لا شك في أن لعبة كرة القدم تحمل السرور والبهجة إلى قلوب متابعيها، لكن ثمة فئة يصل تعلّقها باللعبة إلى حدّ الهوس، ما يؤدي إلى عواقب وخيمة، وما كان أكثرها هذا الموسم، وخصوصاً
في الشهرين الماضيين

حسن زين الدين
تناقلت وكالات الأنباء، خلال مباراة المكسيك وباناما في بطولة الكأس الذهبية لمنتخبات منطقة الكونكاكاف، التي اختتمت الأحد الماضي، مشاهد مقززة لاعتداءات وقعت بين جمهوري الفريقين. لحسن الحظ لم تقع أي إصابات، لكن من قال إن هذا ما سيؤول إليه الوضع في مناسبات أخرى ترتبط بعالم هذه اللعبة.

الهزيمة تدفع إلى الانتحار!

إنها البرازيل، بلاد كرة القدم، وحيث عشق هذه اللعبة لا يعرف حدوداً في قلوب أبنائها، وهذا ما حاول أن يجسّده فرناندو أحد مشجعي فريق فاسكو دي غاما الذي ذهب بعشقه للعبة بعيداً.. بعيداً جداً إلى أعلى مدرج الملعب كي يلقي بنفسه «فداءً» لفريقه. فقد ذكرت وسائل الإعلام البرازيلية أخيراً، أن هذا المشجّع لم يقوَ على تحمّل خسارة فاسكو دي غاما في الدوري المحلي، فما كان من الشاب اليافع إلا أن تسلّق إلى أعلى مدرج الملعب في مدينة ريو دي جانيرو، محاولاً وضع حدّ لحياته بالقفز من الأعلى والانتحار. حالة من الذهول أصابت جميع الموجودين، «مشهد لا يصدّق» كما نقلت الصحف المحلية، وما زاد الموقف إثارة أن المباراة كانت منقولة تلفزيونياً، فركّزت الكاميرات عدساتها لنقل المشهد. المهم وبعد نداءات الشرطة للشاب بعدم السقوط، وبعدما جهز أسفل المدرج بأغطية كي لا ينجح فرناندو في خطته بالانتحار، ما كان من الشرطة إلا أن لجأت إلى حيلة مضمونة عبر إشغال الشاب بالحديث مع والدته عبر هاتف تمّ إيصاله إليه، لتنجح بالتالي في القبض عليه.
ما فشل بتنفيذه فرناندو، نجح فيه ساركيس أرويان، اللاعب الأرميني الذي قفز من فوق الجسر بسبب اضطراره للالتحاق بالخدمة العسكرية، ما سيمنعه من لعب كرة القدم.

«رهائن» كرة القدم

بالانتقال إلى الأرجنتين، وفي ذروة منافسات البطولة المحلية التي اختتمت أوائل هذا الشهر، لم يحتمل مناصرو أحد فرق الدرجة الثانية الأرجنتينية تضييع أي ثانية من مباراة فريقهم المفضل. هكذا أقدم هؤلاء، وكان عددهم 74، على تهديد سائق إحدى الحافلات بالسكاكين من أجل أن يغيّر وجهته ويقلّهم إلى الملعب في بيونيس ايريس حيث مباراة فريقهم، ما خلّف حالة من الهلع وفراراً للركاب، بيد أن الشرطة تمكّنت من إلقاء القبض على الخاطفين... الذين لم يتمكنوا من مشاهدة فريقهم يفوز بمباراته!

ضحايا... بكلتا الحالتين!

في قارة أميركا الجنوبية أيضاً، ولكن هذه المرة سيأخذ الموقف بعداً مأسوياً، إذ أفادت وكالات الأنباء قبل حوالى أسبوعين، أن اللاعب الكولومبي خافيير فلوريس أطلق النار من مسدسه على أحد مشجّعي فريقه اتلتيكو جونيور وأرداه قتيلاً على خلفية أن الأخير نعته بالـ«حقير» بعد خسارة اتلتيكو أمام أونس كالداس في الدوري المحلي، بحسب ما قال شهود عيان للشرطة. وبعد فراره من مسرح الجريمة، ما لبث أن سلم اللاعب نفسه للشرطة الكولومبية.
اذاً، لاعب قتل مشجعاً في كولومبيا، أما إذا بدّلنا وجهتنا باتجاه القارة الآسيوية وتحديداً إلى العراق، فإن الموقف سيبدو مشابهاً رغم بعد المسافات ورغم تبادل الأدوار.
هكذا إذاً، في العراق حيث القتل أضحى سمة الحياة اليومية هناك بعد الاحتلال، فإن ما حدث في منطقة الحلة جنوبي بغداد، لا يمكن إلا وضعه ضمن هذا الإطار المتفلت والمسيطر على أجواء البلاد، وإلا فإن العقل لا يمكن أن يستوعب ما حدث في أحد ملاعب هذه المنطقة، إذ بكل بساطة، وأمام أعين مئات المتفرجين، شهر أحد المشجعين مسدسه وأطلق النار على لاعب في الفريق المنافس، وأرداه قتيلاً، خشية تسجيله هدفاً أثناء انفراده في مرمى فريقه المفضّل!
لندع أميركا الجنوبية وآسيا، ونتّجه إلى أوروبا، وتحديداً إلى ألمانيا، حيث يبدو أن الهوس باللعبة ما زال ضمن الأطر المسموح بها، ورغم ذلك، فإن الفكرة التي باشرت إدارة نادي هامبورغ بتنفيذها تستحق أن تكون الأكثر غرابة هذا الموسم، إذ بكل بساطة، فهي جهّزت مقبرة بجانب ملعب النادي العريق لكي يدفن فيها مشجّعو الفريق ويبقوا على ولائهم لهامبورغ حتى بعد وفاتهم..!


غرائب وعجائب

تخفّ... وقطع محيطات!


يأخذ التعصب الأعمى لكرة القدم في بعض الأحيان منحىً مضحكاً، وهذا ما حدث مع الشاب المصري عبد الله عبد الحميد. إذ ألقت الشرطة في مدينة شبرا القبض على الشاب بعدما تلقّت بلاغاً من الأهالي ارتابوا لتصرف قام به وهو في طريقه إلى عمله، إذ إن عبد الله لم يجد وسيلة يختفي بها عن أعين أصدقائه، بعد خسارة مصر أمام الجزائر في تصفيات مونديال 2010، سوى أن يرتدي النقاب.
من جهته، فإن تعصب الإنكليزي تشارلز ماكليود يحمل معاني مهمة، وذات دلالات معبّرة عن وفاء المشجع لفريقه، فالرجل ذي الـ 62 عاماً يقطع مسافة 11 ألف كيلومتر من كندا إلى إنكلترا، ليتابع مباريات فريقه ريدينغ في الدرجة الثانية. تشارلز الذي هاجر إلى مدينة تورنتو قبل 44 عاماً، تابع هذا العام 17 مباراة لفريقه في الملعب، وقد زار إنكلترا أخيراً لتجديد اشتراكه مع النادي الذي يحب، وهو يقول: «لحسن الحظ أن أخي وأختي يسكنان بجانب ملعب ريدينغ، وهذا ما يوفر عليّ بدل الإقامة».