اختار المهاجم الأرجنتيني كارلوس تيفيز ترك الفريق الأعظم في مدينة مانشستر الإنكليزية والانتقال إلى الفريق الأصغر هناك، في خطوة طرحت علامة استفهام كبيرة عن طموح اللاعب، أي إذا كان يبحث عن مجدٍ كروي أو عن ثروة مالية
شربل كريم
لم يكن غريباً ذلك القرار الذي اتخذه كارلوس تيفيز بترك مانشستر يونايتد «الكبير» إلى جاره مانشستر سيتي «الصغير»، إذ إن مسيرة اللاعب تدلّ على أنه لهث دائماً وراء المال دون الألقاب أو حلم ارتداء قميص فريقٍ عظيم. عندما قرر تيفيز الرحيل عن فريقه بوكا جونيورز عام 2004، انتظر الجميع انضمامه إلى بايرن ميونيخ الألماني أو ميلان الإيطالي أو برشلونة الإسباني التي سعت خلف توقيعه، لكن المفاجأة الصاعقة كانت توقيعه عقداً يسمح لإحدى الشركات «المشبوهة» بالتصرف بكتاب انتقاله، فنقلته «ميديا سبورتس إنفستمنتس» إلى الدوري البرازيلي الذي يعدّ عملياً أضعف من نظيره الأرجنتيني. وبعد عامين اتخذ «الأباتشي» خياراً خاطئاً أكبر، إذ تجاهل ثانيةً دعوات الأندية الكبرى إلى الانضمام إلى أحدها وبدء رحلة حصد الألقاب، ووقّع على كشوفات وست هام يونايتد الإنكليزي حيث قضى موسماً يحارب مع الفريق على عدم الهبوط، وكان هدفه في مرمى مانشستر يونايتد منقذاً للفريق اللندني ولمسيرته جزئياً لأنه حمله إلى «الشياطين الحمر» حيث قضى موسمين رائعين محرزاً لقبي الدوري الممتاز ودوري أبطال أوروبا.
إلا أن طموح المهاجم الذي توقّع مواطنه «الأسطورة» دييغو أرماندو مارادونا أن يكون لاعب القرن الـ 21، سرعان ما توقف، وعاد بانتقاله إلى مانشستر سيتي خطوة إلى الوراء، رافضاً عرض نادٍ واحدٍ عريق على الأقل في إنكلترا هو ليفربول حيث كان سيؤلف مع الهداف الإسباني فرناندو توريس ثنائياً رهيباً.
والمفارقة أن تيفيز ليس وحده من النجوم الأرجنتينيين الذين أخطأوا في خياراتهم عند رحيلهم إلى نادٍ بعيداً من بلدهم الأم، وكان شريكه في قراريه الأوليين خافيير ماسكيرانو، الذي صحا سريعاً وانتقل إلى ليفربول حيث يبدو أنه لم يجد ما يصبو إليه، فأبدى استعداده للانتقال إلى فريقٍ أقوى، وتحديداً برشلونة، الذي قيل إنه دخل معه في مفاوضاتٍ حالياً.
ويمكن القول إن عبارة «إلى الوراء دُر» تنطبق على نجومٍ أرجنتينيين آخرين، انتظر منهم مشجعوهم اللعب في أعلى المستويات في أوروبا، لكنهم خيّبوا الآمال بفعل خياراتهم الغريبة. ومن هؤلاء هداف بوكا جونيورز مارتن باليرمو، الذي تجاهل عروضاً إيطالية مهمة (لاتسيو ويوفنتوس)، منتقلاً إلى فياريال الإسباني الذي كان يعدّ من الأندية المغمورة عامذاك. ولم يصحّح «إل لوكو» خطأه بعد عيشه كابوساً بين وضعه الفني (سجل 18 هدفاً في 70 مباراة)، والإصابات التي تعرّض لها، ومنها عندما انهار جدار عليه خلال احتفاله مع المشجعين بأحد أهدافه، ما أدى إلى كسورٍ عدة في قدمه اليسرى، إذ اختار الانتقال إلى فريقٍ أضعف هو ريال بيتيس، ومنه إلى آخر أسوأ هو ألأفيش، قبل أن يملأ حقائبه فشلاً ويعود إلى بوكا.
موهبة أرجنتينية أخرى سطع نجمها وانطفأ بسرعة البرق بفعل عدم اتخاذها قراراً صائباً في مشوارها الاحترافي، هي أندريس داليساندرو الذي سحر العالم بفنياته في مونديال الشباب عام 2001، حتى قيل إنه صنع زميله خافيير سافيولا الذي حاز جائزتي أفضل لاعب وأفضل هداف في البطولة المذكورة. وفي الوقت الذي لم يكن فيه هناك أدنى شك بتحوّل «الفنان» إلى فريقٍ أوروبي كبير، صدم نجم ريفر بلايت الجميع باختياره ارتداء قميص فولسبورغ الألماني في صيف 2003، الذي رغم تواضع سجله (فاز بلقب الدوري الألماني للمرة الأولى في الموسم المنتهي)، لم يقتنع بمستوى اللاعب الشاب أو تصرفاته فأعاره بعد ثلاثة أعوام إلى بورتسموث الإنكليزي وبعده إلى ريال سرقسطة الإسباني، حيث فقد الكثير من رصيده، فعاد أدراجه إلى سان لورنزو ليجد شيئاً من مستواه المعروف ويعود ضمن دائرة اهتمامات الأندية الأوروبية المهمة. إلا أنه سقط مجدداً في فخ الخيارات الخاطئة في فترة حاسمة من مسيرته (بلغ الـ 28 من العمر)، وقرر الانتقال إلى إنترناسيونال البرازيلي، في صفقة وصفها بأنها خطوة إلى الأمام في مسيرته!
وبغض النظر عن حصد تيفيز الفشل من عدمه في مانشستر سيتي على اعتبار أن إدارته «العربية» تحاول جعله ندّاً للفرق الكبرى، فإن ما أقدم عليه هو خيار لا يمتّ بأي صلة إلى عالم الاحتراف بمعناه الحقيقي، وجلّ ما أراده النجم الأرجنتيني هو الحصول على أكبر شيكٍ ممكن، لذا لا يفترض بجمهور يونايتد لصق تهمة الخيانة به، بل إن كلمة «الغباء» تصحّ أكثر في ما فعله.