مشاركة منتخب لبنان لكرة القدم، في دورة نهرو الهندية، ونتائجه المخيّبة أمام أضعف الفرق فتحتا الأبواب أمام تساؤلات حاسمة عن زجّ منتخباتنا الوطنية أحياناً في مشاركات ارتجالية باسم الوطن... تعود بالخيبات على الجميع.
علي صفا
المنتخبات الرياضية هي مرآة لكل بلد، وتمثّل صورته في المحافل الدولية. وتأليف المنتخبات المحترمة له أسس تقوم على خطط طويلة المدى غالباً. وفي البلاد المتخلّفة تؤلّف بتجميع لاعبين لمناسبات طارئة، وبمن حضر لتلعب و«تتبهدل» غالباً. منتخبات لبنان الكروية منذ نشوء اللعبة تسير على النهج الآخر الارتجالي ـــــ المناسباتي، وهذا كان يعود أحياناً بنتائج متأرجحة، على غير قاعدة.
وفي كرة لبنان الحاضرة، خلال العقد الأخير، سجّل منتخبنا الأول حضوراً معقولاً لمناسبة بطولة أمم آسيا 2000 (استضافها لبنان، وكلّف إعداده لها حوالى مليون دولار) وحل رابعاً وأخيراً في مجموعته الرباعية، وفي عام 2004 كان آخر ظهور مقبول أمام الضيف، منتخب كوريا الجنوبية القوي، ضمن تصفيات آسيا لمونديال 2006 (خسر لبنان بصعوبة
0 ـــــ1).
وبعدها سرت الارتجالية، مع تراجع شامل في واقع كرة لبنان ونواديها ومستوياتها، لأسباب وظروف عديدة لم تجد علاجاً.

دورة نهرو: السقوط والصحوة

توجّه منتخب لبنان فجأةً للمشاركة في دورة نهرو الودية، في الهند، سقط أمام سريلانكا 4 ــ 3، وتعادل مع قيرغيزستان 1 ـــ 1، (فاز على الهند 1 ـــ 0)، واليوم يلعب أمام منتخب سوريا!
المهم، لعب منتخب لبنان مرهقاً، في رمضان، بلا إعداد ولا مالية. وسيخرج بصورة مشوّهة فنياً ومعنوياً ومادياً وكل شيء. وهي مناسبة قاسية لطرح الأسئلة القاسية: من سمح بمشاركة لبنان بهذا الشكل في هذه الدورة، وما هي منافع مشاركتنا فيها؟

من يقرّر مشاركة منتخباتنا الوطنية ارتجالياً... ومن يتحمّل مسؤوليتها؟

كيف يذهب المنتخب، بلا إعداد فني كافٍ، وبلا مصاريف للاعبين، ومَن يقرر في اللجنة العليا للاتحاد مشاركات كهذه؟
عُلم، أن المدير الفني للمنتخب نصح المرجع الاتحادي بعدم المشاركة، لعدم جهوزية المنتخب، فلم يستجب، لماذا؟
هل هناك ما يستوجب فرض المشاركة، وهل هناك أغراض شخصية، لا سمح الله، لبعض أعضاء الاتحاد بالمشاركة كيفما كان، هل هناك علاقة مميزة مع «آل نهرو»؟ ألا يستاهل «آل لبنان» الأفضلية؟
وسؤالات أخرى، ألم يعرف مسؤولو المنتخب الوطني أن اللعب سيكون في شهر رمضان، وبعض لاعبينا يصومون (وليس لدينا فتوى كروية كما صدر في مصر أخيراً)، فماذا قرروا لذلك؟
ألم يدركوا أن لاعبينا لم يجهزوا بعد، لأنهم ما زالوا يتمرنون قبل بداية الموسم؟ هل راحوا إلى الهند ليجهزوا لخوض تصفيات المونديال؟
بمَ سيعود المنتخب من منافع؟ لا شيء مطلقاً سوى الخيبات، فمن المسؤول عن ذلك؟
وأخيراً: سؤال بريء: كيف تُقرَّر مشاركة منتخب لبنان في مناسبات كهذه، وما هو دور بقية الأعضاء الكرام، حتى لا نقول «لجنة المنتخبات»، وهل وافقت على ذلك؟
... إذا كان هؤلاء قد وافقوا فالمصيبة كبيرة، ويلزم عندها البحث في ضرورة وجود «الثلث المعطّل» داخل حكومة اللجنة العليا.
وكذلك، يجب مساءلة لجنة المنتخبات ومحاسبتها، إذا كانت تعمل.
ومن الملاحظ، أن المشاركة أتت قبل تسلّم «اللجنة العليا» المتجددة مهمّاتها رسمياً في 20 آب الجاري، أي في فترة «تصريف الأعمال» للجنة التي جدّدت بتوافق «كروي ـــــ سياسي ـــــ إقليمي ودولي»، طبعاً لمصلحة لبنان وكرته المحظوظة.
مؤسف، كل شيء مؤسف، أن تبدأ اللجنة العليا ولايتها الجديدة بمشهد مخيّب كهذا.

الاجتماع الأول: بداية التوافق

اليوم الخميس، تعقد لجنة التوافق المتجددة أولى جلساتها الرسمية، ولا بد أنها ستلمّح إلى هذه المشاركة، لتنفيسها كعادتها أمام كل نكسة.
وهنا لا بد أن نطرح تساؤلاتنا الخاصة «المتوافقة» مع كثيرين في هذا الوسط:
ألا تستاهل منتخبات الوطن قليلاً من البحث؟ أما آن القت لمحاسبة كل طرف معني؟
ألا يستوجب الواقع تعيين لجنة منتخبات حيادية شبه مستقلة تضع خطة لثلاث سنوات على الأقل (وصلت بها منتخبات عُمان واليمن إلى العالمية).
أمَا آن الوقت لرفع أيدي جميع الذين عبثوا بمنتخبات الوطن طيلة السنوات الأخيرة دون أن يقدّموا شيئاً لبنائها؟
وعذراً، أليس من الأجدى تسليم مفاتيح منتخباتنا إلى كادر أجنبي لبناء أسس لمنتخبات منظمة سليمة، على أسلوب مدرسة كروية موحّدة، (وهناك اتحادات أجنبية صديقة تتبرع بذلك، أو تسهم فيه على الأقل).
أما آن الوقت لمعرفة من يقرر في قضايا المنتخبات ممّن يتهافت على ركوبها؟
ألا يكفي العبث بمقدّرات هذه المنتخبات المسكينة، وزجّها باسم الوطن في محافل قارية ودولية؟
ولو! لم يعد خلف لبنان أحد من دول العالم على سلم الترتيب العالمي.
ماذا تنتظرون... لنصير تحت الصفر؟!
هل تحبّون لبنان... أحبّوا كرته قليلاً.


لبنان يلتقي سوريا اليوم

يختتم منتخب لبنان، اليوم، مشاركته في بطولة «كأس نهرو» الهندية بلقاء قوي مع نظيره السوري (الساعة 16:00 بتوقيت بيروت). وقد رأى مدرب لبنان إميل رستم (الصورة) غداة التعادل وقيرغيزستان 1-1، أن الفريق لم يفقد الأمل في المنافسة، وكل شيء يعتمد على نتيجة مباراة اليوم مع سوريا. وفازت الهند، أمس، على سريلانكا 3-1.