سيعود، لن يعود. هذا هو حديث رجال حلبات سباقات سيارات الفورمولا طوال الأيام القليلة الماضية، ومحوره «الأسطورة» الألماني ميكايل شوماخر الذي يستعد لتسجيل عودة يمكن وصفها بأنها الأهم في تاريخ الرياضة عموماً
شربل كريّم
يقف ميكايل شوماخر اليوم على عتبة كتابة فصلٍ آخر من قصة «عودة البطل» على غرار بعض عظماء الرياضة الذين سبقوه الى هذه الخطوة، أمثال دييغو أرماندو مارادونا في كرة القدم ومايكل جوردان في كرة السلة. أفضل سائق في تاريخ الفورمولا 1 والفائز باللقب العالمي سبع مرات، يستعد لإنهاء 13 سنة من التعاون مع فيراري (انتقل الى الفريق الإيطالي عام 1996 قادماً من بينيتون) ومساعدة إحدى أهم الشركات المصنّعة للسيارات في بلاده على تأسيس فريقٍ ألماني صرف يعيد الى الألمان البسمة التي افتقدوها نسبياً منذ اعتزاله عام 2006، وذلك رغم ظهور مواهب عدة في الفترة الأخيرة، أمثال نيكو روزبرغ وسيباستيان فيتيل. وسيشكّل شوماخر وروزبرغ ركيزة فريق مرسيدس التي لطالما عكست عبر التاريخ صورة التفوّق الألماني، واعتبرها أدولف هتلر فخر الصناعة الألمانية، رافضاً حتى اعتماد نوعٍ آخر من السيارات خلال فترة تولّيه الحكم، التي عاشت فيها ألمانيا فورة صناعية على صعيد الشركات المصنّعة للسيارات.
من هنا، يمكن إسقاط قلق البعض حول إمكان ظهور صورة شوماخر مهزوزة مع مرسيدس، التي لو لم تتأكد من وقوفها على خط المنافسين لما كانت لتجرؤ على دخول عالم الفئة الأولى وتشويه صورتها على غرار ما حصل مع «بي أم دبليو» الذي قيل إن أحد أبرز أسباب انسحابها من البطولة كان تراجع مبيعاتها حول العالم بسبب النتائج العادية للفريق في الموسم الماضي.
وبطبيعة الحال، لم تعمد الشركة الألمانية الى شراء فريقٍ ضعيف، بل حلّ «مرسيدس جي بي» بدلاً من «براون جي بي» الذي توّج العام الماضي بلقب الصانعين في موازاة إحراز سائقه البريطاني جنسون باتون اللقب العالمي، وذلك في أول موسم للفريق في البطولة بعدما اشتراه المهندس البريطاني الشهير روس براون من المصنّع الياباني العملاق هوندا المنسحب بسبب تأثره بالأزمة الاقتصادية العالمية.
والأهم من هذه النقاط كلّها أن شوماخر سيجتمع مجدداً مع براون أي «عراب» فوزه بألقابه السبعة، اثنان منها مع بينيتون عامي 1994 و1995، وخمسة أخرى متتالية مع فيراري من 2000 إلى 2004.
إذاً، كل الظروف مؤمنة لكي لا يفشل «شومي» في تحديه الجديد، وهو الذي يرفض الفشل، حتى قيل إن رجوعه عن قراره بالحلول مكان البرازيلي فيليبي ماسا في الموسم الماضي لم يكن بسبب عدم إبلاله من إصابة في الرقبة، بل بكل بساطة لأن سيارة فيراري لم ترتقِ الى المستوى المطلوب، وبالتالي رفض الألماني «البهدلة» المحتملة التي كان سيعيشها أمام سيارات أسرع من تلك الخاصة بـ«الحصان الجامح» وأمام سائقين يتمتعون بجهوزية أكبر منه.
ويرى البعض أن شوماخر يخاطر بسمعته عبر هذه العودة المفاجئة، لكن بالتأكيد يتفق الجميع على أن هذه العودة هي الحدث الأبرز في هذه الرياضة منذ اعتزال «الأسطورة» الألماني. كما ستعطي دافعاً قوياً للفورمولا 1 التي عاشت أوقاتاً عصيبة في المواسم الأخيرة، وتقهقرت بفعل الانسحابات ومشاكل الفرق مع المنظمين والمراجع العليا، الى انكفاء أبرز المواهب مع فرقٍ عادية، على غرار ما حصل مع بطل العالم الإسباني فرناندو ألونسو الذي يعدّ أمهر السائقين، وهو لولا معاناته من عدم الاستقرار التي أعادته أدراجه الى رينو المتواضع، لكان رفع رصيده من الألقاب العالمية الى أكثر من اثنين.
3.5 ملايين يورو فقط هي قيمة الاتفاق بين مرسيدس و«شومي»، وهو رقم يدل على أن المال ليس وراء قرار الأخير بالعودة، إذ إن الرجل لا يزال يعتبر أنه لم يعتزل وهو في القمة، ولم يهضم بعد هجره الحلبات عام 2006، حاملاً لقب الوصيف، لا لقب بطل العالم.