مع تحوّل كرة القدم من لعبة شعبية إلى صناعة عالمية بامتياز، دخلت مفردات جديدة إلى قاموسها العالمي الواسع، كالرعاية والعقود والصفقات والمبادلات، وحتى الوسطاء «وكلاء اللاعبين»... وصولاً إلى المتاجرة
إبراهيم وزنه
ملايين الدولارات تتحرك بين النوادي ولاعبيها، ملايين بحاجة إلى وسطاء لتنظيم توزيعها بين أطراف الصفقات المعقودة، ولا شك في أن هذه الطفرة ـــــ ضخ الأموال ـــــ أدّت مع الوقت إلى دخول عشرات اللاعبين إلى نادي الأثرياء، وخصوصاً أولئك المتألقين في القارة الأوروبية حيث تصل حركة تدعيم بعض الفرق إلى مئات ملايين الدولارات.
وفي الحديث عن وكلاء اللاعبين ـــــ كمهنة ـــــ نشير إلى أن كثيرين من هؤلاء يفضّلون أخذ التفويض الخطي من اللاعب الراغب في الانتقال إلى نادٍ مشهور بهدف تحقيق أرباح مادية لهم ولموكّلهم، اللاعب «السلعة»، وطبعاً بعد إتمام الصفقات.

4811 وسيطاً في 134 بلداً
184 وكيلاً في بلاد العرب

بالانتقال إلى الدول العربية، يبلغ مجموع الوكلاء المرخّصين من الفيفا 184، ونشير هنا إلى تصدّر السعودية بـ42 فمصر 31 ثم الجزائر 28، ويتوزّع الباقون على 12 دولة وفق الآتي:
24 في تونس، 14 في المغرب، 8 في كل من لبنان والأردن، 7 في كل من ليبيا وقطر والكويت، 2 في كل من البحرين والسودان والإمارات، وواحد في كل من العراق وسوريا.
أما في القارة الأفريقية، منجم اللعبة الشعبية، فيبلغ عدد الوسطاء 462، بينهم 120 في نيجيريا وحدها، و117 في الدول العربية (مصر، الجزائر، تونس، المغرب وليبيا والسودان).

8 وسطاء في لبنان

بقيت خانة وكلاء اللاعبين المعتمدة بين الفيفا والاتحاد اللبناني لكرة القدم خالية من الأسماء حتى عام 2005، حين أدرك عدد من المتحمسين أهمية الدخول إلى هذا المعترك، فكانت البداية مع السيدة كمال مطر (تحمل إجازة في إدارة الأعمال)، رياضية سابقة، وهي اليوم وكيلة عدد من لاعبي كرة السلة وكرة القدم (أكثر من 120 لاعباً في اللعبتين)، وأفادتنا بأن الاتحاد الدولي لكرة السلة «الفيبا» يحرص على استدعاء الوكلاء المعتمدين إلى مقره في سويسرا لإجراء امتحاناتهم، فيما الاتحاد الدولي لكرة القدم «الفيفا» أوكل إلى الاتحاد اللبناني متابعة المهمة، وهي التي أوصلت اللاعب الكرواتي مارني ميكاتش إلى نادي الأنصار الموسم الماضي.
أما محمد السيد (30 سنة)، محامٍ، فأفادنا بأنه انتسب إلى المجال في العام الماضي، وقد ضمن وصول الكاميروني أدي برنس إلى السلام زغرتا فالأنصار أخيراً، ولديه وكالات لعدد من اللاعبين المحليين والأجانب، آملاً تسويقهم بما يخدم تطوير المستوى الفني.
وأخبرنا آخر المنتسبين، زياد سعادة، لاعب نادي الراسينغ سابقاً، أنه يسعى من خلال موقعه التسويقي الى إيصال عدد من المنتسبين إلى الأكاديمية الكروية التي أنشأها (F L F A ) منذ ثلاث سنوات إلى دول أوروبية لها سمعتها وتاريخها في صقل المواهب. وعلى لائحة الثمانية المعتمدين من الفيفا والاتحاد، نقرأ أيضاً رواد قسيس وجوزيف يزبك ورواد مزهر الذي سعى جاهداً في الموسم المنصرم إلى تسويق لاعب النجمة محمد غدّار في الصين ولم يوفّق في ذلك، مستغلاً اعتماد نظام الهواية في الكرة اللبنانية بحسب النصوص، علماً بأن اللاعب محمد قصاص كان قد انتقل ـــــ منذ سنتين ـــــ من النجمة إلى القادسية السعودي فالنواعير السوري غير آبه بالتزامه وتعّهده لناديه مستغلاً انعدام سلطة الأخير عليه إذا ما قرّر الاحتراف الخارجي من منطلق تسلّحه بنظام الهواية الذي يسمح له بذلك. وعلى اللائحة أيضاً نقرأ اسم فهد ياغي.

مهنة لها أصولها !

أخبرنا ياغي (40 سنة)، لاعب سابق في نادي شباب الساحل، أن مفاتيح عمله التسويقي هي العلاقات الجيدة، التعامل مع موثوقين، إتقان الإنكليزية وخبرة اختيار اللاعبين، لافتاً إلى أن أكثر اللاعبين المستقدمين من أفريقيا هم محل جدل، لسهولة التزوير في كل شيء حتى في الـCV والكتب الصادرة عن الاتحادات الأفريقية»، مشيراً إلى ضرورة النجاح في الامتحان (مرّة كل سنتين) قبل اعتماد اسم الوكيل على اللائحة، «وهنا يجب التمكّن من فهم القوانين وتطبيقها بحسب «الفيفا» والاتحاد الوطني». وأشار إلى أن «استرخاص» البعض لعرض ما، قد يوصلهم إلى الندم، وهذا ما حصل مع بعض الأندية الموسم الماضي، لافتاً إلى أن أغلى صفقة لاعب تتناسب مع واقعنا الكروي اللبناني تصل إلى 150 ألف دولار للموسم، ثم أكمل ضاحكاً: «هناك مَن يستقدم لاعباً أجنبياً بعشرة آلاف دولار للموسم»!

الاتحاد والفيفا.. مَن يحمي العقود؟

كثيرة هي الإشكالات التي حصلت بين الأندية اللبنانية واللاعبين الأجانب خلال السنوات الماضية، وأكثر من مرّة، عمل الاتحاد اللبناني لكرة القدم على تحصيل أموال لاعبين أجانب تهرّبت أنديتهم من الدفع (قضية هومنمن مع غاغيك والراسينغ مع ناطق هاشم)، وفي المجال عينه، لجأ اللاعب الترينيدادي دايفيد ناكيد إلى «الفيفا» لتحصيل حقوقه المادية من ناديه الأنصار، ويومها، نالها كاملة مع مصاريف المحامين (2004) وصلت إلى 120 ألف دولار، علماً بأن «الفيفا»، لحماية العقود المبرمة بين اللاعبين والأندية، ألزم الطرفين بضرورة تسجيلها أو إيداع نُسخ منها لدى الاتحاد المحلي، على أمل أن يأخذ دوره في حثّ الطرفين على احترام مضامينها.
ويقودنا الحديث، لنشير إلى وجود كثيرين ممّن أقحموا أنفسهم في هذا المجال (تسويق اللاعبين واستقدام الأجانب) من دون علم أو دراية بالأمر، إذ يورّطون الأندية من خلال استغناءات دولية مزوّرة، أو عبر استقدام لاعبين بمستويات متواضعة (برازيليون بالاسم أحياناً). وما زالت الحوادث التي حصلت مطلع الموسم الماضي وانعكاساتها السلبية على فريق الشباب الغازية والعهد والمبرة والحكمة والتضامن صور، ماثلة أمام العيان، ومن يهمّه الأمر، (شُطب 8 لاعبين أفارقة دفعة واحدة بعد أول مرحلة من انطلاق الدوري العام نظراً للتزوير الثابت في استغناءاتهم الدولية).
فهل يتعظ الساعون إلى تدعيم صفوفهم للموسم المقبل، ويقرأون جيداً «دليلهم» الواضح إلى تدعيم الصفوف كما يجب، فنياً وقانونياً ومادياً، أم أن للفوضى والإهمال تتمة؟ والنداء الأخير... كفى هدراً للأموال الكروية في غير محلها.


مباريات ودّية