يتراشق البرشلونيون الاتهامات هذه الايام، وينقسمون الى احزاب في خضم الازمة التي يعيشها النادي الكاتالوني، والتي تجلّت على نحو واضح في المباراة الاخيرة امام ريال سوسييداد.استعادة مشاهد هذه المباراة توضح ان المشكلات التي عصفت بمكاتب «كامب نو» ليست سوى عيّنة بسيطة عمّا يمر به «البرسا»، لا بل ان المشكلة على ارض الملعب اعمق واخطر بكثير، وخصوصاً ان النار المشتعلة ليست بين عنصرين عاديين، ولكن بين اهم رجلين في الفريق: المدرب لويس إنريكه والنجم الارجنتيني ليونيل ميسي.

كان طبيعياً ان يهرع جميع المتابعين صباح أمس لمطالعة صحيفة «سبورت» الكاتالونية، لسببٍ بسيط وهو انها ستخرج بالحقيقة او الصورة الواضحة لما يحصل حالياً، بعيداً مما فعلته الصحف المدريدية التي «حشرت أنفها» لتصبّ الزيت على النار، على غرار ما فعلت «ماركا» الموالية لريال مدريد، والتي تحدثت عن اقتراب إنريكه وميسي من التضارب في احدى الحصص التدريبية قبل ان يقف البرازيلي نيمار حائلاً دون حصول هذا الامر.
وبالفعل خرجت «سبورت» بالصورة المعبّرة من دون اي مواربة او تجميل، واضعةً إنريكه وميسي وجهاً لوجه مع عنوان يشير الى «انكسار الجرّة» بين الاثنين.
عنوان كان كافياً للمس مدى عمق الازمة، لكن من هو المسؤول؟
البداية من عند إنريكه الذي يتحمل جزءاً مما آلت اليه الامور. أولاً من خلال ضياعه على الصعيد الاستراتيجي بحيث ان المدرب الشاب اعتمد 17 تشكيلة اساسية مختلفة في 17 مباراة في الدوري الاسباني، وهو امر غير مقبول على الاطلاق. ثانياً من خلال تصرّفه بنفس الشخصية التي عُرف بها لاعباً، حيث حُكي دائماً عن لؤمٍ وعجرفة، وهذا الامر اذا ما صحّ انه اعتمده في غرفة الملابس فهو خطأ مميت لانه بكل بساطة يشرف إنريكه على عددٍ من اللاعبين التاريخيين الذين فعلوا اكثر منه بكثير في قميص «البرسا».
اعتمد إنريكه 17 تشكيلة اساسية مختلفة في 17 مباراة


اما الامر الثالث فهو عدم معرفته التعامل مع لاعبٍ بحجم ميسي، اذ في ظل علاقة الفتور الذي خلقها معه، فانه فكّر في معاقبته لولا تدخّل «الكباتن» الثلاثة للفريق شافي هرنانديز وأندريس إينييستا وسيرجيو بوسكتس لثنيه عن هذه الخطوة لما فيها من خطورة قاتلة.
ميسي ايضاً يتحمّل المسؤولية، اذ صحيح انه لم يكن مذنباً بتحديد موعدٍ متأخر له من قبل الجهاز الفني للعودة من اجازة الاعياد، لكن ليس هناك مبرر لعدم تصرّفه كلاعبٍ محترف على ارض الملعب عندما دفع به مدربه للمشاركة امام ريال سوسييداد. صحيحٌ ان ميسي غير معتاد مقاعد البدلاء وان هذه المسألة قد تكون أثّرت سلباً به، لكن اذا ما كان إنريكه قد اخذ هذا الخيار لعدم جاهزية نجمه البدنية لكونه عاد قبل 48 ساعة فقط من المباراة، فان المدرب على حق، وميسي على خطأ لذهابه الى معاقبة الكلّ، حيث ظهر في احد المقاطع المصوّرة وهو يتمشى من دون ان يساعد زملاءه في العملية الدفاعية، وتحديداً عند خسارته احدى المواجهات الثنائية بسهولة امام استيبان غرانيرو، حيث ركض الكل لتصحيح خطئه. وما نظرة الامتعاض التي بدت على الاوروغوياني لويس سواريز خلال مروره من امام «البرغوث» سوى دليلٍ على مدى الضرر الذي الحقه بفريقه. (http://www.youtube.com/watch?v=aTdhstGxewk&feature=youtu.be).
اما المذنب الاكبر، فهو ادارة برشلونة، التي شرع اعضاؤها في جولات من تصفية الحسابات و«قطع» رؤوس من بقي من الولاية السابقة في مراكز مؤثرة، وكأن المشكلات الادارية التي وقعت بها هذه الادارة لا تكفي، وخصوصاً ان اخطاء ساذجة تسبّبت بذاك القرار التاريخي الذي اصدره «الفيفا» بحق النادي.
هذا النادي الذي قال قائده السابق كارليس بويول بأنه في منصبه الاداري الذي تركه سريعاً شاهد الوجه الآخر لبرشلونة. هو وجه بشع اخذ جمال الكرة الى اسواق «البيزنس» التي اضرّ التركيز عليها قبل اي شيء آخر، اكثر مما نفع النادي.