لا يمكن عند رؤية اسمي ميلان وإنتر ميلانو وجهاً لوجه في جدول مباريات الدوري الإيطالي لكرة القدم، إلا أن ترتسم في المخيلة سريعاً صورة ملعب «سان سيرو» بصخبه وجنونه وأجوائه الخيالية التي كانت، حتى الأمس القريب، تجذب إليها عشاق الكرة من كل حدب وصوب بحثاً عن الفن الجميل. لا يمكن إلا أن تعود الذاكرة إلى نجوم عمالقة في كلا الجانبين كانوا يحوّلون أمسيات ميلانو إلى لوحات ساحرة.
هذا الأمر مردّه طبعاً إلى فقدان هذه المباراة رونقها في الأعوام الأخيرة مع حالة التقهقر التي أصابت الفريقين بسبب فقدانهما النجوم وابتعادهما عن فرق الصدارة، ليتحوّل «دربي الغضب» إلى مباراة عادية لا تعني إلا أنصار الفريقين وبالكاد البعض ممن يسترقون النظر إليها إن بداعي التأسف على ما وصلت إليه حالها، أو للسخرية من وضع قطبَيها، بعدما تحوّلت الأنظار كلها في إيطاليا وخارجها إلى مباراة يوفنتوس وروما أو إلى «دربي العاصمة» الذي حافظ على زخمه وقوته بين لاتسيو وروما.
هذا الموسم، يطل «دربي ميلانو» مبكراً، في الجولة الثالثة من الـ»سيري أ». غير أن التوقعات هذه المرة قبل الأمنيات، خلافاً للسنوات الأخيرة، تقود إلى إمكانية مشاهدة مباراة جديرة بالمتابعة حتى صافرة نهايتها، وهذا مردّه بالدرجة الأولى إلى حركة الفريقين في سوق الانتقالات الصيفية والتي نجمت عنها تعاقدات كفيلة بأن تضخّ جرعة من الحيوية في ملعب «سان سيرو»، وتعيد الحياة إلى عروقه تدريجاً.
الحديث هنا طبعاً عن لاعبين على غرار الفرنسي جيفري كوندوغبيا القادم من موناكو الفرنسي والكرواتي إيفان بيريسيتش من فولسبورغ الألماني والمونتينغري ستيفان يوفيتيتش من مانشستر سيتي الإنكليزي والبرازيليين جواو ميراندا من أتلتيكو مدريد الإسباني (لن يلعب بداعي الإصابة) وفيليبي ميلو من غلطة سراي التركي والبوسني آدم ليايتش من روما في صفوف إنتر ميلانو، والكولومبي كارلوس باكا من إشبيلية الإسباني والبرازيلي لويز أدريانو من شاختار دونيتسك الأوكراني وأليسيو رومانيولي من روما والعائد بالإعارة ماريو بالوتيللي من ليفربول الإنكليزي في صفوف ميلان.

تعزيزات الفريقين
تعطي أملاً باستعادة موقعتهما قوتها وزخمها


هذه النقطة، أي التعاقدات، منحت بارقة أمل لجمهوري الفريقين لانطلاقة متجددة، يبدو بالتأكيد ملعب «سان سيرو»، أمسية غد، مسرحاً مناسباً لاختبارها في بداية الموسم والذي استهله إنتر في مباراتيه الأوليين بفوزين على كل من أتالانتا وكاربي سجل فيهما يوفيتيتش الأهداف الثلاثة، مثبتاً سريعاً أنه خيار صائب لتنشيط هجوم «النيراتزوري» وهذا ما يُتوقع أن يزداد مع بيريسيتش الذي سيسجل مشاركته الأولى مع الفريق بعد التحاقه به في الساعات الأخيرة من سوق الانتقالات الصيفية، فيما انطلق ميلان بخسارة على ملعب فيورنتينا ليعود ويحصد الفوز في المباراة الثانية على امبولي على وقع نبأ قدوم بالوتيللي، وهذا ما يجعل من مباراته أمام الجار اللدود على درجة عالية من الأهمية.
الأهم، أن توقيت هذه المباراة في بداية الموسم يأتي تزامناً مع الانطلاقة الكارثية ليوفنتوس بخسارتين، ما منح قطبي ميلانو ــ على نحو مجاني ــ المعنويات للعودة إلى المنافسة هذا الموسم، وهذا ما من شأنه أن ينسحب على قمة الأحد بدخول الفريقين إليها متسلّحَين بالحافز لتقديم أمسية على مستوى تنافسي عال، يعيد التذكير بصراعهما القوي السابق الذي اتسمت به مبارياتهما.
ما يجدر قوله هنا، انطلاقاً مما تقدّم، إن مسببات استعادة «دربي الغضب» عافيته، أو على الأقل جزءاً منها، تبدو متاحة في بداية هذا الموسم. وبينما يصوّب كل طرف نظره ناحية الفوز، فإن ملعب «سان سيرو» يترقب، بعبق الماضي الساكن في كل مفاصله التاريخية، حلول كبيرَيه مجدداً على عشبه الأخضر، لعلهما، هذه المرة، يعيدان له بعضاً من توهج الأيام الغابرة.