لا ضرورة للتذكير بالمبلغ الذي دفعه ريال مدريد الإسباني، خلال فترة الانتقالات الصيفية، من أجل إجراء مقارنة بين القيمة المالية للفريق والنتائج التي حققها حتى الآن محلياً وقارياً
شربل كريّم
صدمةٌ هي خسارة ريال مدريد الأخيرة، لذا كان من الطبيعي خروج المنادين بإقالة المدرب التشيلي مانويل بيلليغريني من منصبه، إذ إن علامات الاستفهام بدأت ترتسم بشأن مدى قدرة الفريق الساعي إلى إصابة المجد من كل أطرافه هذا الموسم.
المدافعون عن بيلليغريني خرجوا ليقولوا إن المدرب لم يشارك بكامل نجومه في اللقاء الكارثي أمام ألكوركون المغمور، لكن هل احتياط ريال مدريد أضعف من فريقٍ ينتمي إلى درجةٍ أدنى؟ طبعاً، الجواب هو لا، لأن الغالبية الساحقة من احتياطيي فريق العاصمة هم من الدوليين، ولا شيء يبرّر ظهورهم بمستوى ضعيف سوى أن خطأً فنياً فادحاً حصل معهم في تلك الأمسية.
إذا استعرضنا خسارتي ريال مدريد أمام إشبيلية في الدوري المحلي، وميلان الإيطالي في دوري أبطال أوروبا، نجد أن الفريق الملكي سقط في أول اختبارين حقيقيين له هذا الموسم، ودائماً للسبب عينه، ألا وهو غياب الروح القتالية – الدفاعية في تشكيلته. وفي الوقت الذي يمكن فيه اعتبار ريال أقوى فريقٍ في العالم عندما تكون الكرة في حوزته، فهو يبدو ضعيفاً جداً عندما تنتقل الكرة إلى الفريق المنافس، وهذا مأخذ كبير على بيلليغريني الذي بدا أمام ألكوركون كأنه لم يوعز إلى عناصره محاولة استخلاص الكرة في كل مرّة انتقلت فيها إلى الجهة المقابلة.
نقطة أخرى مهمة هي أن ريال مدريد، رغم سلسلة انتصاراته في مستهل الموسم، لم يقنع جمهوره العريض في غالبية المباريات، لكنّ أمره لم يفتضح لأن جوقته دأبت على تسجيل الأهداف بوفرة قبل أن يتعرّض النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو للإصابة ويحكم الضياع أداء الفريق.
وإذا سلّمنا جدلاً أن الخسارة في الكأس جاءت بفعل مشاركة الفريق الرديف، فإن التعادل السلبي أمام سبورتينغ خيخون، في نهاية الأسبوع الماضي، هو الذي أثار القلق الفعلي عند جمهور الـ«ميرينغيز»، وخصوصاً أن خيارات بيلليغريني بدت محدودة، إذ يستعين غالباً باللاعبين البدلاء أنفسهم، كذلك تبيّن أن احتفاظه ببعض اللاعبين وترحيله آخرين كان قراراً سيّئاً للغاية، رغم أن البعض يقول إن المدير الرياضي الأرجنتيني خورخي فالدانو كان وراء وضع ما سمّي بـ«استراتيجية الأسماء»، فكان مثلاً الاستغناء عن الثنائي الهولندي أريين روبن وويسلي سنايدر المتألّقين حالياً في بايرن ميونيخ الألماني وانتر ميلان الإيطالي، مقابل إبقاء مواطنهما رافايل فان در فارت الذي لا يبدو أنه يمثّل إضافةً كبيرة إلى المجموعة، وتحديداً في الأوقات الحسّاسة.
اذاً في عملية تشريح للأداء الفني لريال مدريد، يمكن استخلاص أن بيلليغريني لم ينجح في علاج العلّة التي أسقطت الفريق بالضربة القاضية في الموسم الماضي، أي عدم إدخال فكرة الالتزام الدفاعي إلى أفراد التشكيلة. وهنا يبرز الفارق بين نجاح برشلونة وفشل غريمه الأزلي، إذ إن العامل الحاسم في إحراز الفريق الكاتالوني للثلاثية، كان إيلاء «البرسا» أهمية للناحية الدفاعية بقدر الشقّ الهجومي، لذا بدا المثلّث الهجومي المرعب الأرجنتيني ليونيل ميسي والفرنسي تييري هنري والكاميروني صامويل إيتو خط الدفاع الأول أمام ارتدادات الخصوم.
أما الخطأ الكبير الذي يمكن أن ترتكبه الإدارة فهو الرضوخ للضغوط وإقالة بيلليغريني، من دون منحه الوقت اللازم للوقوف على قدميه، تماماً كما فعلت عندما استغنت عن الألماني برند شوستر، الذي قيل إنه فشل، وهو الذي لم يكن يملك ربع ما حصل عليه نظيره التشيلي حتى الآن.
ما يحصل في ريال مدريد يعيدنا بالذاكرة إلى التوقّف عند ما قاله مدرب مانشستر يونايتد الإنكليزي «السير» أليكس فيرغيسون، الذي بدهائه المعهود علّق على تركه رونالدو يذهب إلى العاصمة الإسبانية وعلى المبالغ الطائلة التي صرفها الفريق الملكي بالقول: «المال ليس كل شيء في عالم كرة القدم، وليس بالنجوم وحدهم تصنع فريقاً بطلاً».


اللاعبون مع المدرب حتى الموت