قد تمثّل المباراة الاخيرة لبايرن ميونيخ امام شالكه (1-1)، نقطة التحول في مسيرة الموهبة الالمانية ماريو غوتزه، اذ لا هو ولا كل المتابعين في الملعب او عبر شاشات التلفزة، صدقوا ما حصل في الدقيقة 27 من اللقاء، وذلك عندما طلب المدرب الاسباني للفريق البافاري جوسيب غوارديولا سحب الرقم 19 من الملعب واشراك المدافع البرازيلي دانتي بدلاً منه بهدف ملء الفراغ الذي خلّفه خروج جيروم بواتنغ مطروداً ببطاقة حمراء مباشرة.
عشية تلك المباراة صُوّر غوتزه على انه المنقذ القادر على انتشال بايرن من ركام الهزيمة القاسية امام فولسبورغ (1-4) الجمعة الماضي، حيث ابقاه «بيب» على مقاعد البدلاء. والنجم الالماني احتاج الى هذه المباراة لمحو الصورة الضعيفة التي ظهر عليها في الآونة الاخيرة، حيث لم يكن قد سجل او مرر اي كرة حاسمة في سبع مباريات مع بطل المانيا، وذلك رغم بدايته الممتازة في الموسم الجديد، حيث بنى لمعانه على الاداء الكبير الذي ختم به كأس العالم 2014 عندما سجل هدفاً «خرافياً» امام الارجنتين في المباراة النهائية، ليضع نجمة ذهبية رابعة على قميص «المانشافت».
الحقيقة ان غوتزه اليوم هو شبح ذاك النجم الرائع الذي دفع بايرن الى استقطابه من بوروسيا دورتموند في خطوةٍ كانت بمثابة اعلان حرب على الفريق الاصفر والاسود، فهو لم يعد يعرف اصلاً ما هي قيمته الحقيقية في تشكيلة غوارديولا، واذا ما كان يعدّ من المفاتيح الاساسية او انه مجرد ورقة يرميها مدرب برشلونة السابق فقط لسدّ الفراغات.
بعض استراتيجيات غوارديولا تضرّ
بلاعبين مثل غوتزه


اما الاكيد فان تراجع مستوى غوتزه لا يتحمله هو على نحو مباشر على اعتبار ان دوره اصبح محدوداً وغير واضح في الفترة الاخيرة، وبالتالي لم يعد بامكانه السير في خط تصاعدي على صعيد تطوير نفسه ليتلاقى مع التوقعات التي قالت دائماً انه سيرتقي الى مصاف النجوم الكبار، وخصوصاً بعدما انضم الى احد اكبر واقوى الاندية في العالم.
ومما لا شك فيه ان الخيارات الاستراتيجية التي يعتمدها غوارديولا في كثيرٍ من الاحيان تساهم بشكلٍ او بآخر بتدمير موهبة غوتزه، فهو عندما يشعر بالضغط من قبل فريقٍ ما، يذهب الى التضحية بأحد مهاجميه. وفي هذه الحال لا يسحب رأس الحربة الاول (البولوني روبرت ليفاندوفسكي مثلاً)، بل يعمد الى التضحية بالمهاجم المساند له، الذي غالباً ما يكون لاعب الوسط الهجومي، فيأتي الخيار على توماس مولر احياناً وعلى غوتزه في احيانٍ عدة.
وكل هذه المسألة ناتجة من استراتيجية بدت مقلقة في مكانٍ ما، اذ ان خط الدفاع المتقدّم الذي تسبّب بخروج بايرن من دوري الابطال امام ريال مدريد الاسباني الموسم الماضي، لا يزال ضمن خيارات «بيب» والدليل انه اعتمده امام فولسبورغ فتسبّب بكارثة اخرى لفريقه، رغم انه اعترف سابقاً بمسؤوليته عن تلك الخسارة امام الفريق الملكي.
وبطبيعة الحال، هذه الخطة لا تقضي فقط على الهيكلية العامة للفريق، بل إنها ايضاً تشغل لاعبي الوسط المهاجمين في مهمٍات دفاعية اكبر لكونه يصبح مطلوباً منهم مساندة خط الظهر المكشوف. وهذه المسألة ايضاً تكشف عورات لاعبين معينين لا يجيدون الواجبات الدفاعية بالشكل المثالي، ومنهم غوتزه، ما يعزّز امر عدم اخذه في الحسبان عند وضع الخيارات الاساسية عشية المباريات التي تعتمد فيها طريقة دفاعية من هذا النوع. هذه الطريقة تكبّل المهاجمين وتشتت تركيزهم بين واجبين على ارض الملعب ولا تعطيهم الفرصة للتصرف بحرية او تسلّمهم الكرات على نحو وفير.
اذاً غوتزه هو ضحية منظومة عامة، ونظام كان من المفترض ان يخدمه لكي يتلاقى مع ذاك اللقب الذي وُسِم به يوماً عندما اطلقت عليه الصحف المحلية في بلاد «البوندسليغا» اسم «ميسي المانيا»، لكن اذا ما استمر عليه الوضع على ما هو عليه مع بايرن، فانه ليس امام الشاب الموهوب سوى البدء باتخاذ الاجراءات لحماية موهبته، والا فسيكون مصيره على غرار من سبقه الى بافاريا وخرج خائباً منه، ليصبح بعدها تائهاً وباحثاً عن نفسه وعن امجاده الضائعة.




قطر تريد «بيب»

ذكرت صحيفة «سبورت بيلد» الألمانية أن قطر ترغب بالتعاقد مع جوسيب غوارديولا لقيادة منتخبها في مونديال 2022. وكان غوارديولا (44 عاماً) سفيراً لملف قطر 2022، وهو تواجد اخيراً في الدوحة ضمن معسكرٍ للفريق البافاري، وقد قال عن المونديال القطري الذي أثيرت حوله عدة شبهات: «يجب أن يُساعد الشعب القطري على تنظيم أفضل نهائيات. سيتابع كل الناس البطولة وآمل أن يثبت الناس هنا قدرتهم على استضافة هذا الحدث الكبير».