يزخر تاريخ كرة القدم بالكثير من الأمثلة للاعبين أورثوا أبناءهم هذه «الصنعة». لكن في نظرة سريعة يتبيّن أن غالبية هؤلاء الأبناء لم يسيروا على خطى آبائهم سوى في حالات معدودة علىأصابع اليد الواحدة

حسن زين الدين
قبل حوالى شهر، خرجت الصحف الإسبانية تهلل للاعب ناشئ اسمه إنزو زين الدين زيدان، أي نجل اللاعب الفرنسي السابق «زيزو»، الذي حمل المجد الكروي لبلاده في نهائيات كأس العالم 1998، والسبب أن إنزو (14 عاماً) الذي يحمل الجنسية الإسبانية أيضاً هو لاعب في فريق ناشئي ريال المدريد الإسباني، وكان قد برع على أرض الملعب في مباراة أمام الغريم الأزلي برشلونة. لذا لم تتأخر الصحف عن توقّع مستقبل زاهر لإنزو بقميص المنتخب الإسباني، لكن الأهم يبقى أن تكشف الأيام عما إذا كان إنزو يسير فعلاً على خطى والده، على عكس أبناء بعض عمالقة اللعبة السابقين.

في الاتجاه المعاكس

إذاً، هناك أبناء لنجوم لم يبلغوا نسبةً قليلة ممّا قدّمه آباؤهم. فعلى سبيل المثال، وفي الوقت نفسه الذي تحدثت فيه الصحافة الإسبانية عن إنزو، كانت الصحافة البرازيلية تضجّ باتهامات وجهها «ملك» الكرة البرازيلية بيليه إلى مواطنيه رونالدو وروبينيو بتناولهم المخدرات. وربما كانت تصريحات بيليه قد صدرت عنه وهو في مزاج عصبي، إذ كان وقتذاك يدافع عن نجله إدينيو المتهم بتعاطي المخدرات!
وإدينيو هذا ليس إلا حارس مرمى مغموراً لفريق سانتوس الذي صنع فيه بيليه مجده الكروي، وبالتالي هو لم يسر على خطى والده على أرض الملعب أو خارجه.
وبالحديث عن أبناء «الأساطير»، لم يصب دييغو سيناغرا، أو دييغو مارادونا جونيور (23 عاماً)، شهرة والده الذي لا يعترف بأبوته له بعد إقامته علاقة غير شرعية مع امرأة إيطالية، عندما كان لاعباً في صفوف نابولي. وجونيور لم يأخذ من «الأسطورة» سوى الشكل والاسم الذي بالتأكيد فتح له أبواب هذه اللعبة، لكن بالطبع الصغيرة منها، إذ تنقّل بين فرق في الدرجة الرابعة في إيطاليا، كما لعب لفريق هواة اسمه سيرفيا في بطولة على طريقة «تلفزيون الواقع»، وحتى أن صحيفة «لا ريبوبليكا» الإيطالية ذهبت في استنتاجها، إلى أن جونيور ينفع من خلال شخصيته لبرامج تلفزيون الواقع أكثر منه لمباريات كرة القدم!
ومن دون شك إدينيو بيليه، ومارادونا جونيور هما أكثر شهرة، على الأقل إعلامياً، من لوران بلاتيني.
ولوران ليس سوى نجل رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم «يويفا» الفرنسي ميشال بلاتيني نجم «الديوك» ويوفنتوس الإيطالي السابق، وقد تأثر الصبي بوالده كما يقول، إذ لعب سابقاً مع فريق نانسي حيث كانت بداية الأب. لكن هل نجح أم فشل في المستطيل الأخضر؟ لوران نفسه يجيب عن هذا السؤال قائلاً: «الأولوية كانت دائماً بالنسبة لي هي بناء مستقبلي». هكذا إذاً، طلّق لوران الكرة في سنٍّ مبكرة، وهو بلغ الـ28 من عمره ويعمل حالياً في مجال المحاماة.
وحده قد يكون يوردي كرويف، نجل النجم الهولندي السابق يوهان كرويف قد عرف «نجاحاً» أفضل، وإن كان لم يصل بالتأكيد إلى ما حققه والده في الملاعب. ولكن بالتأكيد قد يكون لكرويف الأب الفضل الأكبر في ما وصل إليه الابن، إذ كان يصطحب الأخير وهو في السابعة من عمره لمشاهدة مباريات أياكس أمستردام ثم ألحقه بناشئي نادي العاصمة الهولندية، قبل أن يصبح لاعباً في برشلونة الإسباني عام 1992، وانتقل بعدها إلى مانشستر يونايتد الإنكليزي، ثم إلى ألافيش الإسباني فمواطنه اسبانيول، ليتفرغ عام 2008 لعالم الموضة.

وفي اتجاه أفضل

لا يمكن اعتماد الأمثلة المذكورة بما فيها يوردي كرويف، قاعدة بأن الأبناء لا يتفوّقون على آبائهم، إذ إن حالتين استثنائيتين كالإيطالي باولو مالديني والإنكليزي فرانك لامبارد تثبتان العكس.
ومالديني هو نجل لاعب ميلان وإيطاليا السابق تشيزاري مالديني، ومسيرته الممتدة منذ 22 عاماً كرّسته أحد أهم اللاعبين على مرّ تاريخ النادي اللومباردي، وقد حقق المدافع الأيسر في صفوفه ألقاباً محلية وأوروبية وعالمية، ما دفع مسؤولي الفريق إلى سحب القميص الرقم 3 تكريماً له عند اعتزاله في نهاية الموسم الحالي. وتفوّق باولو طبعاً على والده ناحية عدد الألقاب بانتظار أن يعيد كريستيان نجل باولو اسم العائلة إلى ميلان، إذ يعد الصغير بمستقبل باهر مع «الروسونيري».
من جهته، فإن فرانك لامبارد، هو نموذج مثالي للاعب استطاع أن يفوق والده الذي يدعى فرانك أيضاً. إذ ما بين لامبارد الأب لاعب وست هام يونايتد في الستينيات والسبعينيات، ولامبارد الابن المتألق دائماً في وسط الميدان، تبدو الكفة أرجح لنجم تشلسي ومنتخب إنكلترا الذي يعتبر حالياً أفضل اللاعبين في مركزه حول العالم.


بنجامين ابن النجم وحفيد الأسطورة

أطلّ نجم المنتخب الأرجنتيني سيرجيو أغويرو (الصورة)، زوج جانينا، ابنة دييغو أرماندو مارادونا، أخيراً على المتفرجين في الملعب خلال مباراة الأرجنتين وفنزويلا ضمن تصفيات مونديال 2010، حاملاً ولده بنجامين ذا الشهرين من العمر، وقد ألبسه قميص منتخب «التانغو». فهل يتخطى يوماً ما بنجامين أباه النجم وجده «الأسطورة»؟