زفّ اتحاد اللبناني لكرة القدم في جلسته العمومية الأخيرة بشرى «السماح رسمياً بعودة الجمهور إلى الملاعب، بعد غياب أربعة مواسم كروية، انحدرت خلالها اللعبة فنياً ومادياً ونتائج واهتمامات ومنتخبات... ما أوصلها إلى أدنى درجة في الترتيب العالمي
علي صفا
جماهير الرياضة... عصب الألعاب ورونقها وإثارتها، هي تحفّز اللاعبين وتدعم صناديق النوادي وتجذب الإعلانات وتزيّن الملاعب وتكوّن مساحة راحة ومتعة لهواتها. وتمثّل لقاءات الجماهير في الملاعب حلقات وطنية تتحوّل فيها الشوائب السلبية في المجتمع إلى دوائر منافسات راقية مقبولة بين غالب ومغلوب. ورغم كل ما تحدثه اللعبة تبقى الجماهير «روح الملاعب».
كرة لبنان دارت مكتومة بلا روح طيلة المواسم الأربعة الأخيرة، بقرار حكومي رسمي منع دخول الجماهير تحت عناوين «حفظ الأمن الاجتماعي» في فترات حروب داخلية متنوعة من التنافر السياسي ـــــ الطائفي الحاد (بين جماعات 8 و14 آذار).
قبل أيام أشار اتحاد الكرة في جمعيته العمومية الأخيرة إلى قرار رسمي يسمح بعودة الجمهور إلى ملاعب لبنان. عال! ولكن كيف يعود الجمهور؟ هل يعود بمجرد فتح الأبواب؟ وكيف يتصور المعنيّون من مسؤولي اتحاد والنوادي صورة العودة، وماذا تمثّل من نسبة دعم لصناديق النوادي التي جفّت وانكسرت، وما هي فوائدها المعنوية والمادية المرتقبة؟
هذه الأسئلة المتعددة تتطلّب تحليلات متنوعة، ودراسات دقيقة تبيّن أسباب هجرة الجمهور وعوامل جذبه مجدداً في ظروف البلد الصعبة والشائكة بين حبائل السياسة والواقع الاقتصادي المر.
أسباب الابتعاد: تنافر شلل من الجماهير الرئيسة بين تيارين سياسيّين طاول شخصيات ورموزاً عالية، وامتد إلى أعمال شغب في مناطق محدودة، ورغم تكرار هذا لم تصدر قرارات حاسمة لمرجعيات أمنية ـــــ سياسية تضبط دائرة الشغب، لانشغال المراجع بأمور أهم وأشمل، فكان القرار الأسهل بالمنع دون العلاج بقمع شلل الشغب، التي تمثلت حصراً في جزء من جمهوري النجمة والأنصار، رغم انتماء الناديين إلى مرجعية سياسية واحدة، وهذا ما يفسّر التباين في ميول الجمهور بين النادي ومراجعه السياسية.
خلال سنين أربع تباعدت جماهير الكرة، وخصوصاً جمهور النجمة الأكبر، (يمثل حوالى 50 بالمئة من مجمل جماهير اللعبة) بسبب زج النجمة في دائرة سياسية (تيار الحريري) عبر إدارة معيّنة لم تحسن قيادة النادي بوعي في ظروف البلد المتنافرة، ما مثّل فرزاً سياسياً ـــــ مذهبياً، وحالة تمرد أبعدت معظم الجماهير عن الملاعب، وأضعفت اهتمامها باللعبة عموماً.
عوامل الجذب: لماذا تحضر الجماهير إلى الملاعب عادةً؟
هناك عناوين رئيسة أهمها: ولاء الجماهير لنواديها، وحدّة المنافسات، المستويات الفنية للفرق، مهارات النجوم، وقضاء وقت للمتعة.
عوامل رئيسة لجذب الجمهور ليتابع ويصرف رغم صعوبة أوضاعه الاقتصادية... ولكن، كيف يبدو واقع كل عنوان منها الآن؟
ولاء الجمهور لناديه تحوّل نظرياً متأثراً سلباً بولاءات سياسية ـــــ مذهبية، والمستويات تراجعت عموماً لأسباب ذاتية وفنية، والمنافسات فقدت الإثارة، وأجواء المتعة بالمباريات راحت، والأجيال الأصيلة التي عاشت مراحل ذهبية ابتعدت، وانتشر جيل جديد أقل ثقافة وأماناً.
فنياً: على عتبة الموسم تبدو صور الفرق الأولى رمادية في معظمها. وما رشح حتى الآن، يبدو العهد بطل الدوري محافظاً على تشكيلة لاعبيه وجهازه مع استقرار دافئ. ولم تتضح صورة الصفاء بعد، وهو يتطلّع لتجديد فريقه بتغييرات جوهرية كما قيل. ولا صورة للنجمة، حيث يبتعد معظم لاعبيه ويتمرّن بناشئين لخوض موسم مبهم وخطير على صورته وشعبيته ومراجعه. والأنصار يستعد استعداداً مدروساً، معتمداً على تشكيلة مطعّمة بالخبرة، ومجموعة واعدة من الشباب مع جهاز من أبناء النادي.
أما باقي الفرق، فلم يظهر منها أيّ جديد إيجابي يلمّح إلى تطور ما، ما يشير إلى احتمال فرز الفرق بين مجموعتين بدلاً من ثلاث مجموعات، كما كانت سابقاً. والواقع المشترك بين الفرق الـ12 أنها جميعاً تغرق في مشاكل مادية، وينعكس ذلك على اختيار لاعبين أجانب يدعمونها في رفع المستويات، وعلى خفض رواتب لاعبيها، إضافةً إلى ابتعاد لاعبين عن الممارسة طوعاً، وخروج البعض للاحتراف خارجياً عبر شبّاك «غياب العقود الرسمية بين اللاعبين ونواديهم برعاية اتحاد اللعبة» (كما حصل أخيراً مع محمد غدار وزكريا شرارة، وغيرهما على الطريق).
والسؤال، هل يجذب هذا الواقع الفني الجمهور ويحسّن الصورة والمنافسة؟

استطلاع خاص: 20 بالمئة

قد نذهب إلى الملاعب... لا أعرف تماماً! كان هذا أكثر جواب تردّد على ألسنة شرائح من جماهير الكرة سألتها «الأخبار» في استطلاع خاص، بينّ أن ما بين 20 إلى 25 بالمئة فقط يمكن أن يتردّدوا على الملاعب في حالة السماح رسمياً بعودة الجمهور، وعزا الآخرون تمنّعهم إلى أسباب مختلفة
(قرف، فقدان الاهتمام، توفير مادي، انشغال، الشغب وغياب الأمن). وحددت الشريحة الأكبر لجمهور النجمة بضرورة «تحرير النجمة من السياسة» عبر إدارة واعية ومتنوعة بأطيافها، تضع خطة علمية تعيد النجمة وفرقها إلى صورتها السابقة، لتستعيد وحدة جمهورها الكبير في كل مناطق لبنان.

ورشة عمل وإنقاذ

يدرك المعنيون جيداً أن اللعبة بلا جمهور أشبه بعرس بلا «معازيم»، وإنعاش اللعبة بإعادة الجمهور يتطلب أكثر بكثير من مجرد دعوات للحضور.
إن مسألة جذب الجماهير إلى الملاعب بعد تهجيرها لسنوات، وفي ظروف شائكة في البلد، تتطلب دراسات مختصة «اجتماعية ـــــ إعلامية ـــــ إعلانية» عبر ورشة عمل شاملة بين اتحاد اللعبة والنوادي وروابط الجمهور ووسائل الإعلام، تنطلق قبل بداية كل موسم لإبقاء الجماهير مهتمة ومتحفّزة للمتابعة، لتصل أصداء اللعبة إلى شركات وأطراف يمكن أن تميل لدعم اللعبة والنوادي.
إن إشارة اتحاد الكرة إلى إعفاء النوادي من أكلاف حكام المباريات، وخفض عدد الأجانب واحداً، يمثّلان نقطة ماء لا تقي من تعطّش اللعبة والنوادي إلى مرحلة إنعاش وثبات.
ليس المهم أن تمشي اللعبة كل موسم لتبرّر للإدارات المسؤولة وجودها، بل الأهم أن نوفّر للعبة ونواديها حياة حرة كريمة يألفها الشعب وينجذب إليها... تماماً كما هي حال هذا الوطن.
وكما تكون الأوطان تكون ألعابها.


إشكال

رهيف علامة يمنع الحكّام



لم تمرّ زيارة فريق الكرامة السوري لكرة القدم الى لبنان على خير، بعد الإشكالات التي رافقت مباراتيه الودّيتين مع العهد والساحل نتيجة رفض الأمين العام لاتحاد اللعبة رهيف علامة إرسال حكام لقيادة المباراتين على ملعب المدينة الرياضية، بحجة عدم حصول الكرامة على إذن من الاتحاد للعب مباريات مع فرق لبنانية. وكان أمين سر العهد محمد عاصي قد طلب من رئيس لجنة الحكام محمود الربعة إرسال حكام الى مباراة العهد، أول من أمس، لكن علامة رفض إرسال الحكام، إضافة الى عدم الرد على اتصالات عاصي وكذلك فعل الربعة، فبعث عاصي برسالة شفوية قاسية الى علامة والربعة عبر إداري لجنة الحكام سبع فلاح. ورغم ذلك أقيمت المباراة وفاز الكرامة 2 - 0.
وحاول علامة تعطيل مباراة الساحل أمس عبر الطلب من أمين سر نادي الساحل جلال علامة عدم إقامة المباراة. وحاول جلال علامة تعطيلها، لكنه اصطدم برفض نائب الرئيس سمير دبوق الذي أصرّ على إقامتها نتيجة إعطاء كلمة للفريق السوري، وفاز الكرامة 1 - 0.
وعلمت «الأخبار» أن رهيف علامة تمنى على رئيس نادي الصفاء عصام الصايغ عدم خوض المباراة الثالثة مع الكرامة، بحجة أن الاتحاد سيغرّم العهد والساحل، لكن الصايغ رفض هذا الأمر لأنه وافق في البداية على اللعب مع الكرامة ولن يتراجع في كلامه.


النجمة سيفتقد محمد غدار (الصورة 1) وحسون الأنصار إلى التدريب