في إطار الزمن الذي لم يعد فيه للوفاء والتقدير للجهود المبذولة مكان، بل أصبح المال والاستفادة المادية هما الأساس في الإبقاء على أي ارتباطٍ مهني، يأتي مشروع استغناء ميلان الإيطالي عن نجمه البرازيلي كاكا

شربل كريّم
مجرد الكلام على تفكير ميلان في التخلي عن كاكا كان ضرباً من الجنون قبل أشهرٍ قليلة، وخصوصاً أن النادي اللومباردي بدا عادياً جداً في كلّ مرة غاب فيها «بيليه الأبيض» عن صفوفه.
اليوم تغيّر الوضع. 120 مليون يورو وضعها «شيوخ» مانشستر سيتي الإنكليزي، وأدارت رؤوس أدريانو غالياني، وكارلو أنشيلوتي (المغلوب على أمره) وبقية أركان «الروسونيري».
حتى الأمس القريب، كان كاكا يكشف عن الطموحات التي يريد أن يصيبها بعد خمس سنوات، مجاهراً بأنه يحلم بحمل شارة القائد لفريقٍ عريق حصد البطولات المختلفة على مرّ السنين. لكن ماذا كان يفعل إداريو ميلان في الوقت عينه؟
الجواب بسيط. هم كانوا يجتمعون بإداريي مانشستر سيتي ويفاوضون على أبرز لاعبٍ في صفوفهم من دون علمه، وكأنه سلعة بخسة الثمن!
إشارتان أكدتا بعدها أن ارتباط ميلان وكاكا اقترب من نهايته، إذ إن اللاعب عاد ليقول إنه ليس واثقاً بالأشخاص الذين يحيطون به أو بما يجري حوله، بينما كان أنشيلوتي يجيب عن سؤالٍ صحافي عن إمكان رحيل صانع الألعاب الموهوب على الشكل الآتي: «أهدافنا لهذا الموسم ستبقى نفسها مع كاكا أو بدونه».
طبعاً سيكون أنشيلوتي المتضرّر الأكبر من بيع كاكا، وهو من دون شك اعترض على الخطوة. لكن معلوم أن المدرب المذكور لا بد أن يرضخ لقرار الإدارة ردّاً للدّين بعدما صبرت عليه إثر فشله في الحصول على مركزٍ مؤهلٍ إلى دوري أبطال أوروبا في نهاية الموسم الماضي.
ومعلوم ايضاً أن كاكا تلقى سابقاً الكثير من العروض من ريال مدريد الإسباني وتشلسي الإنكليزي وغيرهما من الأندية الكبرى، وكان ميلان مستعداً لأي شيء من أجل ضمان بقائه، فحقق مطلبه بضمّ شقيقه المدافع ديغاو المتواضع المستوى، كذلك اخترعت الإدارة لزوجته كارولين وظيفة الاهتمام بلباس اللاعبين بعيداً عن الملعب، الأمر الذي أثار امتعاض تشيزاري مالديني، فقال وقتذاك: «برازيلية تعلّمنا الموضة في عاصمة الأزياء!».
الأمر الأكيد أن انتقال كاكا من ميلان العريق إلى مانشستر سيتي الذي لا يملك سوى لقبين محليين (1937 و1968) وكأس أوروبية واحدة (كأس الكؤوس عام 1970)، سيكون انتصاراً لسياسة «البيزنس» على الأخلاقيات، وينقل واحداً من أفضل ثلاثة لاعبين في العالم إلى فريقٍ لم يسجّل أيّ من لاعبيه السابقين اسمه في سجلات العظماء.
سيربح كاكا الكثير من المال، وسيخسر ميلان أكثر على الصعيد الفني، إذ إن رهان الفريق على البرازيلي رونالدينيو الذي يبدو شبحاً لأفضل لاعب في العالم سابقاً، والإنكليزي ديفيد بيكام الصفقة التسويقية الموقتة، سيسقط حتماً، لأن اللاعبين لا يحملان الآن أكثر من اسميهما المعروفين على أرض الملعب، بعكس كاكا قلب الفريق النابض وملهمه إلى الانتصارات.
غلطة جديدة سيضيفها ميلان إلى سجلاته، لأنه سيثير غضب جمهوره العريض، فضلاً عن أن إيجاد قائد حقيقي يمكنه انتشال الفريق سيحتاج إلى بعض الوقت، ولو أن رهان تنصيب الفرنسي يوان غوركوف المعار إلى بوردو خليفةً لكاكا، قد لا يكون في محلّه أيضاً، لأن الأول لا يبدي اهتماماً كبيراً بالعودة إلى «سان سيرو» في الموسم المقبل.


ريبيري بديلٌ محتمل

يبدو أن ميلان بدأ يستعدّ لملء الفراغ الذي سيخلّفه رحيل كاكا إلى مانشستر سيتي، إذ أشارت بعض التقارير الصحافية، أمس، إلى أن الفريق اللومباردي عرض على بايرن ميونيخ الألماني 35 مليون يورو من أجل التخلي عن خدمات النجم الفرنسي فرانك ريبيري