عادت كرة القدم للصالات «فوتسال» إلى مدرستها عبر استضافة البرازيل كأس العالم السادسة في مدينتي ريو دي جانيرو وبرازيليا، حيث يتنافس 20 منتخباً للتربع على عرش اللعبة الذي تتبوأه إسبانيا
البرازيل ــ بول الأشقر
ولدت لعبة الفوتسال في ثلاثينيات القرن الماضي في مدارس ساو بولو البرازيلية، وعرفت نمواً متواصلاً في كل دول أميركا الجنوبية، وصارت تستقطب أعداداً كبيرة من الممارسين لها. في نهاية الثمانينيات، متأثرة برواج الألعاب المشتقة من الكرة التقليدية، قرّر الاتحاد الدولي لكرة القدم «الفيفا» الذي كان حتى ذلك الوقت ينظر إلى هذه الالعاب بشيء من الازدراء ويمنع القيّمين عليها استعمال كلمة «فوتبول» في تسميتها، ضمّ الفوتسال تحت جناحه ودمجه في هيكليتها.
واللافت أنه قبل تبني «الفيفا» للفوتسال نظمت ثلاثة مونديالات، وقد فازت البرازيل بأول اثنين والباراغواي بالثالث. وفي عهد «الفيفا»، فازت البرازيل بالبطولات الثلاث الأولى (1989، 1992، 1996) قبل أن تنجح إسبانيا في كسر احتكار البرازيليين عام 2000 ثم الحفاظ على لقبها عام 2004.
وإذ لا يمكن مقارنة شعبية الفوتسال بأي شكلٍ من الأشكال مع شعبية اللعبة الأم في البرازيل، فإنه لا يخفى على أحد أن اللعبة تشدّ انتباه الجمهور بعدما خرجت أسماء لمعت في الملاعب الأكبر على غرار رونالدو وجونينيو اللذين بدأ مسارهما نحو النجومية في صالات الفوتسال.
اللافت في بطولة 2008 هو الجمهور البرازيلي الذي يتنفس اللعبة الشعبية الأولى في العالم ويتابع الفوتسال عن كثب منذ ثماني سنوات تقريباً وتحديداً أفضل لاعب في العالم عام 2004 فالكاو (31 عاماً)، الرجل الأكثر مهارة على كوكب الفوتسال، الذي لم يتمتع بعد بفرحة رفع الكأس.
يذهب الجمهور البرازيلي إلى الملعب لرؤية بهلاونيّات فالكاو، الذي عُرف عنه أنه يدخل إلى أرض الملعب غير مبالٍ بما يُسمى الخطط التكتيكية.
وهو الجمهور نفسه الذي يطالب باللقب ولا يفهم كيف يخسر منتخبه الذي يتفوّق بمهارته مرتين متتاليتين من المنتخب الإسباني نفسه.
وفي محاولة لإيجاد الحلقة المفقودة، دعا الاتحاد البرازيلي المدرب باولو سيزار دي أوليفيرا الذي بدأ يلقن هذه الخطط التكتيكية مردداً بين اللاعبين: «الأفضل هم الإسبان، وهم النموذج الذي علينا أن نقلّده، على الأقل حتى استعادة اللقب».
في البداية، لم تكن المهمة سهلة، إذ خرج فالكاو بضغط من محبيه ليجرّب مهارته على ملاعب الكرة التقليدية. ورغم أشهر من التحضير، لم ينجح اللاعب الأعسر الفنان بهذه النقلة، وعاد إلى الصالات مدركاً أولوية الخطط التكتيكية التي اعتبرها سابقاً تكبيلاً لمهاراته، لكنها بدت لاحقاً كأنها تسمح لمهارته بأن تبرز طبيعياً وتساعد البرازيل على استعادة اللقب.

بين البرازيل وإسبانيا

يرجح المراقبون بلوغ إسبانيا والبرازيل المباراة النهائية.
إسبانيا، ويقودها الكابتن يافي (34 عاماً) الذي يشارك في موندياله الرابع، أثبتت أن انتصارها عام 2000 لم يكن مجرد صدفة، إذ عرفت كيف تكرره وهي تطمح الآن إلى معادلة عدد ألقاب «منتخب السامبا» على أرضه.
أما البرازيل التي تملك أعلى معدل أعمار في تشكيلتها، فقد تستفيد من عامل الخبرة وسعي هؤلاء اللاعبين إلى إنهاء مسيرتهم في القمة وسط اقتناع الجمهور بأن الوقت حان لتستعيد «أم الطفل» الإمساك بمقاليد اللعبة.


المنافسة قبل النزهة

بدا عبر مونديال البرازيل أن الفارق بين مستوى المنتخبات تقلّص بنسبة عالية. ومن المؤكد أن فرقاً مثل روسيا وإيطاليا التي تضم عدداً من البرازيليين المجنّسين، أو الأرجنتين والبرتغال وإيران ومصر التي تشارك للمرة الرابعة لم تسافر إلى ريو دي جانيرو للنزهة فقط