القصة نفسها تتكرر في كل عام، وهي إمكان التوفيق بين مزاولة كرة القدم والصيام. وفي الوقت الذي تترك فيه بعض الأندية الحرية للاعبيها في الاختيار، فإن أخرى، كما في إيران، قررت طرد لاعبيها لإفطارهم، فكيف هي الأجواء هذا العام؟
حسن زين الدين
كعادته في كل عام، يمثّل شهر رمضان مادة دسمة في الصحف الرياضية، نظراً إلى وقوعه في الفترة التي تنطلق فيها البطولات الوطنية في بعض البلدان أو في تلك التي تجري فيها الفرق استعدادات يومية وتدريبات قبيل انطلاق الموسم الجديد. كيف هو المشهد هذا العام بعد الجدل الذي حصل في الموسم الماضي، وخصوصاً تلك التصريحات النارية التي أطلقها مدرب انتر ميلانو السابق وريال مدريد الحالي، البرتغالي جوزيه مورينيو، بشأن شهر الصيام، والتي استدعت رداً من الجهات الإسلامية؟
إذاً يبدو الوضع مشابهاً هذا العام وهو يتراوح بين نيّة بعض اللاعبين الصيام وامتناع آخرين، حتى وصل الأمر الى فتاوى تجيز الافطار. لكن ما يُجمع عليه الجميع، بمن فيهم الاختصاصيون، هو صعوبة الصوم ولعب كرة القدم، وهذا الموقف هو ما يرفضه رجال الدين الذين لا يجدون تضارباً من وجهة نظر دينية بين المسألتين.
في فرنسا، حيث تأخذ المسألة حساسية نظراً إلى كثرة اللاعبين المسلمين والجالية العربية، ونظراً إلى المشاكل الدينية والعنصرية التي حصلت داخل صفوف المنتخب الفرنسي في نهائيات كأس العالم 2010، فإن المشهد يبدو هادئاً هذا العام، وخصوصاً لجهة تصريحات المدربين الاستفزازية، حيث تُرك الأمر في جانب بيد اللاعبين لاختيار ما يريدون فعله في هذا الشهر. وهكذا قرر الفرنسي الموهوب حاتم بن عرفة، لاعب مرسيليا، عدم الصيام هذا العام، وخصوصاً أن أوقات المباريات في فرنسا تصادف في بعض الأحيان مع وقت الافطار.
من جهتها، نقلت صحيفة «ليكيب» الرياضية الواسعة الانتشار عن المدرب كريستيان غوركوف، صاحب الخبرة في المنطقة العربية قوله: «المشكلة ليست في عدم تناول الطعام، بل في نقص السوائل والسكر، وهذا الأمر من شأنه أن يؤدي إلى زيادة احتمال حدوث الإصابات، ما يجبر المدربين على تغيير طرق التدريب واللجوء في بعض الأحيان إلى التقليل من فترات التدريب للاعبين المسلمين».
لاعب جزائري رفض الكشف عن اسمه قال: «تشعر أن الاهتمام بهذا الموضوع خلفه التمييز ضد المسلمين لا حب الفضول».
أما قائد المنتخب الجزائري عنتر يحيى، فتحدّث عن الصعوبات التي تواجه المسلم الصائم خلال شهر رمضان، وخاصة بعد الإفطار: «العام الماضي لعبنا مباراة ضد المنتخب الزامبي في شهر رمضان بعد الإفطار، حيث تناولنا وجبة الإفطار في السابعة مساءً ولعبنا في الساعة العاشرة، أي بعد ثلاث ساعات. ولن أخفي عليكم ان الأمر كان صعباً للغاية، لكنّ الإيمان في النهاية هو ما يقوّينا ويساعدنا على تجاوز الصعوبات».
أما في ألمانيا، فقد رخّص المجلس المركزي للمسلمين وهيئات كرة القدم للاعبين المسلمين المحترفين في الدوري الألماني بتناول الطعام خلال شهر رمضان، وذلك بناءً على قرار جامع الأزهر في القاهرة والمجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث.

من وجهة نظر طبية يتعارض الصيام مع كرة القدم

واتخذ قرار الترخيص على خلفية الحادث الذي حصل العام الماضي، عندما وجّه نادي أف أس في فرانكفورت (درجة ثانية) إنذاراً الى 3 لاعبين في صفوفه صاموا شهر رمضان، متذرعاً بأسباب طبية.
وبحسب قرار للهيئات العليا في الأزهر، فإن «عقد العمل الذي يربط اللاعب والنادي يفرض على الأول الحفاظ على مستوى معيّن من الأداء. وحيث إن عمله الذي يحكمه العقد ويمثّل المصدر الوحيد لدخله يضطره إلى اللعب خلال شهر رمضان، وكان الصوم يؤثر على أدائه، فإنه يملك الحق في الامتناع عن الصيام».
ورحّب رئيس أف أس في فرانكفورت بيرند ريزيغ بالقرار، معتبراً أنه «يسمح للاعب المحترف بأداء عمله الرياضي على أعلى مستوى مع الاحترام الكامل لمعتقداته الدينية».
لكنّ الأمور تبدو مختلفة كلياً في إيران، إذ قررت إدارة نادي ستيل أزين طرد اللاعب الشهير علي كريمي الملقّب «بمارادونا آسيا» بسبب إفطاره في شهر رمضان.
وقال متحدث باسم النادي: «اضطرت إدارة النادي إلى طرد علي كريمي من الفريق بسبب عدم التزامه بشعائر شهر رمضان وإفطاره في وقت الجميع كان فيه صائماً».

رأي أهل الخبرة والدين

يبدو رأي أهل الخبرة حاسماً في هذا الشأن، إذ يقول الدكتور مارسيل هوا، وهو متخصص في الطب الفيزيائي، إن «رمضان يتعارض كلياً مع كرة القدم»، مضيفاً «من دون دخول طعام أو مياه فإن الجسم يتحمل 40 دقيقة فقط حتى يدخل في حالة الإجهاد».
من جهته يبدو الموقف الديني أكثر ليونة، إذ هو يحاول الدفاع عن المعتقدات وفي الوقت عينه إعطاء الأسباب المخفّفة للاعبين. ويقول إمام جامع ليون في فرنسا، كمال كبتان، في هذا الصدد: «لدى المسلمين يُعدّ شهر رمضان مسألة شخصية تتعلق بين العبد وربه. لدينا حالات معيّنة توجب الإفطار كالمرض والمرأة الحامل. لذا يجب ألا يعرّض اللاعبون حياتهم للخطر».


أوزيل سيصوم وميسي يهنّئ المسلمين

على عكس حاتم بن عرفة فإن النجم الألماني الصاعد مسعود أوزيل قرّر الصيام هذا العام، وقد وضع له مدرب اللياقة البدنية في ناديه السابق فيردر بريمن برنامجاً غذائياً خاصاً بشهر رمضان. من جانبه، قام النجم الارجنتيني ليونيل ميسي بلفتة مميزة عندما قدّم التهاني للمسلمين وزملائه بحلول الشهر الكريم.