حسن زين الدينكانت مونتيفيديو مكان الحدث فجر الخميس. كل القلوب كانت شاخصة إلى عاصمة الأوروغواي. ثمة عبق تاريخي كان حاضراً في مونتيفيديو في تلك اللحظات... فهنا قبل 79 عاماً تُوِّجت الأوروغواي بطلة لكأس العالم في نسختها الأولى على حساب الأرجنتين. لا يمكن هذه الأجواء الساحرة إلا أن تصلك أينما كنت في العالم، لو كنت في بيروت، في قلب بيروت، وسط اكتظاظها السكاني وأبنيتها المتلاصقة الأطراف، في آخر ركن من منزلك... إلى قلب سريرك ستصلك هذه الأجواء، ستوقظك من قعر أحلامك: فهنا تُصنع الأحلام. فجر الخميس، كان تاريخ بلد عظيم في كرة القدم (أكنت تحبه أم لا) على المحك. لا مجال للمزاح: إما تكون أو لا تكون.
فجر الخميس، كان ثمة رجل أشعث الشعر، ممتلئ البدن، يروح ويجيء عند أطراف الملعب. مرة يبتسم، وسرعان ما يتجهّم محيّاه، يقعد في مكانه المخصص، ثم يقف، ينظر بعيداً، تلمع عيناه، ثمة أفكار ومشاهد كثيرة تتلاطم في مخيلته في تلك الأثناء، لا شك في أن قلبه كان شديد الخفقان. ثم، ها هو يجمد في مكانه، يُسكِن كفّيه في قلب سترته، ثم يمشي... كان ثمة طيف رهيب لفتى من زمن غابر يرافق الرجل كيفما تحرّك، كانت ملامحهما شديدة الشبه. ثم، في لحظة واحدة ينفض الرجل عنه كلّ ما كان يدل على تقلبات مزاجه، تتغيّر ملامحه فرحاً، ويروح يركض يميناً ويساراً، يحتضن صديقه ويبكي كالأطفال مردداً كلمات لم نفهمها... أذهلنا مرّة أخرى. ما سرّ هذا الرجل الذي أهدتنا إياه كرة القدم... واسمه مارادونا؟