لم يسجّل منتخب لبنان للفوتسال أي تراجع في استحقاقه الآسيوي. ورغم تطوّر مستواه، لم يذهب أبعد في مشواره، لكنه برهن أن المستقبل أمامه بفعل حيازته لاعبين يتمتعون بمهارات تفتقدها المنتخبات الأخرى
شربل كريّم
فتح التفوّق المطلق لمنتخب إيران على جميع منافسيه في كأس آسيا وتسجيله نتائج عريضة في مواجهة كلٍّ منهم، الباب امام نقاش طويل بين الخاسرين في سرّ النجاح المستمر للايرانيين، لا بل ظهورهم في هذه البطولة كأنهم من قارةٍ اخرى، بفعل الفارق الكبير في المستوى بينهم وبين خصومهم. طبعاً لم يتوقّع كثيرون ان تكون ايران التي تحتل المركز الخامس في التصنيف العالمي بهذه القوة، وخصوصاً انها لعبت من دون نجمها الاول فاهيد شمساي، فأتى الجواب الاول على هذا النقاش أن الأسس الصحيحة التي وضعها الايرانيون عند دخولهم اللعبة قبل غيرهم بأعوامٍ عدة، أوجدت لهم الحلول الشافية في كل مرّة واجهوا فيها مشكلة ما، لذا بدا جليّاً ان المدرب حسين شمس بدأ يطعّم تشكيلته بلاعبين من المنتخبات الرديفة، استعداداً للمستقبل، وقد برهن هؤلاء ان بإمكانهم حمل بلادهم الى المزيد من الالقاب.
وبين إيران ولبنان فارق كبير، ليس في نوعية اللاعبين، بل في الارضية التي تبنى عليها اللعبة أو بتعبير أدقّ في الإمكانيات الموضوعة بين أيدي الجهازين الاداري والفني للمنتخبين من أجل الإعداد للاستحقاقات. وهنا تنتفي المقارنة، لأن اللاعبين الايرانيين يعيشون احترافاً بكل ما للكلمة من معنى، وقد ذهب اتحاد بلادهم الى استقدام مدربٍ برازيلي لرفع مستوى اللياقة البدنية، اضافة الى تفريغ اللاعبين للفوتسال فقط.
وقد يرى البعض أن الإعداد لم ينفع اوزبكستان التي خاضت معسكرات ودورات خارجية واكثر من 30 مباراة تحضيرية، أو الكويت التي بدأت استعداداتها قبل البطولة بأشهرٍ طويلة ثم دخلت معسكراً طويلاً في أوكرانيا، فسقط هذان المنتخبان أمام نظيرهما الإيراني تماماً على غرار سقطة المنتخب اللبناني، من دون ان يتمكنا على الاقل من إحراجه كما فعل الاخير باعتراف شمس في حديثه الى موقع الاتحاد الاسيوي. لذا يمكن اعتبار ان المسألة لا تنحصر فقط في حجم الاستعدادات بل في نوعية اللاعبين، حيث تبرز مواهب تتمتع بفنيات رفيعة في التشكيلة اللبنانية، يتمنى اي مدربٍ ان يكون في منتخبه إحداها.
وما يميّز لاعبي لبنان، على حدّ قول مدرب أوزبكستان سيرجيو سابو، تلك المهارات التي تجعلهم اصحاب حلول خلّاقة على ارض الملعب، بينما يلعب منافسوهم بطريقة منهجية (systematic). وفعلاً، أصاب البرازيلي في قوله، لان بعض لاعبيه ظهروا امام لبنان كأنهم رجال آليون ينفذون ما برمجهم عليه، من دون ان يضيفوا شيئاً عفوياً، وهذا ما سبّب لهم مشكلات عدة في الشوط الثاني.
وربما كان الهدف الثاني الذي سجّله الموهوب حسن شعيتو في مرمى تايبيه ابرز دليل على المهارات الفائقة الموجودة في صفوف المنتخب الاحمر، ما جعل الجمهور المحلي يتعاطف معه، آملاً رؤية المزيد من المتعة، وهذا ما أكده قابيل سوبيريانوفيتش الذي قاد اولئك المشجعين الأوزبكيين، فرفعوا العلم الذي تتوسطه الارزة الخضراء في قاعة «أوزبكستان سبورتس كومبلكس».
ويحسب للاعبي المنتخب اللبناني تفانيهم واصرارهم على تقديم كلّ ما لديهم خلال مبارياتهم وتفاعلهم بفدائية مع تعليمات المدرب دوري زخور، وتصرّفهم كعائلة حيث يشجّع بعضهم بعضاً في غرف الملابس، ويدعون من ارتكب خطأ الى تناسيه، وهذا ما يعطي دافعاً آخر لدعم هذا المنتخب ووضع أسسٍ مدروسة قبل خوضه بطولة آسيا بعد عامين، إذ استناداً الى مستوى المنتخبات حالياً، يملك لبنان فرصةً كبيرة لبلوغ كأس العالم.


زخور والطريق إلى كأس العالم

اعتبر مدرب لبنان دوري زخور ان منتخبه قادر على الوصول الى كأس العالم بعد عامين «لكن هذا الامر يتوقّف على البرنامج الذي سيتمّ وضعه استعداداً لكأس آسيا، اذ اننا نحتاج الى تفريغ اللاعبين بشكلٍ تام عبر انهاء بطولتي كرة القدم والفوتسال بشكلٍ مبكر. كذلك هناك حاجة لاقامة معسكرين على الاقل محلي وآخر خارجي».