يحرص اللاعبون خلال تدرّبهم في بلدة عناتا الفلسطينية على عدم رفع الكرة كثيراً تخوّفاً من سقوطها خلف جدار الفصل الإسرائيلي الذي لم يعزل البلدة عن القدس فقط، بل قسّم ملعب كرة القدم الوحيد فيها إلى شطرين. وأقامت إسرائيل في عام 2006 الجدار الفاصل على حدود بلدة عناتا من مختلف الجهات، ومخيم شعفاط القريب الذي يعدّ جزء منه من أراضي مدينة القدس، وفصلت البلدة فصلاً محكماً عن حدود مستوطنة بسجات زئيف.ويقول رئيس نادي عناتا موسى خليل لوكالة فرانس برس بخصوص الملعب «نستخدم منه الجزء الذي بقي من جهتنا». ويطلب موسى من لاعبي فريقه عند اللعب على الملعب عدم رفع الكرة أكثر من ثلاثة أمتار باتجاه الجدار خوفاً من سقوطها خلفه، الأمر الذي يعني فقدانها نهائياً.
وفي محاولة لتجاوز فقدان الكرات المتواصل، خصص النادي أيام تدريب في قاعة مغلقة داخل النادي فقط لتجنب خسارة المزيد من الكرات أو تعريض اللاعبين للخطر في أثناء محاولة استردادها.
وخلال العام الماضي وبداية العام الجاري، فقد النادي أكثر من ثلاثين كرة قدم سقطت خلف الجدار، ولم يتمكن أحد من إعادتها، حسبما يقول رئيس النادي.
وقال موسى «نظّمنا في يوم الأرض بطولة شارك فيها 21 نادياً، وفقدنا خلال تلك البطولة 15 كرة قدم سقطت خلف الجدار».
ويحيط الجدار ببلدة عناتا (20 ألف نسمة) من مختلف الجهات، رغم أن نصف أهالي القرية يحملون الهوية المقدسية.
وكان أهالي البلدة يطلقون على حي محاذ تماماً لمدينة القدس «حي الثغرة»، إلا أنهم أطلقوا عليه اسم «حي السلام» مع بداية العملية السلمية وتوقيع منظمة التحرير الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية على اتفاقية أوسلو. ويسكن هذا الحي حوالى 12 ألف نسمة غالبيتهم من حملة الهوية المقدسية، إلا أنهم باتوا اليوم خلف الجدار.
ويقول موسى القصراوي (58 عاماً) عضو لجنة تطوير حي السلام «إن أهالي قرية عناتا القاطنين في حي السلام غيّروا اسم ذلك الحي من «حي الثغرة» الى «حي السلام» حينما شعروا بأن السلام حان، لكن السلام لم يتحقق، بل فصل الجدار حي السلام عن المدينة».
ويحمل موسى بطاقة الهوية الفلسطينية، فيما يحمل أفراد عائلته الهوية الإسرائيلية، وقال «مثلاً بإمكان إفراد عائلتي الوصول إلى القدس، لكن أنا ممنوع لأني امتلك هوية الضفة الغربية».
وقال موسى «الجدار الفاصل فصل منزل عائلة تسكن في حي السلام، بحيث بات درج المنزل مقسوماً إلى نصفين».


التسلل الخطر

يرى الشاب الفلسطيني مراد عبيدي (21 عاماً) أنه كان حتى فترة قريبة يتمكّن من التسلّل عبر نفق مظلم ولمسافة طويلة زحفاً ليعيد الكرة إذا سقطت خلف الجدار الفاصل.
لكن اليوم لم يعد بإمكان مراد ورفاقه إعادة الكرة كلما سقطت خلف الجدار بعدما أغلق الجيش الإسرائيلي النفق. ويضيف مراد إنه «يخاف اليوم من محاولة إعادة الكرة تحسّباً من إطلاق النار عليه والقول إنني أحاول تنفيذ عملية إرهابية!!».
وقال مراد «في بعض المرات كان الجيش الإسرائيلي يطلق علينا الغاز المسيّل للدموع، ونحن داخل النفق كنا ننجح أحياناً في إعادة الكرة، لكن اليوم بات من المستحيل إعادتها».