من نجم ثمين إلى لاعب سمينشربل كريم
اليوم، يقف رونالدو أمام معركة أخرى فرضتها عليه الإصابة، إذ ازداد وزنه ازدياداً غير مقبول، ففقد الخفّة في قدميه، وخانته أنفاسه على أرض الملعب، ليصبح لاعباً غير مرحّب به في اللعبة التي ربطها باسمه سنوات عدة بفعل تألّقه الأسطوريّ. يمكن اعتبار أن النتيجة تشير إلى التعادل في معركة رونالدو مع الإصابة، لأن الأخيرة كانت السبب في دفعه إلى اليأس في مرحلة ما، فأصبح زبوناً دائماً للحانات والملاهي الليلية، ونسي الطريق إلى الملاعب وصالات اللياقة البدنية، فتحوّل من نجم ثمين تلهث الأندية وراءه إلى مجرد لاعب سمين أُغلقت كل الأبواب في وجهه.
تخيّلوا أن رونالدو الذي كانت جميع الأندية تتمنى أن يكون ضمن صفوفها، أصبح منبوذاً، إذ عندما عرضه مدير أعماله فابيانو فرح على مانشستر سيتي الإنكليزي رفضه الأخير، والأمر عينه بالنسبة إلى باريس سان جيرمان الفرنسي، وحتى سيينا الإيطالي المتواضع!
لذا كان من الطبيعي أن يعود الرقم 9 الشهير إلى بلاده، فانضم إلى كورينثيانس، حيث سجّل أخيراً ضد بالميراس وساو كايتانو، ليقطع الخطوة الأولى في الطريق للعودة إلى النجومية التي تبدو بعيدة كل البعد عنه في الوقت الحاضر.
بالتأكيد الكرة الرأسية التي لعبها رونالدو إلى شباك بالميراس من مسافة قصيرة، لا تعدّ الهدف الأجمل في مسيرته، لكن هذا الهدف يحمل الكثير من المعاني بالنسبة إلى البرازيلي، وقد يذكره تماماً كما يذكر هدفه «الخرافي» مع برشلونة ضد كومبوستيلا عندما تخطى أكثر من نصف لاعبي الأخير قبل أن يودع الكرة داخل المرمى. والسبب أنه ردّ على أولئك الذين قالوا إنه انتهى، وهؤلاء كانوا الدافع الأكبر لإصراره على إثبات أنهم أخطأوا في توقعاتهم.

صفقة ترويجية مربحة

رونالدو الذي يعدّه كثيرون أفضل مهاجم عرفته اللعبة، لم يخطئ عندما اختار «ترميم» نفسه في بلاده الأم على عكس كل النجوم البرازيليين، الذين يخرجون للاحتراف ويعودون إلى مسقطهم بعد اعتزالهم. لكن سؤالاً مهماً يُطرح هنا عن نيّة كورينثيانس في مساعدته على النهوض من جديد؟
لا يمكن إغفال أن النادي البرازيلي العريق الذي عاد إلى الدرجة الأولى، يريد تبييض صورته مجدداً، وقد يكون اختياره التعاقد مع رونالدو بمثابة محاولة إعادة مدّ جسور الثقة مع جمهوره، واستعمال اسم النجم كمحاولة ترويجية لاسترداد قسم مهمٍّ من المشجعين الذين هجروه خلال لعبه في الدرجة الثانية. وطبعاً، مهما تراجع مستوى رونالدو فإن اسمه لا يزال يجذب، لذا سجّل النادي ارتفاعاً سريعاً في مبيع القمصان، وتحديداً تلك التي تحمل اسم النجم الوافد ورقمه. ويبدو الأمر الآن أشبه برهانٍ لأن تألق رونالدو سيروّج لبيع المزيد من القمصان، وبالتالي لدخول مالٍ إضافي تحتاج إليه خزينة النادي في هذه الفترة.
كما لا يمكن إغفال أن عودة رونالدو إلى الملاعب البرازيلية لقيت ترحيباً من القيّمين على الدوري هناك، لأن البطولة المحلية بحاجة ماسّة إلى نجم صاحب سمعة كبيرة لإعادة شدّ الانتباه إليها في أميركا الجنوبية حيث بدا الاهتمام أكبر بالدوري الأرجنتيني في المواسم القريبة الماضية.
الخلاصة أن رونالدو وكورينثيانس قد يطمحان إلى هدفين مختلفين من خلال هذا الارتباط، لكن بالتأكيد عودة رونالدو إلى شيء من مستواه المعروف سينعكس إيجاباً على الطرفين، وهذا يتوقف على اللاعب دون سواه، فهو مطالب بالالتزام وتوجيه حياته الشخصية إلى السكة الصحيحة بعدما أصبح مغنطيساً للفضائح والمخالفات أخيراً (قضية عودته إلى الفندق مع ثلاثة متحوّلين جنسياً، وتسبّبه باستقالة مدير كورينثيانس الذي رافقه إلى حفلة صاخبة حتى ساعات الصباح الأولى).

العودة إلى المنتخب

لكن رغم كل هذه المشكلات، يبقى لرونالدو مكان أساسيّ في قلوب البرازيليين، الذين يعتبرونه رمزاً لا يقلّ شأناً عن «الملك» بيليه، حتى إن البعض ذهب إلى تمنّي عودته للمنتخب البرازيلي للمرة الأولى منذ عام 2006. والدليل على بقاء شريحة كبيرة تؤمن به، ما أقدم عليه جمهور فلامنغو الذي أحرق صوره وقمصاناً تحمل اسمه عندما اختار الانضمام إلى كورينثيانس على حساب فريقهم.
إنها المعركة الأخيرة في حرب رونالدو ضد الإصابة، لكونه قد وصل إلى سن الـ 32، والزمن بدأ يداهمه، لكن انتصاره المدوّي في 2002 يعطيه معنويات لا حدود لها للعودة مهاجماً مرعباً للمدافعين، وحجز مكان له في تشكيلة البرازيل لمونديال 2010 في جنوب أفريقيا، وبالتالي التحوّل رمزاً للنضال الكروي ضد مصاعب اللعبة، وما أكثرها.


دونغا يفتح باب المنتخب أمام رونالدو