إذا كنت من محبّي كرة القدم الأوروبية، فهناك نسبة كبيرة أن تكون قد وجدت في المباراة النهائية لمسابقة كأس الاتحاد الأوروبي بأهدافها البرازيلية الثلاثة، وتتويج شاختار دونيتسك الأوكراني باللقب، مشهداً بشعاً للغاية
شربل كريّم
ربما يستغرب كثيرون القول بأن وجود لاعبين برازيليين كثر في تشكيلة بطل كأس الاتحاد الاوروبي، هو أمرٌ مضرٌّ، إذ إن القاعدة المتّبعة في عالم اللعبة الشعبية الأولى تفيد بأنه أينما حلّ البرازيليون تكون المتعة حاضرة. إلا أن الحقيقة الملموسة في تلك الأمسية عكست المخاوف القديمة للاتحادين الدولي والأوروبي بشأن ظهور فرق القارة العجوز بعيدة كل البعد عن هوياتها الأصلية بفعل وجود كمٍّ هائل من الأجانب في صفوفها، والأسوأ أن هؤلاء لا ينتمي معظمهم في غالبية الأحيان إلى بلدانٍ أوروبية، بل قدموا من القارات البعيدة.
وهذا الأمر انطبق على شاختار تحديداً، لأن «بطل أوروبا» مثّل كل شيء إلا أوكرانيا التي خرجت صحفها تتغنى بإنجازها الأول على صعيد مسابقة كأس الاتحاد الأوروبي من دون أن تنتبه (أو تجاهلت) إلى أن ملهم هذا الفوز كان مدرباً رومانياً هو ميرسيا لوشيسكو، وصانعوه كانوا خمسة برازيليين، جرت مؤازرتهم من قبل لاعبٍ روماني هو رازفان رات وآخر بولوني هو ماريوش ليفاندوفسكي (لعب أساسياً بديلاً للتشيكي توماس هوبشمان الموقوف)، وآخر كرواتي هو داريو سيرنا الذي ارتدى شارة القيادة، بينما اكتفى ثلاثة لاعبين أوكرانيين بدورٍ ثانوي!
البرازيليون فرناندينيو وإيلسينيو ولويز أدريانو وجادسون وقّعوا على 12 من الأهداف الـ14 التي سجّلها شاختار في هذه البطولة، وهو أمرٌ يثير بالطبع امتعاض الأوفياء للكرة الأوروبية، وخصوصاً أن هزيمة الفرق التي واجهت «البرتقالي» جاءت بأقدام لاعبين برازيليين يعدّون من الصف الثاني مقارنةً بأبناء جلدتهم الذين يدافعون عن ألوان أبرز أندية العالم، ما يطرح علامة استفهام عن حال المستوى عند بعض الفرق في أوروبا التي تفقد قوتها مع افتقادها اللاعبين الأجانب المؤثرين، وهذا ما حصل تماماً مع فيردر بريمن الذي بدا تائهاً في غالبية فترات المباراة النهائية بسبب خوضه لها من دون نجمه الأول البرازيلي دييغو!
فعلاً، قد يكون الوجوم الذي بدا على وجه رئيس «يويفا» الفرنسي ميشال بلاتيني وهو يشاهد «رقص السامبا» على أرض ملعب «شوكرو ساراكوغلو»، سببه انزعاجه من غزو اللاعبين غير الأوروبيين للفرق الأوروبية، وهذا ما يدفعه أكثر إلى الضغط من أجل إقناع الجميع بأن قانون «6 + 5» الذي يجبر كل فريق على إدراج ستة لاعبين محليين في تشكيلته الأساسية، يمثّل مصلحة مشتركة من أجل استعادة الكبرياء الكروي المفقود في القارة العجوز، التي تتقاتل فرقها على استقطاب المواهب من البلدان البعيدة من دون أن تعير اهتماماً حقيقياً للخامات الموجودة لديها، ما قد يضعها في مواقفٍ حرجة مع كل استحقاق عالمي في المستقبل القريب.
كأس الاتحاد الأوروبي 2008-2009، ستبقى عالقة في الذاكرة، لا لأنها أدخلت فريقاً وبلداً جديدين إلى جنة سجلها الذهبي، ولا لأنها كانت النسخة الأخيرة، بل لأنها ستطرح معادلات حاسمة من جديد لتغيير وجه اللعبة.
أما بالنسبة إلى جمهور فيردر بريمن ومحبّي الكرة الأوروبية، فهناك قاسمٌ مشترك بينهما، ألا وهو نسيان تلك «الكأس المرّة».