strong>شربل كريّمفجأة، تحوّل أخطبوط صغير يدعى «بول» ويقبع في «أكواريوم» في مدينة أوبرهاوزن الألمانية، أحد نجوم كأس العالم 2010، من دون أن يتكبّد حتى عناء السفر الطويل إلى جنوب أفريقيا أو يسجّل الأهداف.
«بول» هذا جذب وسائل الإعلام وعدسات المصوّرين كلاعبٍ سجل «هاتريك» في إحدى المباريات، إذ توافد الصحافيون عشية كل مباراة لألمانيا لمعرفة توقعات «المنجّم» المائي، وهو الذي أصاب في خسارة «المانشافت» أمام صربيا وفي فوزه في المباريات الأخرى، وذلك عبر اختياره طعامه من العلبة التي عليها العلم الألماني أو العكس!
أمس، لم يكن «بول» وطنياً، بل كان قاسياً على الألمان، إذ اختار طعامه من الصندوق الملوّن بالعلم الإسباني، ما أدى إلى إعلان ما يشبه حالة الطوارئ في ألمانيا، وبدأ البعض ينتحب متأسفاً على مصير «المانشافت».
تصديق هذه الخرافات ليست شيئاً جديداً، إذ يبدو أن الألمان يؤمنون بها كثيراً، لدرجة أن المستشارة أنجيلا ميركل ارتدت الأحمر خلال مباراة ألمانيا والأرجنتين، مشيرة إلى أنه كان فأل حسن على منتخب بلادها قبل 4 أعوام. أضف أن المدرب يواكيم لوف أفصح عن أنه سيرتدي اللون الأزرق نفسه تحت سترته عندما يواجه منتخب إسبانيا، على اعتبار أن هذا اللون جلب له نصراً عظيماً أمام الأرجنتين.

الخرافات تقليد كروي قديم

نظر دومينيك إلى أبراج اللاعبين الفرنسيين قبل ضمّهم إلى تشكيلته
لا يخفى أن كرة القدم أصابت تطوّراً هائلاً على كل الصعد في الأعوام الأربعين الأخيرة، إلا أن أشياء كثيرة بقيت على حالها، ومنها التقاليد البروتوكولية المتبعة قبل المباريات أو بعدها. لكن هناك أمر لا يتنبّه إليه كثيرون، ويبرز غالباً في تصريحات بعض اللاعبين أو تصرفاتهم، وهو إيمانهم بخرافات معيّنة مرتبطة بالسحر والتنجيم والحسابات الرقمية الغريبة. وليست أفريقيا وحدها في خضم هذه الخرافات التي تغزو معظم بلدانها، إذ معلوم أن بعض المشجعين في «القارة السمراء» عمدوا مثلاً إلى رشّ الملح على أرض الملعب لإبعاد النحس عن مباريات فرقهم أو منتخباتهم. كذلك ذهب آخرون إلى إلقاء تعويذة معيّنة على كرة المباراة لكي تبتعد عن شباك فريقهم وتسكن شباك الخصم دون سواها. وقد سبّب هذا الأمر مشكلاتٍ عدة بين الفرق المضيفة والأخرى التي حلّت ضيفة عليها.
وإذا كان الرقم 13 يُعَدّ فأل شرّ عند البعض، فإن المدافع الإيطالي اليساندرو نيستا وكابتن منتخب ألمانيا ميكايل بالاك وجدا فيه التفاؤل فاختاراه ليكون على ظهر قميصيهما خلال مسيرتهما مع الأندية أو المنتخب. أما القصة الأكثر إثارة بخصوص هذا الرقم، فهي تلك التي أخبرها البرازيلي ماريو زاغالو، الذي يجد الرقم 13 فأل خير بكل ما للكلمة من معنى، وقد أصرّ على أن يحمله لأن زوجته كانت تؤمن كثيراً بالقديس مار أنطونيوس البدواني الذي يصادف عيده في 13 حزيران. وذهب زاغالو إلى حدّ القول قبل 4 أعوام إلى أن البرازيل ستفوز بمونديال 2006 لأن اسم مدربها كارلوس ألبرتو مؤلف من 13 حرفاً، إضافةً إلى أنها خاضت مباراتها الأولى في كأس العالم ضد كرواتيا في 13 حزيران!

كأس العالم أرض المعتقدات

أخطأ الأخطبوط «بول» في توقّع نتيجة مباراة إسبانيا وألمانيا في 2008
وبين تشاؤم مدرب إسبانيا السابق لويس أراغونيس من اللون الأصفر، وتفاؤل مدرب الأرجنتين السابق (مدير المنتخب الحالي) كارلوس بيلاردو بربطة عنق معيّنة، يبرز «جنون» مدرب فرنسا السابق ريمون دومينيك، الذي قيل إنه يعتمد على الفلك والأبراج خلال اختياره أفراد تشكيلته، ما دفع لاعب الوسط السابق يوهان ميكو إلى القول إنه أُبعد عن منتخب «الديوك» لأن برجه «الأسد»، وهناك الكثير من زملائه الذين يحملون البرج عينه ويخاف المدرب أن يشهد منتخبه صراع أسود.
وفي المونديال أيضاً، تبرز قصص المعتقدات الخرافية أكثر من أي وقتٍ آخر، إذ لا يمكن نسيان تلك القبلة التي كان يطبعها الفرنسي لوران بلان على رأس حارسه فابيان بارتيز في مونديال 1998، لاعتقاده أنها جلبت الفوز لفرنسا في كل المباريات.
أما هداف مونديال 1986 الإنكليزي غاري لينيكر فاعتاد على عدم التسديد على المرمى خلال فترة التحمية «لأنه لا يريد أن يهدر أهدافاً». وكان يبدّل قميصه قبل انطلاق الشوط الثاني إذا فشل في تسجيل أي هدفٍ خلال الشوط الأول، أو يبقيه نفسه إذا هزّ الشباك في النصف الأول من اللقاء.
وبين هذه الحكايات وغيرها، نعود إلى ظاهرة «بول» لنترك ملاحظة بسيطة عند محبي المنتخب الألماني، ألا وهي أن هذا الأخطبوط أخطأ في توقّع نتيجة مباراة واحدة لألمانيا خلال كأس أوروبا 2008، وكانت تلك المباراة النهائية التي جمعته ونظيره الإسباني، حيث رشّح الألمان للفوز، لكن الإسبان خرجوا متوّجين باللقب في نهاية المطاف!