Strong>اختُتمت دورة الألعاب الفرنكوفونية بضيافة لبنان، وتركت أصداءً سياحية وإعلامية للوفود المشاركة وجماهيرها وقطفت 27 دولة 280 ميدالية عامة، نال منها لبنان فضيتين رياضياً، ومثلها ثقافياً، وهو أقل حصاد لبلد مضيف للألعاب... فماذا في كواليس التحضير والتقصير والنتائج؟كلام كثير وصور وافرة ووفد كبير وحصاد قليل، هو عنوان مشاركة لبنان بكل اللغات. أُعجب الضيوف بلبنان وطبيعته وجباله وفوجئوا بقلة رياضييه وأبطاله.

الجودو والميدالية «الإشكال»!

أحرز البطل اللبناني ـــــ الكندي الياس ناصيف فضية للجودو (وزن 81 كلغ)، فاعترض رئيس وفد كندا على ميداليته لأنه شارك قبل شهرين في بطولة دولية باسم كندا، وأخيراً حسم رئيس الاتحاد الدولي الأمر فأبقى الميدالية للبنان.
وكان اتحاد الجودو اللبناني قد اختار أبطاله قبل شهرين (12 لاعباً ولاعبة) ثم عاد وأشرك الياس ناصيف بدلاً من جورج مرعب، وعوّل على بطله رودي حشاش (فوق 100 كلغ) كثيراً، لكنه خرج سريعاً أمام بطل مصر القوي.
ولدى السيدات، تألقت البطلة لوليتا داغر ولامست البرونزية فحرمها التحكيم بحسب رئيس الاتحاد فرانسوا سعادة.
وكان سعادة قد استاء من تأخر تسلم المساعدة المالية من وزارة الشباب والرياضة (200 مليون ليرة)، ومن قلة التحضير، «الأبطال لا ترتقي مستوياتهم وخبراتهم إلا بالمشاركات الخارجية، وأؤكد أن مستوى اللاعبين واللاعبات قارب مستويات الضيوف، ولولا التحضير «السلحفاتي» لكان حصادنا أكبر».

الملاكمة و«فضية... مذهّبة»

منذ أكثر من 7 أشهر، ركّز الاتحاد اللبناني للملاكمة على «الفرنكوفونية»، فاستقدم بداية مدرباً كازاخستانياً ثم استبدله بالمصري حسن السخاوي. فاختار 7 ملاكمين في 7 أوزان (من الجيش اللبناني)، ولم تسعف القرعة الملاكمَين نجد سلوم وفراس بتلوني، فيما تألق الواعد وائل شاهين في وزن (57 كلغ)، ففاز في ثلاث مباريات، وفي النهائي خسر أمام الجزائري ـــــ الفرنسي خالد بلادورا بالأفضلية، رغم تعادلهما نقاطاً (7ـــــ7). وأوضح رئيس الاتحاد محمود خطاب أن الاتحاد كثف أخيراً المشاركات الخارجية والمعسكرات مع أبطال من الأردن ومصر والمغرب وسوريا. (قدمت الوزارة 250 مليون ليرة).
وشكر حطّاب قيادة الجيش لتعاونها مع متطلبات الاتحاد، مشيداً بدور المدربين المساعدين إيهاب حمدان ومصطفى الزينو.
ويشار إلى أن «قلّة الأندية وندرة المندفعين للملاكمة تصعّبان من بروز لبنان في اللعبة قياساً إلى الآخرين».

سلّة لبنان مقبولة ومجموعة قوية

كان حضور جمهور كرة القدم هو الأقل بين الألعاب!
وضعت القرعة سيدات لبنان في مجموعة صعبة، وانطلق المنتخب بفوزين على الكاميرون 85ـ78 وعلى بلجيكا 78ـ61، قبل أن يخسر أمام السنغال 50ـ75 ورومانيا 49ـ85 ويودّع المنافسة، ليحلّ خامساً بفوزه على مالي 65ـ57.
وقال المدير الفني للمنتخب إيلي نصر إن الدورة كانت مناسبة للاحتكاك، والمنتخب عاد مرهقاً من مشاركته في بطولة آسيا، محققاً إنجازاً نوعياً بدخوله Level A آسيوياً. وأشار إلى وقوع لبنان في المجموعة الأقوى مع رومانيا والسنغال الأفضل خبرة في البطولات العالمية، إضافة إلى الكاميرون وبلجيكا. وقال: «كان يحق لنا بوصفنا مضيفين أن نختار المجموعة التي تناسبنا، لكن القرعة جرت من دون علم الاتحاد ودون علمي». وأضاف أن اللاعبات استفدن جيداً من الاحتكاك بمنتخبات عالمية، وشكر الجميع ورئيس الاتحاد بيار كاخيا ومدير المنتخبات فؤاد نعمة، مشيراً إلى أن الاتحاد لم يقصّر تجاه المنتخب وقدّم كل الدعم لتحقيق الإنجاز الآسيوي.

ألعاب القوى والإهمال

تعدّ «أم الألعاب» من الرياضات المهمة في الدورة، لكن لبنانياً يمكن تسميتها «أم الفضائح» حضوراً ونتائج لا تليق بسمعة بلد مضيف، كان أفضلها المركز الرابع لحسين عواضة في ماراتون الرجال، ونهائي 110 أمتار حواجز لأحمد حازر.
وقد قصّر الاتحاد تجاه الاستعداد، رغم جهود بذلها الأمين العام نعمة الله بجاني وإيلي سعادة، وما يعوضهما هو نجاح تنظيم ألعاب القوى في الدورة.
اللاعبون كانوا يتمرنون من دون مدربين، وعدم وجود تجهيزات تكفيهم، مع تخبّط في اختيار اللاعبين، إذ إن ديالا شهاب لم تكمل اختبار 110 أمتار حواجز، ومع ذلك ضُمّت إلى المنتخب، فيما استُبعدت اللاعبة الواعدة كارين ناجي (17 عاماً) رغم أن مشاركتها في الدورة كانت ستمنحها مزيداً من الخبرة.
وقد خضع حسين عواضة لمعسكر في إثيوبيا استعداداً لسباقي خمسة وعشرة آلاف متر، لكنه لم يشارك إلا في السباق الأول فقط. وطار معسكر تركيا لأسباب مالية!
ويبرز التساؤل عن كل ما قيل سابقاً عن تحطيم أرقام قياسية لبنانية، وجاءت النتائج لتكشف حقيقة الأرقام. يذكر أن اتحاد اللعبة تلقّى مبلغ 200 مليون ليرة من الوزارة.

كرة القدم والخروج السريع

أمام امتحان المنافسات انكشفت حقيقة الإدارات والاستعدادات والمستويات
خرج منتخب لبنان لكرة القدم سريعاً من الدور الأول إثر خسارتيه أمام الكونغو 1ـ2، وأمام ساحل العاج 0ـ3. وتبين أنه بحاجة إلى قيادات وخبرة.
ورأى المدرب الوطني للمنتخب سمير سعد أن فريقه وقع مع المنتخبين اللذين وصلا لاحقاً للنهائي: الكونغو وساحل العاج (بطل المسابقة والوصيف). وكان أقرب إلى الفوز على الكونغولي، لكنه خسر نتيجة أخطاء قاتلة، والتعويض صعب في مجموعة من ثلاثة فرق. وأضاف:«لا شك في أن الاحتكاك بالكرة الأفريقية مفيد جداً، فهي تطورت وتفوقت على الآسيوية». ورأى سعد أن «نتيجة منتخب لبنان لم تكن فاشلة، لكون تصنيف لبنان العالمي هو الأضعف. والاستعدادات لم تكن على مستوى الحدث، فالفريق لم يخض أي مباراة دولية للاستعداد، بل اكتفينا بمباريات ودية داخلية ومباراتين مع فريقين عراقيين كانا يعسكران في لبنان».
بناءً على ذلك، يمكن تكرار القول إن منتخبات لبنان مظلومة في استعدادها المطلوب ووقوعها في نتائج مخيبة، والسؤال الحاسم هو: لماذا يستمر مدربو لبنان والأجهزة الفنية في قبول تحمل المسؤوليات تحت عنوان «التبرع».

كرة الطاولة وسحب التجهيزات

«كنا نتوقع نتائج أفضل مما حققناه، لكن مستوى منافسينا كان أقوى مما اعتدناه في الدورات الفرنكوفونية». بهذا، علّق رئيس الاتحاد اللبناني لكرة الطاولة سليم الحاج نقولا على مشاركة لبنان في الدورة.
شارك لبنان برشيد البوبو وتيفين مومجوغوليان، وخرجا من الدور الأول في مختلف المسابقات، فيما عدا الزوجي المختلط حيث خرجا من الدور الثاني.
وقال الحاج نقولا إن المعسكر الإعدادي قبل شهر على انطلاق الدورة شهد صعوبات لعدم قدرة اللاعبين على الالتزام كلياً بسبب ضغوط العمل.
وعن التجهيزات التي من المفترض أن تستفيد منها الاتحادات اللبنانية، أشار الحاج نقولا إلى أن بعض «الأشخاص» سحبوا التجهيزات قبل أن يجفّ عرق اللاعبين بطريقة عشوائية أضرّت بالتجهيزات. ولم يعرف الحاج نقولا الجهة التي أخذتها، لكن ما هو مؤكد أن التجهيزات لم تعد صالحة بسبب طريقة نقلها.
ولدى استيضاحنا من المدير العام لوزارة الشباب والرياضة زيد خيامي عن الموضوع أجاب: «إن اللجنة المنظمة سحبت التجهيزات جميعها بهدف تسليمها إلى السفارة الفرنسية التي كانت قد قدّمت هذه المعدات مساعدات، والسفارة ستتولى توزيعها على الاتحادات المعنية».
يذكر أن اتحاد اللعبة تلقى مبلغ 100 مليون ليرة، ومن المفترض أن يتلقى مبلغاً مماثلاً.


الختام

اختُتمت الدورة بحفل في «البيال» ببيروت، بحضور الدكتور خليل كرم ممثّلاً رئيس الجمهورية لدى المجلس الدائم للفرنكوفونية، النائب نبيل دوفريج ممثلاً رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري، وزير الشباب والرياضة طلال أرسلان، رينيت هاميت رئيس اللجنة الدولية للألعاب الفرنكوفونية، كليمان دوهيم مدير المنظمة، وشخصيات سياسية وإدارية رياضية ووفود الدول المشاركة في الدورة. وجاء في كلمة الوزير أرسلان «إن صخب السياسة وصراعاتها المتنقّلة محلياً وإقليمياً ودولياً لايمكن أن يغطي على الدور الحضاري الرائد للبنان، الذي أطلّ بتفوّق متجدّد من بوابتَي الرياضة والثقافة».