موت سائق ما في أحد سباقات السيارات الأحادية المقعد لم يعد شائعاً كما كانت الحال عليه في الماضي، وذلك بسبب تطوير أنظمة السلامة، لكن وفاة جون سورتيس في الفورمولا 2، وإصابة فيليبي ماسا في الفورمولا 1، أعادتا طرح علامة استفهام كبيرة حول فعّالية الإجراءات المتّبعة
شربل كريّم
لا شك في أن من شاهد الطريقة التي قضت على حياة البريطاني هنري سورتيس (18 عاماً) في بطولة سباقات سيارات الفورمولا 2، تأكد أنّ من المستحيل ضمان سلامة السائق في سباقات السرعة، وخصوصاً تلك الخاصة بالسيارات الأحادية المقعد. نجل البطل الشهير جون سورتيس (الوحيد الذي جمع بطولتي العالم للدراجات النارية وللفورمولا 1) توفي على الفور عندما طارت عجلة من سيارة منافسة، وتنقّلت على الحلبة قبل أن تحطّ مباشرة على رأسه ما أدى إلى كسر في رقبته!
سوء حظ سورتيس لا مثيل له، والطريقة التي أدّت إلى مصرعه قبل عشرة أيام، أكدت أن الخوذة قد لا توفّر الحماية القصوى للسائق، وذلك رغم تطويرها في الأعوام الأخيرة، حيث أصبحت فعاليتها أهم بكثير من تلك التي استعملها والده في خمسينيات وستينيات وسبعينيات القرن الماضي.
إلا أن التفسير التقني لمقتله قد لا يجعل ضعف الخوذة سبباً في ما حصل، إذ إن السبب الحقيقي قد يكون في تصميم السيارة المعتمدة في هذه البطولة الجديدة رغم ما قيل عن أن سيارة الفورمولا 2 صمّمت على شكل نظيرتها في الفئة الأولى، أي إنها توفّر الحماية لرأس السائق الموجود داخل مقصورة القيادة.
ويمكن القول إن الشكوك في جودة الخوذة الحديثة أُثيرت بطريقة أكبر بعد ما حدث مع سائق فيراري البرازيلي فيليبي ماسا، الذي بدا كأنه تلقى رصاصة اخترقت تلك القطعة المعدنية المحيطة برأسه في سباق المجر الأحد الماضي.
ويفسّر السائق اللبناني خليل بشير، الذي عاش تجربة مماثلة عام 2005 على حلبة براندزهاتش البريطانية، حيث قتل سورتيس، ما حصل مع ماسا، مؤكداً أن نظام حماية الرأس في سيارة فيراري أنقذ البرازيلي من الموت. ويشرح بشير أن الخطر الأكبر على حياة ماسا كان عند اصطدامه بحائط الإطارات بسرعة
200 كلم/ الساعة تقريباً، لكن جهاز «هانس» الذي يثبّت كتفي السائق بالخوذة للحدّ من تحرك رأسه بعنف عند الاصطدام، أدّى دوراً فعالاً، بينما كان للخوذة فضل في عدم تعرّض ماسا لإصابة أكبر في المكان الذي اصطدمت به قطعة جهاز التعليق التي طارت من سيارة مواطنه روبنز باريكيللو.
ويختم بشير بالقول إن خوذته التي صنّعتها شركة «أراي»، وهي الشركة نفسها التي تزوّد ماسا بالخوَذ، وفّرت له حماية قصوى عند تعرّضه للحادث الشهير عندما كان يقود بسرعة وصلت إلى 270 كلم/الساعة، في أول سباق في تاريخ بطولة «آي وان غران بري»، وخصوصاً عندما انقلبت سيارته رأساً على عقب واستقرت على الحصى.
وتردّد أن شركة «أراي» فتحت تحقيقاً لاكتشاف السبب الأساس وراء الضرر الذي أصاب خوذة ماسا، وخصوصاً أن الاتحاد الدولي لرياضة السيارات «فيا» سبق أن أشار إلى أن السلامة التي توفّرها الخوذة تحسّنت بنسبة 50 في المئة!
أما الآن، فهناك دعوات إلى توفير غطاء يحمي رأس السائق حماية كاملة، ما يضع سيارات الفورمولا 1 مستقبلاً أمام تغيير آخر في التصميم، وهذا أمر مستبعد لكونه قد يفتح مسلسلاً جديداً من الصراع بين الفرق و«فيا».
خلاصة الموضوع، محظوظاً كان ماسا بإفلاته من براثن الموت، أليست فصول الحادث هي نفسها التي انتهت بمقتل مواطنه بطل العالم أيرتون سينا عام 1994، خلال سباق جائزة سان مورينو الكبرى؟