تشكل المدينة الرياضية أكبر صرح رياضي في لبنان، إلا أنها تعرضت منذ سنوات إلى الإهمال المدقع ما جعل مرافقها متآكلة وتجهيزاتها محطمة وحديدها صدئ، فوقع رئيس مجلس الإدارة رياض الشيخة حائراً في خريطة الإصلاح
إبراهيم وزنه
من أين تبدأ الورشة؟ كم تبلغ أكلاف الصرح الذي مضى 11 عاماً على ولادته مجدّداّ؟ وماذا عن سوء الإستثمار؟ أسئلة يعرف رياض الشيخة أجاباتها، بالتفصيل الممل، وهو الذي استلم ادارة المدينة مطلع العام 2003، مؤكّداً « أنها كانت في وضع مزرٍ، فالمياه تغمر الممرات الجانبية والعشب البري يغطي أرضية الملعب، والبنية التحتية في حالة سيئة، ناهيك عن وجود مولّد واحد فقط (ألف KVA)». وعند تصدّيه للمهمة، رفع الشيخة تقريراً مفصّلاً أعدّه بالتعاون مع شركة ليسيكو، وقدّرت تكاليف الترميم والصيانة 4ملايين دولار، ليستدرك « لقد وصلت اليوم الى أكثر من 6 ملايين».

خريطة الأضرار

بسبب المياه الكلسية، تعطّلت معظم الخدمات والمرافق عن تأدية عملها، ولذلك طالب الشيخة بتأمين محطة لتحلية وتكرير المياه (كلفتها 100 ألف دولار). وعلى الرغم من تعدد المنشآت والمرافق يوجد في المدينة الرياضية مولّد كهربائي واحد! والأمر يحتاج إلى مولدين إضافيين، كما أصاب الاهتراء أسفل المدرجات وداخل المكاتب، وأخيراً تم تركيب كراسي في مدرجات ملعب كرة القدم (أرضية من دون مسند ظهر) احتياطاً من لجوء الجماهير إلى تكسيرها، ويلفتنا «القيّم» على المنشآت إلى عدم وجود سور يحميها من اقتحامات المتطفلين، ويتوجّه الشيخة بالشكر إلى قوى الجيش المرابطة لتأمينها الحماية من خلال وجودها.

الاستثمار صفر!

بلغت قيمة المداخيل التي غذّت صندوق المدينة الرياضية جرّاء استثمارها عام 2003 حوالى 250 ألف دولار، ثم بدأت تتراجع حتى وصلت إلى الصفر في آخر سنتين، ثم أصبحت منشأة مخسّرة، وهنا يعترف الشيخة: « تقدّمنا بمشروع استثماري لجميع مرافق المدينة الرياضية في عام 2004، لكننا اصطدمنا بعوائق حالت دون تنفيذه، أبرزها عدم وجود الصرح الرياضي على الخريطة العقارية، فطالبنا بتعديل نظام الاستثمار ولم نوفّق في مسعانا، ولما حصلنا على عقد التخصيص في عام 2007 اصطدمنا ثانية برفض وزير المال التوقيع عليه».
وهكذا ترتسم ملامح خريطة الطريق لإعادة الروح إلى المدينة الرياضية وفق الآتي: تأمين المال اللازم لإعادة التأهيل (6 ملايين دولار)، إبرام عقد التخصيص بغية الاستفادة من الاستثمار القانوني، إخلاء سوق الخضار وإرجاعه إلى سابق عهده مرمحاً للفروسية (تيرف كلوب سابقاً).

المدينة بين الوزارة والوزير

تصرف وزارة الشباب والرياضة سنوياً مبلغاً قيمته مليار و300 مليون ليرة لخدمات المدينة الرياضية إدارياً ولوجستياً، لكنها تمنعّت منذ 3 سنوات عن دفع المبالغ كاملة على الرغم من دوران الشيخة والوزير المختص (أحمد فتفت) في فلك سياسي واحد، ولمجلس إدارة المدينة في ذمة الوزارة حالياً 3 مليارات ليرة لبنانية، وعند تأليف الوزارة الجديدة، سارع الشيخة للاجتماع بالوزير طلال ارسلان، وأطلعه على وضعية المدينة الرياضية وخطة إعادتها صرحاً نابضاً بالحياة، ووعده الوزير بوضع ملف التأهيل على طاولة مجلس الوزراء باعتبار أن لبنان سيستضيف الألعاب الفرنكوفونية العام المقبل، ووحدها «المدينة» قادرة على استضافتها بشكل لائق، وهناك سعي جاد لفلش الملعب الكبير بالعشب الصناعي.

13 موظفاً لـ 125 ألف متر مربع!

تبلغ مساحة المدينة الرياضية 125 ألف متراً مربعاً (أكثر من ثلثي المساحة تابعة للغبيري عقارياً والباقي إلى بيروت)، ويبلغ عدد الموظفين العاملين فيها 13 موظّّفاً، علماً بأن العدد يصل إلى 65 بحسب الملاك الوظيفي، وتجدر الإشارة إلى السماح لأبطال ألعاب القوى بإجراء تمارينهم على أرضها، فيما يتم استيفاء أجور رمزية من المدارس والمهنيات والجمعيات عند استعمالها للملاعب.
ولا يخفي الشيخة محاولته إنقاذ الصرح المتهالك مع الوزير السابق أحمد فتفت، ليختم «حاول الوزير فتفت، لكنه لم يتابع لانشغاله بالواقع السياسي أكثر من الرياضي».

نظرة على تاريخها

أُنشئت في عام 1957 على عهد الرئيس كميل شمعون وحملت اسمه، وفي السنة نفسها أقيمت عليها البطولة الرياضية العربية الثانية، وفي عام 1982 قصفتها الطائرات الإسرائيلية ودمّرتها، وفي عام 1995 أطلق الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورشة إعادة إعمارها ليتمّ افتتاحها عام 1997 مع استضافة البطولة العربية الثامنة، وفي العام نفسه تسلّم محمد نهاد أورفلي رئاسة مجلس إدارتها، ليتسلّم المهمة بعده رياض الشيخة (2003) ولم يزل لغاية اليوم.


خطة الإنقاذ والمشاريع الممكنة

في الحديث عن إنقاذ المدينة، يقف الشيخة مشيراً إلى خريطة ليبيّن «ضرورة إنشاء قاعة للمعارض مساحتها 10 آلاف متر مربع، وهذه ستدرّ أموالاً»، ثم يدلّ على الممرات المخصصة للدراجات ومقهى الإنترنت «كل ذلك بحاجة إلى مال، ومن أين المال؟»، مبدياً تخوّفه من أن تحول الحياة السياسية عائقاً أمام إطلاق يد التأهيل والاستثمار