شربل كريّملا يبدو أن سائق «ماكلارين مرسيدس» البريطاني لويس هاميلتون تعلّم شيئاً من درس الموسم الماضي، بأنه لا يفترض به أن يبدأ الاحتفال قبل رؤية علم خط النهاية، وهو بالتأكيد لن يرى العلم الأبيض والأسود إذا بقي الغرور يعمي بصيرته.
يتصرّف هاميلتون اليوم كأن لقب بطولة العالم لسباقات سيارات الفورمولا 1 أضحى في جيبه، وذلك رغم أنه يقف في صدارة الترتيب العام للسائقين بفارق ست نقاط فقط عن أقرب ملاحقيه سائق «فيراري» البرازيلي فيليبي ماسا، وقد أثار تصريحه الأخير الذي قارن فيه نفسه بالأسطورة الألماني المعتزل ميكايل شوماخر زوبعة من الانتقادات، إذ حتى الصحافة البريطانية التي تمجّد انتصاراته عادةً وقفت صامتة ومستغربة قوله: «أنا لست الرقم 2 أياً كان السائق الآخر في فريقي، حتى لو كان ميكايل شوماخر».
في الحقيقة، يبدو تصريح هاميلتون مفاجئاً إلى أبعد الحدود، وخصوصاً بعدما أكد لي مدير فريق «سوبارو» في بطولة العالم للراليات الشهير ديفيد ريتشاردز عند حديثنا عن صراع هاميلتون ـــــ فرناندو ألونسو في ماكلارين الموسم الماضي، أن «الأول ولدٌ صالح، ولست أقول هذا لأنني بريطاني، والثاني متعجرف وقد كانت لي تجربة شخصية معه في هذا المجال (سارداً قصة بكاء نجله بسبب تجاهل الإسباني أسئلته عندما طلب إليه ريتشاردز إيصال الفتى إلى الفندق في موناكو)».
صراحة، توقعت دائماً أن تصل «العجرفة الإنكليزية» إلى رأس هاميلتون الشاب العديم الخبرة والمدلّل عند مدير «ماكلارين» رون دينيس، لكن ما لم أتخيّله أن يضع نفسه بكل بساطة بمنزلة السائق الذي حطّم كل الأرقام القياسية وظفر باللقب العالمي سبع مرات، فهو لم يفز بشيء حتى الآن، وإذا فاز باللقب هذا العام يبقى أمامه طريق طويل للاقتراب على الأقل من أرقام «شومي» في النقاط والانتصارات والانطلاق من المركز الأول.
صحيح أن هاميلتون هو أفضل سائق على الحلبات الرطبة حالياً، تماماً كما كان شوماخر في عصره، وصحيح أنه يقود كما الأخير بأسلوب «الكارتينغ» لناحية تجاوزه منافسيه بطرقٍ غير كلاسيكية، لكن هاتين النقطتين هما ضمن سلسلة لا تنتهي من نقاط القوة البارزة في مسيرة الألماني، الذي لا أذكر أنه اصطدم بأحد من الخلف في خط الحظائر على غرار ما فعله هاميلتون باصطدامه ببطل العالم الفنلندي كيمي رايكونن سائق «فيراري» في مونتريال.
لا يمكن نكران أن هاميلتون سائق موهوب وما سطّره في موسمه الأول في الفئة الأولى كان إنجازاً استثنائياً، لكن لا يمكنه أن يتجاهل أنه لو سنحت الفرصة لغيره من السائقين الموهوبين أمثال الألمانيين نيكو روزبرغ وسيباستيان فيتيل لقيادة سيارة مميّزة مثل تلك التي يقودها لربما فعلوا أشياء لا تنسى.
شيء آخر يجهله هاميلتون وهو أنه كان سيعدّ محظوظاً لو سنحت له الفرصة لمواجهة شوماخر كخصمٍ قبل أن يكون زميلاً له لأنه كان سيستفيد من دون شك من منازلته، تماماً كما استفاد ماسا الذي لا يستُبعد أن يخطف اللقب من أمام ناظري البريطاني إذا واصل أداءه القوي.
للأسف اعتزال شوماخر جعل السرعة على الحلبات أبطأ، وعلى شاكلة بطء فهم بعض السائقين الدروس الأساسية في اللعبة.
الدرس الأول لهاميلتون عنوانه: التاريخ لا يذكر سوى الأبطال.
أما الدرس الثاني، فهو قاعدة يعرفها الجميع في الفورمولا 1 وتقول «لا تقارن نفسك أبداً بشوماخر إلا إذا أردت أن يسخر منك الجميع».