من لا يحفظ ماضيه لن يحفظه مستقبله، من منطلق هذه القاعدة تولّدت الحاجة إلى تدوين الأحداث وحفظ التواريخ والأسماء، وهذه الحركة «التوثيق» جعلت زملاء قلّة يقفون متصدّين رافعين شعار «كي لا يضيع تاريخنا الرياضي»
إبراهيم وزنه
أكثر من مئة عام مضت على انطلاق كرة القدم في لبنان، ربما هي ولادة أقدم ألعابنا الرسمية. محطّات كثيرة مرّت وأسماء كبيرة لمعت، وقلّة قليلة تعرف تفاصيل عن ذلك الزمن الجميل، لكنّ شخصاً واحداً أخذ على عاتقه كتابة سيرة الكرة اللبنانية وغيرها من الألعاب، دافعه الى ذلك، كما يعترف، حفظ تاريخنا الرياضي من الضياع وتوفير بنك معلومات في خدمة الإعلام الرياضي، إنه الزميل علي حميدي صقر (63 سنة).

بداية الصقر من مصر

عام 1965 توجّه الزميل صقر، بطل المصارعة آنذاك، إلى مصر لمتابعة دراسته الثانوية، ولما وجد نفسه بعيداً عن أجواء المصارعة تعلّق بلعبة كرة القدم، ثم حدّد هويته «الزملكاوية» سريعاً، ولما عاد إلى لبنان رغب في معرفة تاريخ الكرة اللبنانية فلم يجد ضالته، وهذه كانت الصدمة، كما وصفها.

أدوات التوثيق

حبّ العمل والجهد المتواصل والصدقية والأمانة والدقة والصبر، كلها بحسب الصقر تمثّل مفاتيح العمل التوثيقي الجاد. وعند الحديث عن التكلفة المادية، قاطعنا «أبو زكّور» قائلاً «ما صرفته على التوثيق يكفي لبناء عمارة من 5 طبقات»، مع الإشارة إلى أنه يصرف من يومه 4 ساعات في القراءة والمراقبة والتصوير وترتيب الجديد من الأحداث.

كنز المعلومات

بشكل منمّق، يوزّع علي حميدي صقر مجلاته وصحفه وأوراقه ومخطوطاته بين بيته ومستودعه (أكثر من 7 أطنان من الورق)، أما بالنسبة إلى مضمونها فتضم: تاريخ الرياضة اللبنانية منذ عام 1900. ولأجل ذلك، اشترى مطبوعات قديمة، وخصوصاً الصفحات الرياضية من صحف صوت العروبة والأنوار والمحرر والنهار والسفير، كما اشترى أرشيف مجلة «الشعلة الرياضية» الصادر بين 1965 و1975 من صاحبها جميل شلالا، ولاحقاً أصدر الصقر كتباً تتناول حقبات متفرقة من تاريخ لبنان الكروي.

مشروع برسم المعنيين

لمّا كان العمل التوثيقي أمراً هامشياً في لبنان ومهنة معتبرة في بلاد أخرى، يؤكّد «الصقر» أن التوثيق حياته، ومن خلاله ستذكره الأجيال. وكي لا تضيع الأحداث في مهب الريح، اقترح «أبو زكّور» أن يُختار زميل من كل قسم رياضي توكل إليه عملية التوثيق، مع استعداده لتأهيل الراغبين قي التصدي لهذه المهمة، «وهكذا يكون عندنا مجموعة من الموثّقين لاحقاً، وعندها لن تضيع رياضتنا وأخبارها»، مضيفاً «أشعر بالسعادة عندما أوفّر للزملاء ضالتهم الإعلامية». أما الآلية التي يعتمدها حالياً فتقوم على اختيار أهم الأحداث ثم توثيقها شهرياً.

حدادة... صاحب أكبر مكتبة مرئية

مسيرة التوثيق عند الزميل محمد حدادة مختلفة ولافتة، وعنها يقول: «بدأت رحلتي في جمع المجلات والصور وصفحات الجرائد عام 1978، وكانت معظمها لنجوم الكرة العالميين إضافة إلى بعض المجلّين المحليين، ولم أزل على عهدي في التجميع والتوثيق لغاية اليوم، وأفتخر بما أملكه من كنز إعلامي رياضي كروي»، مع الإشارة إلى أن حدادة حدّد ركناً في بيته رتّب فيه كنزه الإعلامي. وعن ذلك يقول «لقد كانت «المجموعة» أول ما أدخلته إلى المنزل الزوجي... وقبل العروس». ويملك «أبو توفيق» أكثر من 700 شريط كاسيت إضافة إلى عشرات الأقراص المدمجة.

أرشيف إلكتروني

ومسألة الأرشفة ليست محصورة في صقر وحدادة، فالثنائي علي هارون (الصورة 1) وجهاد حبحاب (الصورة 2) أيضاً يملكان أرشيفاً كبيراً يختص بمباريات دوري كرة القدم منذ عام 1988. فالبداية كانت مع حبحاب الذي حصل صدفة على برنامج كمبيوتر أرشيفي يستخدم في أوروبا، فقام بتعريبه ليتشارك مع هارون في تأسيس أرشيف كروي.


حامي «الأرشيف» الكامل

علي حميدي صقر هو حامي «الأرشيف» الكامل للحياة الرياضية في لبنان، وهو الذي أنشأ في عام 1985 مع ولديه ميديانا (الصورة) وزكريا «مكتب الصقر للتوثيق والإعلام» حرصاً على استمرار مدرسته التوثيقية




توظيف الأرشيف

أعرب محمد حدادة عن سعادته في توظيف «أرشيفه» في خدمة عمله الإعلامي ضمن «إكسترا تايم» على «الجديد» وفي مجلة الأنصار وسابقاً في «شوت»، ما مكّنه عام 2002 من طرح كتاب «المونديال»


نقطة الانطلاق

معرفة صقر الجيدة بالأمين العام لاتحاد اللعبة الشعبية حينذاك عزت الترك (الصورة)، دفعته إلى الشروع في جمع أوراق وصور، فكانت نقطة الانطلاق إلى ترميم تاريخنا الكروي المهدَّد بالضياع