إذا كنت من محبّي كرة القدم وموجوداً في روما، فسيكون من السهل إيجاد شخصٍ يغوص معك في تحليل وضع اللعبة على طريقة تلك البرامج التلفزيونية هناك التي تعتمد المشجعين عنصراً أساسياً في حلقاتها
شربل كريم
في ملعب «أولمبيكو» حيث تابعت المباراة النهائية لمسابقة دوري أبطال أوروبا لكرة القدم الأسبوع الماضي، كان إلى جانبي رجل إيطالي في العقد الرابع من العمر، وقد بدا متحمساً لمانشستر يونايتد الإنكليزي وكأنه يشجّع منتخب بلاده. من هنا، لم أتأخر عن سؤاله عن سبب حضوره بهذا الشغف إلى الملعب، وعن اسم الفريق الذي يشجّعه محلياً، لكن جوابه بإنكليزيةٍ «ركيكة» كان مفاجئاً أكثر مما رأيته من تعصّبٍ بدر منه خلال هتافه لفريق «الشياطين الحمر»، إذ أجابني بكل بساطة بأنه لم يعد يتابع مباريات الدوري الإيطالي، والسبب هو الملل الذي حلّ به بفعل سيطرة إنتر ميلان على مكامن البطولة في المواسم الأربعة الماضية.
ولم يتوقف اجتهاد لوكا كونتادينو عند سببٍ وحيد، إذ استمر سارداً (لحسن الحظ بين شوطي المباراة) أسباباً أخرى، أهمها ابتعاد الأسماء الرنانة عن فرق الـ«سيري أ»، وتفضيلها الانتقال إلى بطولتي إنكلترا وإسبانيا تحديداً.
ولا يبدو كلام كونتادينو بعيداً عن الواقع، وخصوصاً إذا أخذنا السبب الأخير بعين الاعتبار، فصورة الدوري الإيطالي أضحت أضعف الآن مع تقهقر أنديته في المسابقات الأوروبية أيضاً. وقد تصبح هذه الصورة أكثر سواداً في الموسم المقبل لكوننا شاهدنا الأحد الماضي خوض بعض الرموز مبارياتهم الأخيرة مع فرقهم، أمثال الكابتن التاريخي لميلان باولو مالديني، وأفضل لاعب في أوروبا سابقاً مع يوفنتوس التشيكي بافل ندفيد، والفائز بالجائزة عينها وأفضل لاعب في العالم سابقاً البرتغالي لويس فيغو (إنتر ميلان).
ولا شك في أن ابتعاد هذا الثلاثي سيؤثر سلباً على الدوري الإيطالي المتراجع فنياً، وجماهيرياً على الصعيدين المحلي والعالمي، إذ يقال هناك في «بلاد الأباطرة» إن مالديني كان «مغناطيس» الجمهور إلى ملعب «سان سيرو» حيث ألهم «الروسونيري» إلى الألقاب المختلفة. وينطبق الأمر عينه على ندفيد وفيغو، إذ رغم تقدّمهما في السن بقيا يقدّمان المتعة، والدليل مساهمة الأخير بفعالية في فوز فريقه باللقب في الموسمين الماضي والمنتهي.
لذا، لن تكون هناك أي مبالغة في القول بأنه سيصعب على الدوري الإيطالي استبدال هؤلاء النجوم بآخرين يمثلون القيمة عينها، إلا إذا تمكّنت الفرق الكبرى من استقطاب أهم المواهب في العالم حالياً، أي الأرجنتيني ليونيل ميسي والبرتغالي كريستيانو رونالدو والفرنسي فرانك ريبيري والإنكليزي ستيفن جيرارد، وهذا أمر مستحيل!
والاسوأ أن عملية نزف النجوم قد تستمر هذا الصيف، إذ إن الإنكليزي ديفيد بيكام سيعود إلى لوس أنجلس غالاكسي الأميركي بعد انتهاء فترة إعارته إلى ميلان، الذي قد يخسر أيضاً نجمه الأول البرازيلي كاكا المطارد من قبل ريال مدريد الإسباني، بينما يضرب بطل «الليغا» برشلونة طوقاً حول النجم السويدي زلاتان ابراهيموفيتش لخطفه من إنتر.
وتطول السبّحة وصولاً إلى أبرز المدربين المبتعدين (روبرتو مانشيني) أو المهاجرين (كارلو أنشيلوتي)، ما يُشعر الكرة الإيطالية بحلول خريفها في عزّ الصيف، ولو أن صديقي لوكا يعارض هذا الموضوع مبرراً بحماسةٍ وطنية: «لا نزال أبطال العالم!».