نهاية أسبوع استثنائية عاشها السائق الألماني الشاب سيباستيان فيتيل، مقتحماً سجلّ القياسيّين في بطولة العالم لسباقات سيارات الفورمولا 1 عبر إحرازه المركز الأول في جائزة إيطاليا الكبرى، المرحلة الـ14 من البطولة، التي استضافتها حلبة مونزا الشهيرة. وبعدما بات أصغر سائق ينطلق من المركز الأول، سطّر فيتيل رقماً قياسياً آخر بفوزه في سن الـ21 عاماً و73 يوماً بإحدى جولات الفئة الأولى وسط دهشة كل المتابعين في مونزا ومن خلال شاشات التلفزة حول العالم.عاد النشيد الألماني ليعزف على أعلى منصّة التتويج، وهو أمر غاب عن الفورمولا 1 منذ اعتزال «الأسطورة» ميكايل شوماخر بطل العالم سبع مرات (آخر سباق فاز به كان في الصين عام 2006)، والمفارقة أن السيناريو كان مشابهاً تماماً لانتصارات «شومي» في الأعوام الماضية: انطلاق من المركز الأول، سيطرة مطلقة، قيادة من دون أخطاء، فالنشيد الألماني ومن بعده الإيطالي لكون «سكوديريا تورو روسو» مجهّزة من المصنع العملاق فيراري!
انضمام فيتيل إلى سجلّ الفائزين لم يكن مفاجئاً للمراقبين عن كثب لبطولة العالم، إذ إن الشاب الأشقر برهن منذ البداية وعلى متن سيارة ضعيفة أنه موهبة قادمة بقوة إلى الحلبات، مظهراً سرعة وشجاعة وإصراراً حتى قبل وصوله إلى «تورو روسو» هذا الموسم، وتحديداً عندما قاد في أول سباق له مع «بي أم دبليو ساوبر» العام الماضي خلال جائزة الولايات المتحدة الكبرى بديلاً مؤقتاً للبولوني روبرت كوبيتسا، فحلّ ثامناً ليصبح أصغر سائق يحصد نقطة.
واللافت أن الجمهور الألماني الذي يتعقّب أخبار الفورمولا 1 يومياً لكون ألمانيا ممثلة بأكبر عددٍ من السائقين، انتظر هذا الفوز من أولئك الذين سبقوا فيتيل إلى البطولة وكسبوا سمعة مع فرق أكبر، أمثال نيك هايدفيلد ونيكو روزبرغ، كذلك فإن صورة فوز سائق «تورو روسو» برقمٍ قياسي لم يستوعبها الألمان، فهم اعتادوا على رجل واحدٍ دون سواه مارس هواية تحطيم الأرقام القياسية توالياً، أي ميكايل شوماخر.
وحتى قبل فوزه الكبير في مونزا، خرجت وسائل الإعلام الألمانية منصّبة فيتيل خليفة لشوماخر ومنحت الشاب الموهوب لقب «بايبي شومي»، ولا شك في أن فوزه بتميّز على حلبةٍ رطبة تماماً كما كان يفعل ميكايل المتخصّص على هذا النوع من الحلبات سيعيد أكثر هذه المقارنة إلى الواجهة رغم أن بطل مونزا رفضها سريعا،ً مرتكزاً على المنطق حيث لا يبدو أن أحداً من السائقين الحاليين يمكن تشبيهه بأسطورة بينيتون وفيراري صاحب 91 انتصاراً في 250 سباقاً.
وكان فيتيل قد لعب دور الزميل لشوماخر في «سباق الأبطال» عام 2007 وفاز معه باسم ألمانيا بكأس البلدان، وهو علّق قائلاً: «لا أريد أن أقارن به. إنه سائق رائع وشخص مميّز ومتواضع كثيراً. أعرفه جيداً، لذا لا أعتقد أن مقارنة من هذا النوع هي أمرٌ صائب».
بدوره، لم يتأخر شوماخر عن الإشادة بما حققه مواطنه: «لم يستطع أي شيء اعتراضه، لا العوامل المناخية، ولا تبدّل الاستراتيجيات خلال السباق. فعلاً كان عبقرياً».
أصغر سائق ظهر في إحدى جولات بطولة العالم (التجارب الحرّة لسباق تركيا عام 2006 وكان عمره 19 عاماً و53 يوماً)، وأصغر من حصد نقطة، وأصغر من تصدّر سباقاً، وأصغر من تلقى عقوبة تغريم (العام الماضي في اليابان)، ثم أصغر المنطلقين والفائزين بالمركز الأول، قد يصبح أحد أكبر سائقي البطولة الأسرع في العالم، هذا على الأقل ما أجمع عليه الكل الأحد الفائت.
(أ ف ب)