لم يكد منتخب ألمانيا يكشف عن قميصه الاحتياطي الجديد، حتى ذهبت مخيّلة الإنكليز لربطه بالحقبة النازية. مخيلة ليست «بالبريئة»، وخصوصاً أن لقاءً محتملاً جداً (بحسب القرعة) سيجمع المنتخبين في مونديال 2010. هكذا جرت العادة بين الإنكليز والألمان!
حسن زين الدين
رغم أن الحرب العالمية الثانية قد وضعت أوزارها منذ 65 عاماً، فإن الكراهية ـــــ أقلّه في كرة القدم ـــــ ما زالت تحكم علاقة الجمهورَين الإنكليزي والألماني. هنا، لا يمكن تجاهل الدور الذي تؤديه وسائل الإعلام في إذكاء شرارة الخلاف.
لذا، لم يكن مستغرباً أن تخرج صحيفة «دايلي ستار» البريطانية بمقال بدا غريباً في تعليقها على القميص الاحتياطي الجديد للمنتخب الألماني: «عودة القمصان السوداء». كان هذا عنوان المقال، مُرفَقاً بصورة صغيرة للزعيم النازي أدولف هتلر، بجانب صورة لقائد «المانشافت» حالياً ميكايل بالاك مرتدياً الزي الجديد.
هكذا، كان مجرّد عودة الألمان إلى اعتماد اللون الأسود، كافياً، لكي تذهب مخيلة كاتب المقال إلى فترة الحرب العالمية الثانية ليشبّه القميص الجديد بذاك الذي كانت ترتديه قوات «العاصفة» التي كانت تضم نخبة المقاتلين النازيين الشديدي الولاء لهتلر، فكتب توم سافاج: «سيعيد إلينا هذا (القميص) ذكريات قوات العاصفة التي روّعت أوروبا في الحرب العالمية الثانية. كذلك، فإن قوات الحماية الخاصة بهتلر كانت ترتدي الزي الأسود أيضاً».
ردّ لا يستجلب اعتذاراً
هذا المقال «فعل فعلته» طبعاً في نفوس الألمان، وما كان من صحيفة «بيلد» هناك إلا أن ردت عليه رداً لاذعاً، مشيرة إلى أن هذا التشبيه هدفه التأثير نفسياً على لاعبي المانيا في المونديال. واستغلت الصحيفة طبعاً هذه المناسبة لتذكّر بعلوّ كعب الألمان على الإنكليز في مواجهاتهما منذ مونديال 1990، مشيرة إلى أن هذا هو السبب الرئيسي خلف نقمة الإنكليز وكتابة المقال.
من جهته، رأى المتحدث باسم الشركة الألمانية (الشهيرة عالمياً) المنتجة للقميص، أن «الصحافة يجب أن تتحلى بالمسؤولية عن أي تعليق غير ضروري».

وضعت صحيفة «دايلي ستار» صورة قائد ألمانيا بالاك الى جانب صورة لهتلر!
فصول التراشق الإعلامي لم تنته هنا، إذ إن «الدايلي ستار» رفضت الاعتذار عن مقالها، وكما العادة، عرف كاتبه كيف يبرر ما ورد فيه، مُلقياً باللائمة على الألمان الذين «لا يتقبلون المزاح»، مشيراً إلى أن الهدف من النص كان تصوير المنافسة في المنتَجات الرياضية بين البلدين، وأنه كان مجرّد «قصة مضحكة».
بالفعل، تبدو القصة مضحكة، وهي مسلية للقراء كذلك. هي قصة بدأت فصولها منذ 4 أيار عام 1938، حين شارك لاعبو إنكلترا نظراءهم الألمان التحية النازية قبل مباراتهما في برلين، التي عُدّت نقطة سوداء في تاريخ الكرة الإنكليزية. هي قصة ملعب ويمبلي الشهير في 1969، حين فاز الإنكليز على الألمان 4ـ2 في نهائي كأس العالم، وكان الهدف الثالث لجيف هيرست غير شرعي، ما عدّه الألمان ظلماً لحق بهم. هي قصة عام 1996 حين ردّ الألمان التحية للإنكليز في ويمبلي، عندما أقصوهم من نصف نهائي بطولة أوروبا التي توّجوا فيها لاحقاً.
هي قصة في طبعة جديدة لعام 2010 إذاً، لكننا لم نزل إلا في مقدمتها. مقدمة خُطّت على أوراق الصحف، لكن مَن يعلم عندما يلتقي المنتخبان في الدور الثاني أو ربع نهائي مونديال 2010 (بحسب القرعة) كيف تكون نهايتها؟ ربما، كما جرت العادة، قد تكون النهاية بيد جمهورَي المنتخبين في شوارع جوهانسبورغ. هذا على الأقلّ ما يحدثنا عنه تاريخ مواجهات المنتخبين العريقين. فلنترقّب!


عُقدة الحرب العالمية الثانية

لطالما كانت مفردات الحرب العالمية الثانية حاضرة في الحملات الإعلامية بين الإنكليز والألمان، منها على سبيل المثال حين عنونت صحيفة «دايلي مايل»: «استسلام 1996» مع صورة لاعب «المانشافت» أندرياس مولر (الصورة)، في تهكّم واضح على الخسارة التاريخية لإنكلترا أمام ألمانيا في ملعب ويمبلي الشهير في «يورو 1996».