لم يكن أحد يتوقع أن تكون الساعة التاسعة والنصف من مساء يوم الأربعاء 18 الجاري موعداً لانطلاق صافرة أزمة بين مصر والجزائر بعد انتهاء مباراتهما الفاصلة في السودان، فما هي آراء الإعلام والفن والرياضة في ما يحصل؟
عبد القادر سعد
صحيح أن المشكلة بدأت مع اقتراب موعد مباراة الإياب بين المنتخبين في مصر، لكن شرارات ما تفجّر بين الشعبين كان بطلها الإعلام في البلدين، الذي مارس كل أنواع الشحن والتحريض والتعبئة السلبية، بمباركة أهل الحكم في البلدين، ووصلت إلى مرحلة لا يمكن السكوت عنها.
«الأخبار» استطلعت آراء بعض الإعلاميين والشخصيات الرياضية والأدبية والفنية، وقد أجمع فيها الكل على أن ما يحصل معيب.
الزميل إيلي نصار (صحيفة البلد): «المباراة لا تهمّني، وكرة القدم العربية لا تتقدّم، وسنبقى نصطدم بعضنا ببعض لأتفَه الأمور. انظر إلى مباراة فرنسا وإيرلندا، إذ رغم ما حصل فيها لم يقطع البلدان العلاقات، ولم تحصل ضربة كف، لا داخل الملعب ولا خارجه.
في دول العالم الثالث لدينا طاقات ولكن هناك انحطاط، إذ تحصل حرب لأي سبب بسيط، وما يحصل بين مصر والجزائر شبه حرب. الرياضة العربية محزنة».
حسن شرارة (تلفزيون الجديد): «ما يحصل هو توجيه البوصلة إلى غير وجهتها، حيث إنّ هناك خطاً سياسياً ما يريد أن يجمع الناس من حوله في البلدين، فخلق هذه القضية الوهمية، وجمع الناس. وأتوقع أن تنتهي المسألة بمرور الوقت.
كنت أتمنى على المسؤولين في البلدين أن يبعدوا هذه الكأس المرّة عن الرياضة وكرة القدم، لأن آثارها تبقى طويلاً في الملاعب وبين الجماهير، فيما السياسيّون يتبادلون القُبل بعد فترة قصيرة كأن شيئاً لم يكن».
سمير شمص (فنان): «أنا ضد استغلال الرياضة لأهداف سياسية، وما حصل معيب لنا كعرب، ويجب أن تعالج الأمور بطريقة إيجابية أكثر، فالرئيس المصري لديه من الحكمة ما يكفي لمعالجة ما يحصل، وعدم الوقوع تحت تأثير الضغط الشعبي. يؤسفني تحوّل الرياضة من أداة لُحمة بين العرب إلى أداة خلاف».
علي فواز (المنار): «الموضوع أُخذ إلى مكان أبعد من المنحى الرياضي لأسباب سياسية تتعلق بالدولتين. فالنظامان أراداه سبباً للتصالح مع جماهيرهما، فكانت الرياضة هي الضحية. التنافس الرياضي ليس أمراً جديداً، لكن الانقسام أصبح أمراً خطيراً، على أمل أن تحمل البطولة الأفريقية وجهاً جديداً للتنافس الرياضي بين الدولتين».
نمر جبر (النهار): «العرب باللعب يتحاربون، وبالحرب يلعبون. وما جرى معيب مقارنةً بما حصل بين فرنسا وإيرلندا. لنأخذ عبرة من ردّ فعل الإيرلنديين رغم الظلم الذي لحق بهم. العرب يفتقرون إلى الثقافة الرياضية. وأتساءل من يخدم هذا التجييش بين بلدين عربيين؟ والمخجل أن إسرائيل طالبت إعلامياً الطرفين بتهدئة الوضع بينهما!».
المدرب الوطني عدنان الشرقي: «يؤسفني ما حدث، وما يحصل ليس كرة قدم، وهناك خلفيات سياسية لا يعرفها إلا المتتبّعون للشؤون المصرية والجزائرية، والمسؤولون في البلدين».
علي مصطفى (السفير): «الحرب النفسية تؤدّي دوراً كبيراً، وقد يكون هذا حقاً مشروعاً لكل منتخب شرط ألّا يتعدى الخطوط الحمر. لا أريد أن أحدّد من بدأ ومن ردّ، لكن يجب عدم التعرض لأي جمهور، والمنتخبان كبيران وعريقان، وكان من المفترض أن يشجع الخاسر الفائز لكونه سيمثّل العرب في المونديال. الفيفا يرفع شعار اللعب النظيف، وأمر معيب بحق العرب ألّا يحترموا هذا الشعار».الكاتب الأديب اللبناني (فضّل عدم ذكر اسمه) قال «هي طاقة مكبوتة عند العرب وتعبّر عن نفسها بالطرق المتاحة، التي هي أحياناً كثيرة طرق خاطئة. والسبب الجوهري ليس تنافساً رياضياً ولا أي شكل من الأشكال الطارئة، العارضة، العابرة، السطحية، بل هو انفجار لشيء بسيط من العنف الكامن والمكبوت. ويمكن القول إن الشعوب العربية محرومة إفراغ طاقاتها الحيوية

ما يحصل هو تفجير لعنف كامنٍ مكبوت بين الرياضة والسياسة
بالطرق التي سلكتها قبلها سائر الشعوب، ومن هذه الطرق الحروب. ممنوع قتال العدو فـ«يفشّ العرب خلقهم بعضهم ببعض».
علي حميدي صقر (المستقبل): «للأسف تحولت الأمور من الرياضة إلى السياسة. صحيح أن الحماسة والإخلاص للمنتخب الوطني موجودان، لكن يجب ألّا تتحوّل الحماسة إلى تعصّب أعمى. ما جرى سينعكس سلباً على البلدين والعرب، ويجب ألّا تحصل مقاطعة بسبب كرة القدم، فالمشكلة سياسية لا رياضية.
الإعلام كان له دور خطير بينهما، فالإعلام المصري كبّر القصة أكثر مما تحتمل، والجزائري دسّ أخباراً كاذبة، وخصوصاً عن مقتل مشجّعين في مصر. المطلوب اجتماع بين وزراء البلدين، والسفيرين، برعاية جامعة الدول العربية تمهيداً لاجتماع بين الرئيسين».
إيلي سعادة (OTV): «بعض المباريات تكون حساسة ويحصل أخذ ورد، وأحياناً ترتبط الأمور السياسية والاجتماعية بالرياضية. أنا عشت في الجزائر فترة خلال حرب تموز 2006، ولاحظت دعم الجزائريين للمقاومة في لبنان، ورفضاً للموقف المصري من الحرب على لبنان. وقد يكون ما حصل ردّ فعل جزائرياً على السياسة المصرية في المنطقة».


هشاشة العلاقات العربية

رئيس تحرير الأهرام الرياضي عصام عبد المنعم اعتبر أن ما يحصل يكشف هشاشة العلاقات العربية. فالمحاور في الوطن العربي موجودة، والأنظمة السياسية تحاول أن تغطي على مشاكلها بدفع الشعوب إلى الصدام. والحل يكون بـ«أبعد ده عن ده يرتاح ده من ده» أي تفادي اللقاءات الحساسة وإقامتها دون جمهور إذا كانت رسمية حتى تهدأ النفوس.