اللعب النظيف» (Fair Play) شعار ارتبط بلعبة كرة القدم، لكن واقع الحال يثبت العكس، إذ نسمع كل يوم عن إصابة لاعب هنا وآخر هناك، والأسباب هي التدخلات العنيفة التي يتقنها بعض اللاعبين
حسن زين الدين
نادراً ما نشاهد مباراة خالية من الخشونة أو التدخلات العنيفة، ومعظم اللاعبين معرّضون، في فورة غضب، لارتكابها. واللافت أنّ في كل فريق تقريباً، لاعباً أو اثنين يُعرفان بأسلوب لعبهما الخشن والاستفزازي. وفي بعض الأحيان يكون للاعب من «هذا الصنف» دوره «الإيجابي»، ويلجأ المدربون أحياناً إلى تكليف بعض اللاعبين بمهمات من «هذا النوع». على سبيل المثال، لا تمرّ مباراة لفريق بايرن ميونيخ الألماني من دون أن نرى تدخلات قاسية من لاعب وسطه الهولندي مارك فان بومل. وإذا انتقلنا إلى إسبانيا فلن نستطيع إحصاء عدد البطاقات الملوّنة والإنذارات الشفهية التي يتلقاها مدافع ريال مدريد سيرجيو راموس. ولا يقل عنهما شأناً النيجيري جون أوبي ميكيل لاعب وسط تشلسي الإنكليزي. كذلك يشاطرهما هذه الخصال الأرجنتيني خافيير ماسكيرانو لاعب ليفربول الإنكليزي. لكن يبقى لاعب وسط ميلان الإيطالي جينارو غاتوزو «عميد الخشنين».
ولطالما اشتهر الدولي الإيطالي بتدخلاته العنيفة، المدروسة أحياناً وغير المحسوبة في أحيانٍ أخرى. ولعل اندفاعه الزائد كان سبباً لتعرّضه في كانون الأول الماضي لإصابة حين كان يحاول انتزاع الكرة خلال مباراة فريقه مع كاتانيا، فتعرّض لالتواء في كاحله سيبعده لمدة 6 أشهر عن الملاعب.
غاتوزو الذي تصفه الصحافة الإيطالية بـ«المقاتل» لا يبدي سقمه من امتعاض البعض لأسلوب لعبه الخشن هذا، وهو يقول في أحد تصريحاته: «لديّ الاستعداد للتضحية بنفسي من أجل الفريق». والغريب أن طباع غاتوزو خارج الملعب ليست هي ذاتها داخله، وقد وصفه زميله الإنكليزي ديفيد بيكام أخيراً بقوله: «غاتوزو لا يضيّع أي فرصة حوله للمزاح، وخصوصاً مع (البرازيلي) ألكسندر باتو. لاعب مثله يبدو رائعاً في غرفة تبديل الملابس، لا أحد يجعلني أضحك كما يفعل هو».

فرانز الأكثر كرهاً

أما متابعو الدوري الألماني «البوندسليغه»، فقد تعرفوا إلى لاعبٍ أقل شهرة، لكنه أكثر عدوانية في أسلوب لعبه من غاتوزو، وهو مدافع كارلسروه مايك فرانز الذي يُطلق عليه في ألمانيا «اللاعب الأكثر كرهاً»، بالنظر إلى أسلوب لعبه الخشن، وقد كان «الكريه» سبباً في فرض غرامة مالية على مهاجم شتوتغارت ماريو غوميز عندما انتقد الأخير أسلوبه في برنامجٍ تلفزيوني. كذلك لحقه بعدها بأسابيع لاعب أينتراخت فرانكفورت اليوناني يوانيس أماناتيديس الذي وصف فرانز بالقول: «هناك لاعبون يدمّرون كرة القدم».
فرانز بدوره يبدو ذا طباع فكاهية، إذ لا يُخفي أسلوبه في اللعب هذا، ويقول: «الاندفاع جزء من اللعبة. ما دام كارلسروه ناجحاً، فلن أغيّر أسلوبي»، ويضيف ساخراً: «سأعطي اللاعبين مناديل عندما يبدأون بالبكاء».

إيفنبرغ «الولد الشقي»

وإذا أردنا مثالاً بارزاً من الماضي القريب للاعب كان نموذجاً في هذا المجال، يتبادر إلى الذهن قائد بايرن ميونيخ السابق ستيفان إيفنبرغ، الذي اشتهر بتدخلاته العنيفة واعتراضاته على قرارات الحكام، ولا تزال مواجهاته الفردية مع النجم الفرنسي السابق زين الدين زيدان خلال مباريات بايرن وريال مدريد في دوري أبطال أوروبا عالقة في الأذهان.
لكن ما الذي يعيدنا الى إيفنبرغ مجدداً، رغم اعتزاله منذ سنوات؟
الجواب أن «الولد الشقي» كما كان يلقب، يدعم تصرفات فرانز، ووصل به الأمر إلى أن وجّه في إحدى المرات تحية دعمٍ للّاعب عبر صحيفة «بيلد» الرياضية الألمانية بقوله: «يجب على فرانز أن لا يتراجع خطوة واحدة، لا بد من أن يتابع لعبه بالطريقة نفسها».