بشمسها الحادّة وشواطئها الهادئة، تتحوّل جزيرة قبرص المجاورة وجهة أساسية للكثير من اللبنانيين الذين يقصدونها لقضاء عطلهم الصيفية، كما أنها كانت ملاذاً لعددٍ من العائلات خلال الحرب، وقد أضيف الآن سبب آخر للقيام بزيارة خاطفة إليها وهي مباريات كرة القدم
شربل كريّم
في كل مرّة يصل فيها منتخب أوروبي كبير إلى قبرص، يغتنم مشجعو اللعبة الشعبية الأولى هذا الأمر، ويشدّون الرحال باتجاه هذه الجزيرة، فتجد الأعلام اللبنانية في المدرجات بين يدي الوافدين وأولئك الذين يقيمون هناك بين العاصمة نيقوسيا ولارنكا حيث يعملون. ولن تختلف الحال هذه المرّة مع وصول المنتخب الإيطالي بطل العالم للعب في ضيافة نظيره القبرصي ضمن المجموعة الثامنة للتصفيات المؤهلة إلى نهائيات كأس العالم 2010 المقررة في جنوب أفريقيا، إذ ستنقل الرحلة «343 CY» صباح السبت معها العشرات من الشبان، والشابات هذه المرّة (المعجبات باللاعبين الطليان)، لمتابعة المباراة المذكورة، تماماً كما كانت عليه الحال في أيلول 2002 عند حضور فرنسا بطلة أوروبا وقتذاك لمواجهة قبرص (2ـــ1) في تصفيات «يورو 2004»، ثم عند قدوم ألمانيا (1ـــ1) في تشرين الثاني 2006 ضمن تصفيات البطولة القارية أيضاً.
طبعاً الفرصة استثنائية لمقابلة أبرز نجوم اللعبة حول العالم، ولحضور مباراة على مستوى عالٍ بعدما أظهر المنتخب القبرصي تطوّره في الفترة الأخيرة، ووقف ندّاً عنيداً لمنافسيه، وهذا الأمر انسحب على الأندية القبرصية أيضاً، وآخرها انورثوزيس الذي تأهل من الأدوار التمهيدية إلى دور المجموعات في مسابقة دوري أبطال أوروبا، حيث سيواجه انتر ميلان بطل إيطاليا وفيردر بريمن الألماني وباناثينايكوس اليوناني ضمن المجموعة الثانية، وهي فرصة أخرى لمحبي الكرتين الإيطالية والألمانية لمتابعة فريقين يضمان عدداً من النجوم المختلفي الجنسية.
وبالتأكيد ليس بالضرورة أن يكون جميع المتّجهين لحضور مباراة السبت سينادون بعبارة «فورتزا إيطاليا» الشهيرة، إذ إن فوز إيطاليا بلقب مونديال 2006 جذب البعض للسفر من أجل رؤية النجوم أبطال العالم، بينما سيدفع آخرون ثمن تذكرة الدخول (25 يورو) للشماتة بمشجعي الطليان في حال تعثر منتخبهم أمام القبارصة.
لكن في كل الأحوال، تبدو «الهجرة الرياضية» لتعويض الفراغ الكروي الذي يعيشه اللبنانيون، و«لعدم وجود كرة قدم حقيقية في لبنان، إذ لن نجرؤ على مجرد التفكير باستضافة أي منتخب كبير يوماً في بلادنا» على حدّ قول أحدهم على هامش مباراة ألمانيا وقبرص قبل عامين.

استعادة ذكريات 1983

وعموماً، المباراة نفسها تمثّل حدثاً استثنائياً بالنسبة إلى أبناء الجزيرة أيضاً، الذين من دون شك سيستعيدون ذكريات قدوم الطليان أبطالاً للعالم في شباط 1983 ضمن تصفيات كأس أوروبا، حيث صرّح الحارس دينو زوف عشية اللقاء الذي أجري في ليماسول بأن منتخبه لن يتلقى أي هدف، ثم تفاجأ هو نفسه باهتزاز شباكه بواسطة كريستاكيس مافريس قبل أن ينقذه فرانشيسكو غراتزياني مقتنصاً التعادل الصعب.
تلك النتيجة رفعت لاعبي قبرص إلى مرتبة عظماء البلاد، ودعاهم الرئيس السابق سبيروس كيبريانو إلى القصر الرئاسي، وبدأ المشجعون المحليون يخرجون من عقلية تشجيع فرق باناثينايكوس وأولمبياكوس وأيك أثينا اليونانية، إلى مؤازرة منتخبهم وأنديتهم على الساحة القارية.
وتكرّر اللقاء مع الطليان في تصفيات «يورو 1992»، حيث فاز «الأتزوري» ذهاباً وإياباً، لكن نتائج منتخب قبرص الأخيرة تؤكد أنه إذا كان في يومه فسيكون منتخب مارتشيلو ليبي محقاً لشعوره بالقلق في بداية المشوار الأوروبي.


تعلّّموها من مخترعيها

دخلت كرة القدم إلى جزيرة قبرص في بداية القرن العشرين بواسطة البريطانيين الذين يُقال إنهم اخترعوا اللعبة، وبدأت تنتشر في المدارس قبل أن تتنامى شعبيتها وتنشأ الأندية التي يبلغ عددها اليوم في الدرجة الأولى المحترفة 14 نادياً، وأبرزها أنورثوزيس وأومونيا