تزخر الساحة الإعلامية الرياضية العربية بعدد من الإعلاميّين اللبنانيين الذين أثبتوا جدارتهم فيها. علي فوز هو أحدهم. عرفه اللبنانيون بدايةً موسوعةً للمعلومات الرياضية، ولم يفاجَأوا به لاحقاً معلقاً رياضياً
حسن زين الدين
8 تموز 1982. ما زال علي فوز يتذكر هذا التاريخ جيداً، حينها كان في السابعة من عمره، كانت الحرب مشتعلة في لبنان، وكان الفتى في هذا الوقت يتابع إضاعة شتيليكه ركلة جزاء لألمانيا ضد فرنسا في نصف نهائي كأس العالم 1982. مشهد علق في ذهنه، وكان بوابته للتعلّق فيما بعد بعالم كرة القدم. تبرق عيناه عندما يحدثك عن مونديال 1986 تحديداً «أجمل ذكرى في طفولتي» يقول بشوق.
بعدها كثرت المجلات الرياضية بين يدي علي، كانت إشارة إلى أن الفتى حينها، بدأ إبحاره في عالم الأرقام والمعلومات الرياضية. عام 1988 كان قد حفظ أسماء جميع لاعبي مونديال 86 وأرقامهم.
شغفه بكرة القدم سيأخذ عام 1992 منحىً آخر، إذ «في صيف ذلك العام، انضممت إلى القسم الرياضي في صحيفة الديار حيث كنت مراسلها في ملعب الصفاء حتى عام 1998» يقول علي. وخلال هذه الفترة وتحديداً عام 93 كانت تجربته الأولى في مجال التعليق في تلفزيون كيليكيا في بيروت.
كان من الطبيعي أن يكون علي أول المشاركين في مسابقات المعلومات العامة. هكذا، «فزت عام 98 مع نعيم وكارل رزق ببرنامج «سوبرمونديال» على تلفزيون لبنان». ثم كانت المحطة المهمة التي علق فيها اسم علي فوز في أذهان محبي كرة القدم خصوصاً والمشاهدين عموماً، حين فاز عام 2003 بالميدالية الذهبية مع التقدير، في فئة كأس العالم ضمن برنامج «المميزون» على شاشة
«lbc» .

نقلة نوعية

يرى علي أنّ هذا البرنامج نقطة تحول في حياته، «إلا أن النقلة النوعية في مسيرتي الإعلامية كانت معرفتي بمدير القسم الرياضي في «mbc» تشارلز بالتشين عن طريق الزميل ربيع أبو شقرا»، حيث عمل علي تحت إشرافه لاحقاً في محطة «art» الرياضية.
وبعد انتقال الدوري الإنكليزي إلى قنوات «شو تايم»، كانت نقلة نوعية أخرى في مسيرة علي في التعليق، حيث انتقل إلى هذه المحطة وأصبح يطل كل أسبوع على المشاهدين.

آخر معلومة!

يرى علي أن التعليق « موهبة بالدرجة الأولى، ويجب على المعلق أن يكون قبل كل شيء مطلعاً على قوانين كرة القدم، وأن يكون حيادياً، إضافةً إلى وجوب تمتّعه بـ 4 عناصر أساسية هي الصوت، والأسلوب، وسرعة البديهة، والمعلومات». لكن عندها نذكّره بأنه انطبع في أذهان المشاهدين بامتلاكه عنصر المعلومات بالتحديد، يبتسم، كمن ينتظر هذا التعليق، ويجيب بحماسة «بالضبط، هذا ما كنت أواجهه وما أحاول تطويره في شوتايم، حيث وصلت في بعض المباريات إلى أن لا أذكر أي معلومة».
وعن الفرق بين التعليق العربي والأوروبي يشرح علي بأن «المشاهد العربي تفاعلي وعاطفي لذا يحب الحماسة في التعليق، أما الأوروبي فهو وصفي»، ويلفت إلى أن « المعلق يجب أن لا يقف عائقاً بين المشاهد في المنزل والجمهور في الملعب، وهنا يبرع الأوروبيّون».
وقبل أن نختم حديثنا معه في مكاتب «الأخبار»، أسأل علي إن كان لا يزال يدأب على حفظ المعلومات، فيبتسم ويجيب: «مش متل قبل، صارت منظومة المعلومات عندي أشبه بهرم، ما عادت تحمل». إجابته لا تقنع، فأسأله ممازحاً «طيب شو آخر معلومة حفظتها؟». تتغير ملامح علي عندها، ويسرع إلى «فلفشة» أوراق مجلة أجنبية كانت قربه طوال حديثنا، فيهتدي إلى الصفحة حيث وضع إشارة على المعلومة، ويردد بلهفة: «أحد هدّافي كأس العالم وهو درازين يركوفيتش، الذي رحل منذ أشهر عدة، تحول عام 1990 ليصبح أول مدرب لمنتخب كرواتيا»... هذا هو، علي فوز.


من الماضي

حين «تجوّز الفوتبول» وبكى


ليس بغريب أن يعلق اسم علي فوز في أذهان محبي كرة القدم، وبالتحديد الشغوفين ببطولة كأس العالم، باعتباره موسوعة للمعلومات الكروية، أو أن يتميز حالياً معلقاً على أهم الدوريات العالمية، إذ تكفي مقارنة بسيطة بين سبل توافر المعلومات حين بدأ علي بحفظها، وثورة المعلومات المتدفقة الآن من كل حدب وصوب. يخبرك علي أنه كان يسترق النظر إلى المباريات حين كان يُمنع من متابعتها في أوقات الدراسة. يضحك وهو يتذكر كيف بكى مرة قبل مباراة ألمانيا الغربية وإيطاليا في بطولة أمم أوروبا 88 بسبب انقطاع التيار الكهربائي، أو كيف استعان ببطارية السيارة لمشاهدة مونديال 1990!
«الفوتبول جزء مهم بحياتي» ستتردّد هذه الجملة مراراً وتكراراًعلى شفتي علي، كيف لا، فهي التي نقلته من اختصاصه في هندسة الاتصالات إلى الإعلام الرياضي، ودفعت أصدقاءه إلى تسميته «الموسوعة الكروية المتنقّلة» وجعلت والده يمازحه قائلاً «الناس فيهن يتجوزو 4 مرات، إلّا علي إبني بس 3، لأنو تجوز مسبقاً كرة القدم».