوفيق للمنتخب الوطني المشارك في بطولة العالم التي ستقام في تركيا بين 28 آب الجاري و12 أيلول المقبل.