يأخذ البعض على الكرة الألمانية قلة طلب الأندية الأوروبية على لاعبيها، ويرجعون الأمر إلى «ندرة» مواهبها، غير أن واقع الحال هو غير ذلك، اذ ثمة أسباب موضوعية تقف دون تغرّب الألمان عن ملاعب «البوندسليغا»
حسن زين الدين
سنة بعد أخرى يتكرّس واقع في سوق الانتقالات الصيفية هو ندرة، أو بالأصح انعدام، انتقال اللاعبين الألمان الى البطولات الأوروبية الأخرى. واذا ما أردنا أن نحصي حالياً عدد النجوم الألمان في الخارج، فسيبدو الأمر يسيراً جداً، نظراً إلى قلتهم، حيث سنجد قائد المنتخب الألماني ميكايل بالاك الممثل الأفضل للكرة الألمانية، إذ يلعب في الدوري الأقوى، الانكليزي، في صفوف النادي الشهير تشلسي، وذلك على اعتبار أن المدافع كريستوف ميتزلدر قلّما يجد له مكاناً في التشكيلة الاساسية لناديه ريال مدريد الاسباني. عدا عن هذين اللاعبين، فإنك قد تجد لاعبين ألماناً ناشئين يتوزعون على أندية أوروبية عدة، الا انهم بعد تخطّيهم الثامنة عشرة من عمرهم سرعان ما يعودون أدراجهم الى بلادهم.

من قال إنه لا مواهب؟

هل يعني هذا الأمر أن ثمة مشكلة في الكرة الألمانية بعيون جيرانها؟
قد يبدو للوهلة الأولى من عدد اللاعبين الألمان القليلين في الخارج، بحسب ما يعتقده كثيرون، أن هذا هو السبب الأساس في أنه لا مواهب في الكرة الألمانية، ولعل أصحاب هذه الرؤية ينطلقون دائماً من مستوى الدوري الألماني مقارنة بالبطولات الأخرى الكبرى (وهو على فكرة في تطور كبير) للحكم على هذه المسألة، كما يعودون سريعاً للمقارنة بين فترة منتصف الثمانينيات ومطلع التسعينيات، عندما كان الدوري الألماني من الأفضل، وكان 90 في المئة من نجوم المنتخب الألماني الفائز بكأس العالم عام 1990 يلعبون في الخارج، على رأسهم الثلاثي يورغن كلينسمان ولوثار ماتيوس وأندرياس بريمه في انتر ميلان الايطالي، غير أن واقع الحال هو عكس ذلك كلياً.
إذ بالنسبة إلى المقارنة بين الكرة الألمانية في الحقبة السالفة الذكر والآن، يبدو من الاجحاف القول إنه لا مواهب في ألمانيا حالياً (رغم عدم الانكار أن ألمانيا مرّت بمشكلة حقيقية في التسعينيات)، والدليل على ذلك وصول «المانشافت» الى نهائي مونديال 2002 ونصف نهائي مونديال 2006 ونهائي بطولة أمم أوروبا 2008، ولا يخفى أن كلاً من ميروسلاف كلوزه هداف المونديال الأخير ولوكاس بودولسكي وفيليب لام وباستيان شفاينشتايغر تلقوا عروضاً من أكبر الأندية، خلال السنوات السابقة، الا أنهم فضلوا البقاء في بلدهم ما عدا بالاك.
اضف إلى ذلك، فإن من البديهي اعتبار أن منتخباً كألمانيا اكتسح البطولات الأوروبية للفئات العمرية جميعها هذا العام، أن لا تتفتح أعين الفرق الأوروبية على مواهبه، وفي مقدمها النجم القادم بقوة مسعود أوزيل لاعب فيردر بريمن، الذي فضل بدوره في الوقت الحالي الاستمرار في «البوندسليغا».
فضلاً عن ذلك، فإن العديد من اللاعبين الألمان الآخرين «من الصف الثاني» كانوا مطلوبين في سوق الانتقالات الحالي، إذ إن أرسنال الانكليزي، على سبيل المثال، كان مهتماً كثيراً بالتعاقد مع لاعب وسط شتوتغارت الدولي توماس هيتسلزبرغر وزميله في الدفاع سردار تاسكي.
اذاًَ ما هي أسباب عدم انتقال الألمان الى الخارج؟

الأسباب داخلية

أولاً، لا بد من التوقف عند شخصية اللاعب الألماني بحد ذاته. حيث ان هذا اللاعب معروف بأنه صورة مصغّرة عن المجتمع الألماني: دينامكي لا يمل العمل، جاد الى أبعد الحدود. هذه المواصفات (المطلوبة على فكرة في الأندية، على الأقل أن يحظى كل فريق بلاعب من هذا النوع) تجعل من اللاعب الألماني، دون التعميم طبعاً، من الصعب عليه أن يتكيّف مع الأنماط المحيطة به، لذا تراه يفضّل البقاء في بلاده.
ثانياً، تتميز البطولة الألمانية بفترة العطلة الشتوية التي تمتد شهراً ونصف، حيث اعتاد اللاعب الألماني الراحة البدنية خلالها، وهذا الأمر هو ما ركّز عليه ميكايل بالاك في معرض مقارنته بين الدوريين الانكليزي والألماني، حيث اعترف بأنه تأثر كثيراً بعدم نيله هذا القسط من الراحة في انكلترا كما في بلاده.
ثالثاً، وربما الأهم، هيمنة بايرن ميونيخ على الساحة الألمانية.

لا تعاني الكرة الألمانية قلّة مواهب، كما يعتقد كثيرون، بيد ان أحد أهم أسباب عدم احترافهم في الخارج هو هيمنة بايرن ميونيخ على الساحة الألمانية
اذ كما بات معروفاً في السنوات الأخيرة، فإن أي نجم قادم الى الكرة الألمانية لا بد ان يمر أولاً على مقاطعة بافاريا، ومن ثم يقرر البايرن اذا ما كان يودّ بيعه لاحقاً (وهذا ما لا يحصل غالباً). هكذا، وفيما كانت كل التقارير تشير الى انتقال ماريو غوميز الى الخارج، خالف لاعب شتوتغارت السابق التوقعات بانتقاله الى النادي البافاري، وسبقه الى ذلك كلوزه وبودولسكي وغيرهما. كذلك لا يخفى ان بالاك نفسه دخل في «معارك» طاحنة مع اداريي النادي، وعلى رأسهم أولي هونيس، عندما رفضوا انتقاله الى تشلسي، ولولا قوة شخصية اللاعب لكان الآن لا يزال «مكبّلاً» داخل أسوار بافاريا.
من كان يتابع مباراة بايرن ميونيخ وضيفه فيردر بريمن، قبل أسبوعين، في الدوري الألماني، كان بإمكانه أن يحصي على أرض الملعب وجود 15 لاعباً ألمانياً من أصل 22 هم مجموع لاعبي الفريقين. بالتأكيد مشهد تستحيل رؤيته في البطولات الأوروبية الكبرى في البلاد المجاورة. مشهد، يُفرح بالدرجة الأولى رئيس الاتحاد الدولي السويسري سيب بلاتر، المدافع بقوة عن فكرة تقليص اللاعبين الأجانب في الأندية (نظام 6+5). وقبل كل شيء، مشهد، ربما سيتلمّس العالم مدى مفاعيله خلال مشاركة المنتخب الألماني في نهائيات الممونديال الأفريقي المقبل...


ريبيري في مركز جديد مع بايرن

وافق النجم الدولي الفرنسي فرانك ريبيري على طلب مدربه الهولندي لويس فان غال وإداريي بايرن ميونيخ الالماني، توليه مهمة صانع الالعاب «رقم 10» في الفريق، حسبما كشف اللاعب لصحيفة «بيلد» المحلية. ويلعب ريبيري عادة على الجناح الايسر، لكن افتقار بايرن الى صانع ألعاب دفع بفان غال الى الطلب منه ان يتولى هذه المهمة