شربل كريمإنه أمرٌ لا يمكن تصديقه. الفرق الألمانية الأخرى تدخل مبارياتها وكأنها مستهترة بالفريق الذي تواجهه، وهذا الفريق ليس سوى بايرن ميونيخ العريق الذي كان حتى الأمس القريب يسحق غالبيتها بنتائج عريضة. ما حصل في المباراة أمام بوخوم السبت الماضي (3 ــ 3) يدلّ على أن فرق الدوري الألماني لكرة القدم لم تعد ترفع الراية البيضاء عند تقدّم بايرن عليها بفارق هدفين مثلاً، ويأتي قتالها الآن لإدراك التعادل أو تحقيق الفوز، لا لأن قوّتها أصبحت تضاهي منافسها، بل لأنها بكل بساطة لم تعد تحترم الفريق البافاري مدركةً أن هالته الباهرة سقطت وهو يترنّح بانتظار أن يوجّه أحدهم الضربة القاضية إليه ليسقط خالي الوفاض، تماماً كما حدث قبل موسمين عندما فشل حتى في حجز مقعدٍ مؤهل إلى مسابقة دوري أبطال أوروبا.
صحيح أن الحديث عن فقدان بايرن ميونيخ للقبَيه المحلّيّين وتعثّره في دوري الأبطال لا يزال مبكراً، لكن ما نشهده من تذبذب في مستواه وعدم قدرته على الإمساك بزمام المباراة ينبئ بالأسوأ في الأسابيع القليلة المقبلة، وقد يكون بداية نهايةٍ مبكرة لموسمٍ توقّعه القيّمون زاهراً بقيادة مدربٍ جديد هو يورغن كلينسمان.
طبعاً لا يتحمّل المدرب القادم بأفكاره الغريبة في الملعب وبعيداً عنه، المسؤولية كاملة عمّا يحصل، فهو أصلاً يعيش صافرات الاستهجان على خلفياتٍ أخرى، إذ إن الجمهور نسي أهدافه المميزة لاعباً مع فريقها في منتصف تسعينيات القرن الماضي، فبدأ بالثأر منه بسبب إبعاده الكابتن السابق أوليفر كان من بين خشبات المنتخب الألماني لمصلحة حارس بوروسيا دورتموند السابق ينس ليمان.
إذاً، بغضّ النظر عن حاجة «كلينسي» إلى الوقت لترجمة استراتيجيّته، والأخطاء القاتلة التي يسبّبها الحارس الشاب ميكايل رينسينغ بسبب افتقاره إلى الخبرة، تتحمّل إدارة بايرن المسؤولية الكبرى عن كارثةٍ تلوح في الأفق، والسبب الأساسي لإمكان حدوثها هو البخل.
نعم إنه البخل المكلِف، إذ إن بايرن ميونيخ يدفع الآن ثمن بخل إدارته والسياسة الفاشلة التي تتبعها بإدارة أولي هونيس، الذي يستغل كل مناسبة إعلامية للظهور منتقداً النوادي الأخرى التي تصرف المبالغ الكبيرة من أجل استقطاب نجوم اللعبة، غافلاً أن هذه النوادي أضحت تسبقه بمسافةٍ طويلة، وأن استثماراتها في اللاعبين يكون مردودها مزدوجاً أي الألقاب والجوائز المالية في آن معاً.
لم تعد «البوندسليغه» بطولة تضم 18 نادياً يخرج بايرن ميونيخ من بينها فائزاً في نهاية كل موسم. فعلاً يحتاج «هوليوود» الكرة الألمانية الآن إلى تدخّل «آلهة كرة القدم» لإنقاذه.