لا شك في أن المبالغ التي دفعها ريال مدريد الإسباني من جيب رئيسه فلورنتينو بيريز كانت سبباً لاستقدام أهم النجوم، لكن ثمة عنصر فعال أدى إلى نجاح هذه الصفقات: إنه طاولة عشاء بيريز نفسه
حسن زين الدين
فلورنتينو بيريز. بات مجرد ذكر هذا الاسم على ألسنة عشاق كرة القدم مدعاة لأن تتبادر إلى المخيلة سريعاً ورقة الدولار النقدية الخضراء. هو الملياردير الذي يدون اسمه دائماً في قوائم مجلة فوربس لأغنى أغنياء العالم، وصاحب شركة الهندسة المنتشرة فروعها في 50 بلداً وتضم 150 ألف عامل.
لكن ثروة الرجل هذه لا تعني أن باستطاعته امتلاك ما يشاء في عالم كرة القدم، أما عندما يتعلق الأمر بطاولة عشاء بيريز، فعندها سيصبح المستحيل ممكناً.

طاولة العشاء السحرية

لطالما عشق بيريز مناقشة خطواته القادمة على طاولة العشاء، ودائماً ما يقنع الرجل بحنكته ولباقته من حوله. هكذا، عندما أراد قبل سنوات استقدام النجم الفرنسي السابق زين الدين زيدان إلى فريقه، دعا اللاعب إلى العشاء، وما كان منه خلال الجلسة، في غفلة من الجميع، إلا أن خطّ على ورقة منديل هذه العبارة: «هل تريد أن تلعب في الريال؟» وناولها لزيدان، وبعدها بأيام كان «زيزو» يعرض قميصه الرقم 5 أمام عدسات المصورين في استاد «سانتياغو برنابيو» إلى جانب بيريز.
صورة تكررت ثلاث مرات هذا الصيف مع نجوم ثلاثة، ومرة أخرى سيكون لطاولة عشاء بيريز «كلمة الفصل» في إتمامها. هكذا في 1 تموز الماضي، صرّح البرازيلي كاكا جازماً بأنه لا يفكر بترك ميلان الإيطالي. في اليوم التالي، لبى أدريانو غالياني، نائب رئيس ميلان، دعوة بيريز على العشاء، حيث كان الأخير يحتفل بنجاحه في العودة إلى رئاسة ريال مدريد. في 3 تموز، اجتمع الرجلان مجدداً على طاولة العشاء. بعدها بخمسة أيام كان كاكا في مدريد.
أما كريم بنزيما فلم يحتج توقيعه للريال، إلا إلى جلسة واحدة على طاولة عشاء بيريز في منزله، حيث أرادها الرئيس أن تكون عائلية. لم تسع الفرحة النجم الفرنسي، وعلى أثرها نقل اللاعب الموهوب حقائبه من مدينة ليون الفرنسية مباشرة إلى العاصمة الإسبانية.

يفضّل البيض والبطاطا!

بالتأكيد، لا يكمن سحر طاولة عشاء فلورنتينو بيريز في أنواع الأطعمة التي تقدّم لضيوفه، إلا أن مواهبه بحد ذاتها خلال الجلسة التي يحلو له أن تكون على مائدة العشاء، هي سرّ النجاح الذي يحققه الرجل العاشق لقميص النادي الملكي مذ كان يافعاً يتابع مبارياته في ملعب «سانتياغو برنابيو»، قبل خمسين عاماً.
عاشق للتحديات، لبق في الكلام، مبتسم دائماً، هادئ وسط الضغوط، ورغم أشغاله الكثيرة، فإنه سريع الرد على الرسائل النصية التي ترد إلى هاتفه المحمول، هذا ما ينقله المقرّبون من بيريز في الشركة أو النادي.
كل ذلك جعل من بيريز رجلاً قادراً على اتخاذ القرارات الصعبة دون كثير عناء، هكذا يصفه أحد إدارييه في ريال مدريد، كما ينقل عنه أحد كتاب صحيفة «ال بايس» الإسبانية (الذي جلس بدوره عشرات المرات إلى طاولة بيريز).
هذا الإداري نفسه، كان موكلاً من بيريز بإرسال الفاكس لمانشستر يونايتد لاستقدام رونالدو بمبلغ 94 مليون يورو، يروي أنه لم يكن قادراً على الضغط على زر الإرسال، إذ كانت «لحظة مهيبة، ومبلغ مهيب» كما يصف الموقف نظراً إلى ثمن الصفقة المرتفع، إلا أن صاحب الشأن، بيريز، كان في تلك اللحظة كثير الضحك لتردد هذا الإداري، وما كان منه إلا أن بادره: «هيا، افعلها الآن».
بالعودة إلى طاولة العشاء، فإن ما يدهش جميع مدعوي بيريز هو أن الرجل يترك لهم حرية اختيار وجباتهم، بينما يستلذ دائماً هو، رغم كل الأكلات الشهية في أفخم المطاعم، بوجبته المفضلة.. طبق البيض والبطاطا المقلية، إذ إن ما يهمّ رجل الأعمال الناجح، بيريز، هو جلسة مائدة العشاء بحد ذاتها!


توريس يتطلّع إلى موسم استثنائي