رغم إتفاقية السلام الموقّعة بين مصر وإسرائيل، فإن «التطبيع الرياضي» بين شعبَي البلدين لا يزال مقطوعاً. لكنّ لعبة الشطرنج أحدثت خرقاً أخيراً وقالت فيه إسرائيل لمصر: «كش ملك»
حسن زين الدين
... إنها الشطرنج إذاً. اللعبة التي لطالما ارتبطت بالسياسة من حيث تشبيه إتقان التلاعب بالأحجار على رقعتها بفنّ مزاولة السياسة.
المصريان محمد عزت وخالد عبد الرازق جالسا الإسرائيليَّين إميل ستوتوبسكي ويبجني بوستاني على طاولة الشطرنج هذه، في مدينة بورصة (غرب تركيا)، الأربعاء الماضي، ضمن بطولة العالم التي ضمّت أيضاً روسيا وتركيا والبرازيل والصين وأرمينيا والولايات المتحدة الأمريكية وأذربيجان واليونان.
التقت مصر واسرائيل في أولمبياد الشطرنج في 2008 كما ذكرت «يديعوت أحرونوت»
تبادل اذاً ممثلو مصر واسرائيل تحريك الأحجار، وفي نهاية المطاف قال الإسرائيليون للمصريين: «كش ملك»، هذه الجملة الشهيرة في الشطرنج التي تعني حتماً الخسارة. سقط الملك المصري إذاً أمام شريكه الإسرائيلي على الطاولة. خرجت مباشرة صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية لتهلّل بـ«النصر العظيم».
هكذا، لم يعد يعني إسرائيل في يومنا هذا، أن يجلس لاعبوها مع مصريين على طاولة واحدة، بات هذا الأمر عرضياً، أو قل بالأدق مع نخبتهم بما تمثل لعبة الشطرنج من أرستقراطية لا يفقهها الفقراء. أصبحت إسرائيل تتغنى بفوز على رقعة الشطرنج أكثر مما يعنيه لها اللقاء، بحد ذاته، مع لاعبين مصريين: إنه الانفصام الحقيقي في الواقع الإسرائيلي.
هكذا إذاً في 6/1/2010، اجتمع مصريون وإسرائيليون في لعبة رياضية، ورغم أن معاهدة السلام بين البلدين تجاوزت بعمرها ثلاثين عاماً، فإن التطبيع الرياضي لا يزال منقطعاً بين البلدين، وهذا ما تشكوه إسرائيل دوماً. جاء الدخول إذاً من بوابة لعبة أرستقراطية (علماً بأن يديعوت أحرونوت تغنّت في تقريرها بأنّ ثمة مباراة سابقة جرت بين البلدين في أولمبياد الشطرنج 2008 في دريسدن في ألمانيا... وفازت فيها اسرائيل أيضاً). هكذا، يكون كسر الجليد الرياضي بين البلدين في لعبة كالشطرنج أسلس، ومن دون ضجة كبرى.

ردّة الفعل في مصر

لكن ماذا عن الجانب المصري؟ يمكن ملاحظة ردة فعل المصريين على المشاركة من خلال التطرق للموضوع في الصحافة، حيث تناولت الصحف المعارضة كصحيفة المصريون الإلكترونية والدستور المستقلة، الخبر، نقلاً عن يديعوت أحرونوت، وتضمن تعليق الجمهور المصري الساخط عليه، فيما غابت صحيفة الأهرام الموالية للنظام عنه كلياً، إذ في مراجعة لأعدادها منذ مطلع السنة وحتى 10 كانون الثاني، لم تُذكَر أي إشارة إلى البطولة.
حسين نفادي رئيس اتحاد الشطرنج في مصر برر من جانبه المشاركة بـ«أنّ مصر لا تستطيع رفض اللعب مع إسرائيل في أي مباراة ببطولة ينظمها الاتحاد الدولي للعبة، لأنه في حالة الرفض سيتعرض الفريق الذي رفض اللعب أو انسحب لعقوبات قاسية، منها الإيقاف عن اللعب الدولي والمنع من المشاركة في البطولة المقبلة وتوقيع غرامة مالية كبيرة».
لكن أحد القراء المصريين في مطالعته الطويلة ضمن خانة التعليقات في «الدستور» كان رده قويّاً حين ختمه قائلاً: «لعنة الله على من لا يدرك أن الحياة بنعيمها وآمالها وبطولاتها وجوائزها الرياضية والفنية، لا تساوي وقفة عز من نفس أبيّة تحمل في جنباتها عزة وكبرياء».


الإسرائيليّون يؤيّدون التطبيع الرياضي

قبل الشطرنج، شُغلت الصحف العبرية منذ تولّي الإسرائيلي أفرام غرانت مهمة تدريب بورتسموث الإنكليزي، بلاعب الزمالك المصري وويغان الإنكليزي سابقاً، عمرو زكي (الصورة)، حيث ربطته بالانتقال إلى بورتسموث، حتى إن القراء الإسرائيليين كانت ردودهم مؤيّدة للفكرة لما تعنيه بنظرهم من تقدم في التطبيع الرياضي بين البلدين.