أضفت الجزائر النكهة العربية على مونديال جنوب أفريقيا بعد تأهلها على حساب مصر في «موقعة الخرطوم» في المباراة الفاصلة بينهما. بذلك، تكون الستارة قد أُسدلت على أكثر من شهر من المشاحنات والحرب الكلامية والشغب في البلدين
أحمد محيي الدين
ضحكت الجزائر أخيراً، وستبكي القاهرة طويلاً. هذا ما آلت إليه نتيجة المباراة الفاصلة بين المنتخبين الجزائري والمصري التي انتهت بفوز الأول 1ـ0 على استاد المريخ في العاصمة السودانية الخرطوم حيث لحق الفائز بركب المنتخبات المتأهلة إلى نهائيات كأس العالم في جنوب أفريقيا الصيف المقبل.
وقطع المدافع عنتر يحيى تأشيرة سفر الجزائر إلى جوهانسبورغ بتسجيله إصابة المباراة الوحيدة التي شاهدها 35 ألفاً في الملعب والملايين حول العالم.
وسيكون «ثعالب الصحراء» للمرة الثالثة في النهائيات بعد 1982 عندما سطّروا فوزاً على ألمانيا الغربية 2ـ1 آنذاك و1986 وأقصوا مصر عن هذا الشرف. ووضعت هذه المباراة أوزار الحرب الكلامية والشحن الشعبي والمناكفات والسجالات الحادة والشغب بين البلدين الذي استمر على مدى أكثر من شهر. وكانت مصر قد جرّت الجزائر إلى هذا اللقاء بفوزها السبت الماضي 2ـ0 لتتعادل الأرقام بينهما في المجموعة الثالثة للتصفيات الأفريقية.
جاء الشوط الأول من المباراة متكافئاً بين المنتخبين المدججين بنجومهما في الأندية الاوروبية، حيث سيطر في بدايته الجزائريون الذين صنعوا فرصاً عادية، بينما حاول المصريون استغلال الجهة اليسرى الضعيفة في منتخب المدرب رابح سعدان، وسدد هاني سعيد رأسية أنقذها الحارس الجزائري فوزي شاوشي (11) الذي كان نجماً فوق العادة للمباراة، علماً بأنه حلّ بديلاً للحارس الأساسي الوناس قاواوي الموقوف. ثم سدّد عنتر يحيى من مسافة قريبة أنقذها المدافع المصري وائل جمعة (16). وسنحت فرصة نادرة لأبو تريكة، لكن تسديدته جاورت المرمى (31)، ثم تعالت الصرخات الجزائرية عندما سدد عنتر يحيى تسديدة من زاوية ضيقة اخترقت مرمى «السد العالي» عصام الحضري بمساعدة العارضة وعلى طريقة الهولندي ماركو فان باستن عام 1988 في الدقيقة الـ41.
ودخل المصريون الشوط الثاني ضاغطين، بعدما أشرك المدرب حسن شحاتة كلاً من محمد زيدان وحسني عبد ربه لإضفاء قوة في خط المقدمة، وكان من الطبيعي أن يتراجع «الخضر» للدفاع وإقفال منطقتهم كاملاً، معتمدين على المرتدات وأخطرها رأسية عبد القادر غزال التي أنقذها الحضري (61). وتألق الحارس شاوشي في الذود عن مرماه فحرم عماد متعب تكرار هزّ الشباك عندما أنقذ تسديدته القريبة (62)، وأخرى لأبو تريكة (72). ولعبت الرقابة المطلقة على مفاتيح اللعب المصرية لتعلن صافرة إدي ماييه من جزر سيشل تأهل الجزائر إلى جنوب أفريقيا.
الفرح الجزائري والسخط المصري
وعقب صافرة النهاية، عمّت فرحة هستيرية شوارع الجزائر العاصمة، إذ احتشدت الجماهر في الشوارع والساحات والأحياء الشعبية للمدينة مطلقة العنان لحناجرها وأبواق السيارات، حاملة الرايات الجزائرية مرددة أغاني وطنية وغيرها مشيدة باللاعبين.
وكذلك خرجت مسيرات سيارة في بلاد الاغتراب الجزائري، وخصوصاً في فرنسا حيث جابت شوارع باريس ومرسيليا التظاهرات والاحتفالات التي استمرت حتى ساعات الصباح الأولى.
وفي القاهرة، أصيب ملايين المصريين بالخيبة وذرفوا دموع الحزن لضياع الحلم المونديالي، وشهدت بعض المقاهي حالات إغماء من شدة التأثر.


إسرائيل منتصرة من الفتنة

كبّدت أعمال الشغب التي كانت ضحيتها عدة شركات مصرية تعمل في الجزائر، وخصوصاً أوراسكوم للاتصالات حوالى 5 ملايين دولار، كذلك غادرت 25 عائلة بناءً على قرار من الشركة. ودعا رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين يوسف القرضاوي إلى التحلي بالهدوء، إذ إن كرة القدم مجرد «لعبة» في «ملعب»، محذراً من أن المنتصر من الفتنة هو إسرائيل.