يوم ظهر سيسك فابريغاس بقميص أرسنال وهو في السادسة عشرة من العمر، عرف جمهور «المدفعجية» أنهم كسبوا نجماً للمستقبل، بينما أدرك النادي اللندني أن تألّق لاعبه سيكون سبباً لحربٍ مع ناديه الأم برشلونة
شربل كريم
ربما لم يشهد الدوري الإنكليزي الممتاز لكرة القدم لاعباً تطوّر بالسرعة التي عبر فيها الإسباني سيسك فابريغاس إلى النجومية، حيث صار في سن الـ22 قائداً ملهماً لا غنى عنه في تشكيلة أرسنال، وخصوصاً عندما وصل هذا الموسم إلى قمة مستواه في دور صانع الألعاب والهداف في آنٍ معاً.
تألّق فابريغاس هذا فتح أعين أكبر الأندية الأوروبية عليه، وهو الذي يعدّ لاعباً قلّ نظيره في مركزه، إذ يكتفي غالباً لاعبو الوسط ــ المدافع بعملية التصدّي لمهاجمي الخصوم من دون أن يؤدّوا دوراً كبيراً في عملية الوصول إلى الشباك.
لذا كان برشلونة على رأس المهتمين بتعزيز منتصف ملعبه بلاعبٍ من الطراز المذكور، لكن اهتمام النادي الكاتالوني أخذ منحىً آخر عن التقليد المتّبع في حالات مماثلة، إذ لم يتقرّب من أرسنال بواسطة عرضٍ مالي مغرٍ، بل استخدم وسيلة انتقاد نظيره اللندني واتهامه بسرقة فابريغاس!
ويبدو أن «البرسا» لم يهضم حتى الآن مسألة خطف المدرب الفرنسي أرسين فينغر لموهبته قبل 7 أعوام، معتبراً أن فابريغاس يعيش في «الأسر» بانتظار العودة إلى «مسقط رأسه». ويجد النادي الكاتالوني نفسه مسؤولاً عمّا حصل، لذا لا يرى مانعاً في دفع مبلغ الـ40 مليون جنيه إسترليني الذي من شأنه تحرير النجم الشاب، علماً بأن انقساماً في الرأي في كلٍّ من برشلونة وأرسنال يطلّ بقوة بشأن هذه الصفقة.
مصلحة أرسنال تقتضي بيعه!
في برشلونة، يعترض البعض على استقدام فابريغاس، أولاً بسبب بدل الانتقال المرتفع، وثانياً بسبب عدم وجود مكانٍ أساسي له في تشكيلة «البلاوغرانا»، حيث يحكم اثنان من أفضل لاعبي الوسط في العالم، وهما الثنائي الرائع شافي هرنانديز واندريس إينييستا. لذا يبرز تخوّف من أن وجود فابريغاس في «البرسا» قد يدمّره شخصياً أو يخلق تضارباً مع دور شافي وإينييستا اللذين أجبراه على الاكتفاء بالبقاء احتياطياً لهما في المنتخب الإسباني، وتحديداً عندما لعبا الدور الأكبر في حصول إسبانيا على لقب كأس أمم أوروبا 2008.
أما في لندن، فينقسم الرأي أيضاً، حيث يبرز تيار يرفض رفضاً قاطعاً التنازل عن خدمات الكابتن الجديد، بينما يرى آخرون أنه من مصلحة «الغانرز» قبض المبلغ المعروض الذي سينعش خزينة النادي كثيراً.
ويبرّر أصحاب هذا التوجّه رؤيتهم للمرحلة المقبلة التي قد تكون من دون فابريغاس بأن فينغر سبق أن أعدّ «الخليفة» وهو جاك ويلشاير (18 عاماً) المعار إلى بولتون وندررز، والمرشح من قبل كثيرين ليكون حتى في عداد تشكيلة إنكلترا في مونديال 2010!

تصعيد في كاتالونيا

إذاً 14 هدفاً و17 تمريرة حاسمة في 26 مباراة هذا الموسم، أيقظت العملاق الكاتالوني الغاضب من جديد، وخرج نائب الرئيس ألفونس غودال ليقود معركة جديدة ضد «المدفعجية» الإنكليز، مشيراً إلى أن برشلونة لن ترتاح قبل استعادتها ما سلب منها، وأن فابريغاس سيعود عاجلاً أم آجلاً إلى كاتالونيا.
وغودال كما ساندرو روسيل المرشح الآخر لرئاسة النادي في الانتخابات التي ستجرى الصيف المقبل، وضع فابريغاس أولوية في الحقبة التي قد يكون على رأسها، وهو حتى هاجم الغريم ريال مدريد الساعي بدوره إلى استقدام اللاعب، بطريقة مبطّنة عندما قال «نحن نادٍ ينجح في ضمّ النجوم لأننا محترمون».
باختصار، أصبحت قضية فابريغاس قومية أكثر منها رياضية في كاتالونيا الثائرة التي تجد في ناديها الكروي ولاعبيه الناشئين والكبار على حدٍّ سواء كنزاً لا يفترض المساس به.


الحمض النووي الكاتالوني في جسده!

نفى رئيس برشلونة جوان لابورتا أن تكون هناك علاقة سيئة مع أرسنال بسبب فابريغاس، لكنه في تصريحٍ سابق أراد التأكيد أن اللاعب ينتمي إلى «البرسا» قائلاً: «سيسك يحمل الحمض النووي
الخاص ببرشلونة في جسده». وأضاف: «الكلّ يريده هنا، ونحن نركّز كل جهودنا لتحقيق الأمر».