شربل كريمسيرجيو راموس ليس في مركز الظهير الأيمن بل على الجهة اليسرى. كانت هذه النقطة كافية بالنسبة إلي عند مشاهدة تشكيلة ريال مدريد قبل منازلته غريمه برشلونة في «إل كلاسيكو»، لكشف استراتيجية الفريق الملكي. من دون تعقيدات كانت الخطة الموضوعة تتمحور حول تحطيم، تكسير، تدمير (أو كل المرادفات لهذه الكلمات)، نجم الفريق الكاتالوني الأرجنتيني ليونيل ميسي.
الأمر الأكيد أنه لا يمكن أحداً أن يناقض هذا القول لأن الدقائق العشر أو العشرين الأولى تثبت بوضوح نيّة لاعبي الريال وعلى رأسهم راموس تنفيذ عقوبة الإعدام السريع بحق ميسي عبر أخطاءٍ متعمّدة من الخلف مصوّبة نحو كاحل القدم تحديداً، وقد تعامل معها الحكم لويس ميدينا كانتاليخو برويّة في بادئ الأمر حفاظاً على الهدوء في المباراة، قبل أن يشفق على «المعتّر» ميسي ويبدأ بتوجيه الإنذارات إلى جلّاديه.
عرف إداريو ريال مدريد وجهازه الفني في قرارة أنفسهم أن خطوة تبديل المدرب الألماني برند شوستر بالمحلي خواندي راموس ليست الخطة الأساسية أو المثالية عشية لقاء برشلونة، فعادوا إلى الخطة «أ» ومحورها القضاء على ميسي وشلّ حركة «البرسا» سريعاً أي ضرب الخط الأمامي للعدو قبل الانقضاض عليه في عقر داره.
طبعاً بدا جليّاً أن ميسي كان حذراً في الشوط الثاني، فحاول عدم إبقاء الكرة كثيراً في حوزته، الأمر الذي قتل اللعبة فنياً، وغيّب المتعة الحقيقية عن لقاء شاهده الملايين حول العالم.
نعم، ما حدث في الشوط الأول من المباراة المذكورة كان محاولة اغتيال للنجم الأرجنتيني وجريمة إرهابية بحق الفن في لعبة تحتاج بشدة إلى لاعب من طراز ميسي يعيد إلى الأذهان الزمن الجميل للاعبين الذين يقدّمون دائماً أشياء غير متوقّعة على أرض الملعب.
ميسي المهذّب لم يقم بأي رد فعلٍ عدائيّ تجاه أولئك الذين اجتاحوه في غالبية المرات التي احتفظ فيها بالكرة، بينما كان لاعب مثل البرازيلي لويس فابيانو (اشبيلية)، قد حوّل المستطيل الأخضر إلى حلبة ملاكمة مهاجماً المعتدين عليه!
ختاماً لا بد من العودة إلى الذاكرة وسرد هذه القصة التي تحمل سيناريو مشابهاً قضى على آمال برشلونة في الفوز بلقب الدوري الإسباني موسم 1983 - 1984.
حملت ليلة الـ 24 من أيلول 1983 مباراة قمة بين برشلونة وضيفه اتلتيك بيلباو على ملعب «نو كامب»، في المرحلة الرابعة من «الليغا».
«البرسا» كان بقيادة المدرب لويس سيزار مينوتي متسلّحاً بأفضل لاعبين مهاريين في العالم وقتذاك أي برند شوستر و«الأسطورة» الأرجنتيني دييغو أرماندو مارادونا، فأراد أحد مدافعي بيلباو ويدعى أندوني غوكوتشيا أن يخلّد اسمه في التاريخ، فأخذ على عاتقه ترجيح كفة فريقه للموسم كلّه، كيف؟
بكل بساطة لم ينتظر أكثر من 13 دقيقة حتى كسر كاحل قدم مارادونا بتدخل عنيف لا مثيل له، فأبعد الأخير 106 أيام، وعطّل جوقة مينوتي الذي لا يمكن نسيان تصريحه الشهير في تلك الفترة: «لدي الأوركسترا وعملي هو فقط جعلها تعزف اللحن».
احزروا من فاز باللقب في ذاك الموسم؟ إنه اتلتيك بيلباو!